أفاد مصدر قضائي فرنسي يوم الخميس، بإصدار مذكرة توقيف بحق بشار الأسد بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وقد وقّع قضاة تحقيق باريسيون على المذكرة في 29 تموز/يوليو، وذلك بعد أيام قليلة من إلغاء مذكرة التوقيف الأولى في القضية نفسها.
وكانت محكمة النقض الفرنسية قد ألغت في 25 تموز/يوليو مذكرة التوقيف الصادرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، مستندة إلى الحصانة المطلقة لرئيس دولة في السلطة، حيث كان الأسد حينها لا يزال رئيساً لسوريا. إلا أن المحكمة الأعلى في النظام القضائي الفرنسي أجازت إصدار مذكرات توقيف أخرى بحق الأسد، بعد إطاحته في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024.
وفي اليوم نفسه، طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب (Pnat)، المختص بالجرائم ضد الإنسانية، إصدار مذكرة توقيف جديدة بحق الأسد. وتأتي هذه المذكرة على خلفية الهجمات الكيميائية المنسوبة إلى النظام السوري، والتي نُفذت في 5 آب/اغسطس 2013 في عدرا ودوما، مما أسفر عن إصابة 450 شخصاً، وفي 21 آب/أغسطس 2013 في الغوطة الشرقية، والتي أدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص بغاز السارين، وفقاً للاستخبارات الأميركية.
وفي سياق متصل، صدرت أيضاً مذكرة توقيف في 16 تموز/يوليو بحق طلال مخلوف، القائد السابق للواء 105 التابع للحرس الجمهوري السوري، وفقاً لمصدر قضائي لوكالة فرانس برس. كما شملت مذكرات التوقيف الصادرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع والقائد الفعلي للفرقة الرابعة في الجيش السوري وقت وقوع الأحداث، بالإضافة إلى ضابطين رفيعين هما غسان عباس وبسام الحسن.
وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، رحّبت جانّ سولزر وكليمانس ويت، محاميتا ائتلاف المنظمات غير الحكومية المعنية بالقضية – المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، وأطباء من أجل حقوق الإنسان PHR، ومبادرة “أوبن سوسايتي جاستس” OSJI، ومنظمات منيمونيك وCRD وWND، وعدد من الضحايا، بمذكرة التوقيف الجديدة. وأكدت المحاميتان أن الضحايا دعوا باستمرار إلى نشر المذكرة بسرعة وفعالية على المستويين الأوروبي والدولي، وإلى الاستخدام الفعال لآليات التعاون، معربين عن أملهم في أن تتخذ السلطات الفرنسية إجراءات استباقية وفعالة لضمان عدم إفلات بشار الأسد من العدالة.
يذكر أن المحاكم الفرنسية أصدرت مذكرتي توقيف أخريين بحق بشار الأسد. صدرت الأولى في 20 كانون الثاني/يناير 2025 بتهمة التواطؤ في جرائم حرب على خلفية قصف منطقة سكنية مدنية في درعا (جنوب غرب سوريا) عام 2017. أما الأخرى فصدرت بتهمة التواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في 19 آب/أغسطس، وتتعلق بقصف مركز صحافي في حمص (وسط سوريا) عام 2012 ما أدى إلى مقتل المراسلة الأميركية ماري كولفين والمصور الفرنسي المستقل ريمي أوشليك. كما أُصيبت الصحافية الفرنسية إديت بوفييه والمصور البريطاني بول كونروي ومترجمهما السوري وائل العمر.
وفي هذه القضية، أصدر قضاة التحقيق في وحدة الجرائم ضد الإنسانية أيضاً مذكرات توقيف بحق ستة مسؤولين سوريين سابقين رفيعي المستوى، من بينهم ماهر الأسد وعلي مملوك، مدير المخابرات العامة السورية آنذاك. وأكدت كليمانس بيكتارت، محامية الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير وعائلة ريمي أوشليك، أن مذكرات التوقيف الثلاث هذه تعكس جوانب مختلفة من القمع الذي مارسه بشار الأسد، سواء كان ذلك ضد شعبه، بهجمات كيميائية أو من خلال الاستهداف المتعمد للمدنيين في درعا، وأيضاً عبر قمعه المتعمد للصحافيين بهدف إجبارهم على مغادرة الميدان كي لا يتمكنوا من تغطية الجرائم التي يرتكبها النظام. وأوضحت أن 17 مسؤولاً من النظام السوري السابق مستهدفون بأوامر توقيف صادرة عن المحاكم الفرنسية في أربع قضايا – القضايا الثلاث المذكورة بالإضافة إلى الاختفاء القسري ووفاة المواطنين الفرنسيين السوريين مازن دباغ وابنه باتريك اللذين اعتُقلا عام 2013. ويمكن محاكمة الرئيس السوري السابق في فرنسا، حتى غيابياً، إذا أمر قضاة التحقيق عقب التحقيق القضائي بذلك. (DW)