الأربعاء, 22 أكتوبر 2025 01:43 AM

هل تتوسط موسكو لعودة العلاقات بين دمشق وطهران؟ زيارة لافرنتييف تثير التساؤلات

هل تتوسط موسكو لعودة العلاقات بين دمشق وطهران؟ زيارة لافرنتييف تثير التساؤلات

بعد أيام من زيارة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى موسكو ولقائه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وصل المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إلى طهران، حيث التقى بوزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي. أثارت هذه الزيارة تساؤلات حول دوافعها وعلاقتها بالعلاقات السورية-الإيرانية، خاصة بعد توقف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عقب سقوط النظام السابق.

تزامنًا مع هذه التحركات، يبرز سؤال حول ما إذا كانت موسكو تسعى للعب دور الوسيط بين دمشق وطهران لإعادة الدفء إلى العلاقات المتوترة. فإلى جانب روسيا، كانت إيران تعتبر من أبرز الداعمين لنظام الأسد المخلوع سياسيًا وعسكريًا.

وحدة سوريا على الطاولة

ناقش المبعوث الروسي ألكسندر لافرنتييف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي "الموقف المشترك" تجاه التطورات الإقليمية، مع التركيز على الحفاظ على وحدة سوريا. ووفقًا لبيان صادر عن الخارجية الإيرانية، أكد لافرنتييف وعراقجي على أهمية التشاور المستمر بين موسكو وطهران بشأن القضايا الإقليمية والدولية.

أشاد وزير الخارجية الإيراني بـ "المستوى الجيد للغاية" للعلاقات الثنائية والتعاون المتزايد بين روسيا وإيران على مختلف الأصعدة، مثنيًا على مواقف موسكو تجاه طهران في مجلس الأمن.

وأكد الجانبان على الموقف المشترك لإيران وروسيا تجاه التطورات الإقليمية، بما في ذلك "ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا"، ومعارضة أي اعتداء على سيادة البلاد وسلامة أراضيها، ومنع تحولها إلى "حاضنة للإرهاب".

يعتقد ديمتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز "الدراسات العربية الأوراسية"، أن زيارة لافرنتييف إلى طهران تأتي في توقيت حساس، وتعكس رغبة موسكو في لعب دور الوسيط. ويرى بريجع أن روسيا تدرك أن إعادة التوازن في علاقات الحلفاء داخل ما يسمى بـ "محور المقاومة" أصبحت ضرورة استراتيجية للحفاظ على نفوذها في المنطقة، خاصة في ظل الضغوط الغربية المتزايدة ومحاولة بعض الأطراف العربية فتح قنوات جديدة مع دمشق بعيدًا عن طهران.

عودة العلاقات مستبعدة

في مقابلة مع قناة "الإخبارية السورية" الرسمية، صرح الرئيس السوري أحمد الشرع بأن سقوط النظام أدى إلى إخراج الأذرع الإيرانية من المنطقة، مشيرًا إلى أن سوريا دخلت في حالة من البرود في العلاقة مع إيران. وأضاف: "بالنسبة لإيران كان الجرح أعمق بعض الشيء، ونحن لا نقول ستكون هناك قطيعة دائمة بيننا وبين الإيرانيين".

من جانبه، صرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، بأن إيران "تعتبر نفسها صديقة للشعب السوري"، مضيفًا أن قطع العلاقات بين بلدين إسلاميين تربطهما علاقات صداقة تاريخية ليس بالضرورة أمرًا دائمًا، وأن إيران تؤمن بأن مصير سوريا يجب أن "يُحدد بمراعاة حقوق جميع المجموعات العرقية وشرائح المجتمع".

لكن مصطفى النعيمي، الباحث المشارك في "المنتدى العربي للسياسات الإيرانية" (أفايب)، لا يتوقع نجاح مساعي الوساطة، مرجعًا ذلك إلى أن إيران لديها محددات للعودة إلى سوريا، منها المديونية على النظام السابق، والتي تقدر بنحو 50 مليار دولار. ويعتقد النعيمي أن طهران ستطلب شروطًا غير ممكنة التحقيق، وبالتالي فإن الجهود الروسية ستذهب سدى.

على الجانب الآخر، يرى المحلل السياسي السوري حسن النيفي أن العلاقة بين سوريا وروسيا تختلف عن العلاقة بين سوريا وإيران، على اعتبار أن روسيا دولة عظمى وصاحبة صوت في مجلس الأمن. ويعتبر النيفي أن إيران "دولة مارقة في منظور المجتمع الدولي"، وأن التقارب معها ليس في مصلحة سوريا. ويشير إلى أن "الإقبال الغربي" والانفتاح على سوريا إنما حصل على خلفية "طرد النفوذ الإيراني" من سوريا، معتبرًا أن الغرب يراهن على أن الحكومة السورية لن تتيح المجال لإيران للتغلغل مرة أخرى.

دور روسيا

يرى المحلل السياسي حسن النيفي أن العلاقة بين روسيا وسوريا لم تصل إلى الدرجة التي يمكن أن تلعب موسكو دور الوسيط. ولا يعتقد النيفي أن على أجندة الحكومة السورية مشروع "إعادة العلاقة المباشرة" مع إيران، مشيرًا إلى أن تصريحات الشرع حول العلاقة مع طهران ليست دلالة على رغبة سوريا في تعزيز علاقتها معها، وإنما "هو (الشرع) يريد أن يكون خطابه متوازنًا وليس عدائيا".

أما الباحث الروسي ديمتري بريجع فيرى أن الكرملين يسعى لتثبيت نفسه كضامن للتفاهمات الإقليمية، مستفيدًا من موقعه المشترك مع الطرفين (سوريا وإيران) في ملفات الطاقة والأمن ومحاربة الإرهاب، مع إبقاء خط اتصال مفتوح يحد من أي تصعيد أو تنافس ميداني قد يضر بالمصالح الروسية في سوريا.

ورغم اتفاق الباحث مصطفى النعيمي مع بريجع أن روسيا ستعزز مكانتها من خلال إنجاح المسار، لكنه لا يعول كثيرًا على جدية طهران في الامتثال لتلك التفاهمات المبرمة.

إيران في سوريا

لطالما كان لإيران حضور قوي في سوريا، تمثل في دعمها للرئيس المخلوع، بشار الأسد، ونظامه عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا منذ اندلاع الثورة عام 2011. وبينما تدّعي إيران أن وجودها في سوريا كان "استشاريًا"، تشير الوقائع والدراسات إلى أنها أرسلت عشرات الآلاف من عناصر الميليشيات ومولتهم وأدارتهم، كما استغلت سفارتها في دمشق كمركز لتنسيق العمليات العسكرية ضد الشعب السوري، ما يعزز اتهامات تورطها المباشر في دعم القمع وتأجيج الصراع.

مشاركة المقال: