الأحد, 26 أكتوبر 2025 07:56 PM

سوريا: ارتفاع قياسي في أسعار الزيتون مع تراجع الإنتاج.. ما الأسباب الجذرية؟

سوريا: ارتفاع قياسي في أسعار الزيتون مع تراجع الإنتاج.. ما الأسباب الجذرية؟

سجلت أسعار الزيتون في سوريا ارتفاعًا غير مسبوق مع بداية الموسم الحالي، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، وذلك بالتزامن مع انخفاض حاد في الإنتاج ونقص كبير في المحاصيل الزراعية، لا سيما الزيتون الذي يعتبر من أهم المنتجات الاستراتيجية في البلاد.

تُعد سوريا من الدول المتوسطية البارزة في إنتاج الزيتون وزيت الزيتون، الذي يتمتع بسمعة طيبة على الصعيدين الإقليمي والعالمي. ومع ذلك، شهد الموسم الحالي تدهورًا كبيرًا في الإنتاج، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الزيتون إلى حوالي 3 دولارات أمريكية، وهو مبلغ كبير جدًا مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطنين السوريين، الذين يعانون بالفعل من موجة غلاء شملت معظم السلع الغذائية والزراعية نتيجة للظروف الاقتصادية والمناخية الصعبة وتداعيات الحرب المستمرة.

أسباب التراجع والإنتاج المتدني

أوضح المزارع أبو محمود من ريف إدلب لقناة حلب اليوم أن الموسم الحالي هو من بين الأسوأ التي مرت على المزارعين، مشيرًا إلى أن تراجع الإنتاج يعود إلى عاملين رئيسيين: الأول هو الظروف المناخية، حيث انخفض معدل هطول الأمطار إلى أقل من 40% من المعدل السنوي، مع تقلبات مناخية حادة بين البرودة والحرارة وتراجع موجات الصقيع وضعف هطول الثلوج، مما أدى إلى انتشار واسع للآفات الزراعية، حيث يعتبر انخفاض الحرارة لما دون الصفر في الشتاء عاملا مهما في القضاء عليها. أما العامل الثاني فهو الأضرار التي خلفتها العمليات العسكرية للنظام البائد، إذ تعرّضت مساحات واسعة من الكروم للتحطيب، وحُرمت مناطق كثيرة من السقاية والرعاية الزراعية نتيجة اعتداءات الميليشيات وقوات النظام على المناطق الزراعية خلال حملاتها.

وفي السياق ذاته، أكد المزارع أبو إحسان من ريف حماة الشمالي أن الجفاف الشديد وتقلبات المناخ قضت على معظم المحاصيل الشتوية كالقمح والشعير، لافتًا إلى أن المزارعين تكبدوا خسائر كبيرة بسبب موجات الحر والرياح القوية، وارتفاع تكاليف الأدوية والأسمدة وانخفاض جودتها، إضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات وغياب خدمات الكهرباء عن مناطق واسعة من الريف السوري.

تراجع حاد في أرقام الإنتاج الرسمية

وفقًا لتصريحات مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة السورية، عبير جوهر، لوكالة سانا، بلغ إنتاج الزيتون للموسم الحالي حوالي 412 ألف طن، بانخفاض تجاوز 45% مقارنة بالموسم السابق، في حين قُدّر إنتاج زيت الزيتون بحوالي 66 ألف طن فقط.

وأوضحت جوهر أن التراجع يعود بالدرجة الأولى إلى التغيرات المناخية وانخفاض الهطولات المطرية، مشيرة إلى أن 85% من زراعة الزيتون في سوريا بعلية وتعتمد كليًا على الأمطار. كما كان لموجات الحر الشديدة خلال فترات الإزهار والعقد أثر سلبي كبير على تشكل الثمار. وأضافت أن الحرائق الواسعة التي اندلعت في المناطق الساحلية وريفَي حمص وحماة الغربي ساهمت أيضًا في تقليص الإنتاج، إلى جانب كون العام الحالي يُعد من سنوات المعاومة، أي المواسم منخفضة الغلة بطبيعتها.

خطة حكومية للتخفيف من الأزمة

أكدت جوهر أن وزارة الزراعة تعمل على تنفيذ استراتيجية وطنية لتطوير سلسلة القيمة للزيتون، تتضمن تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة، وتقديم الدعم الفني للمزارعين، وتأمين غراس محسّنة، إلى جانب تحسين جودة إنتاج الزيت عبر ضبط معاصر الزيتون وفق المواصفة القياسية السورية رقم 4083، بهدف إنتاج زيت بكر عالي الجودة ومطابق للمعايير العالمية.

وبحسب بيانات وزارة الزراعة، تبلغ المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في سوريا حوالي 679 ألف هكتار، أي ما يعادل 12% من إجمالي المساحة الزراعية في البلاد، في حين يقدّر عدد الأشجار بحوالي 101 مليون شجرة، منها 90 مليون شجرة مثمرة، وتضم البلاد أكثر من 70 صنفًا من الزيتون المخصص لإنتاج الزيت وزيتون المائدة.

مشاركة المقال: