الإثنين, 27 أكتوبر 2025 01:17 AM

انتخابات اتحاد الكرة السوري: انسحابات مفاجئة وصراع على النفوذ يشتد

انتخابات اتحاد الكرة السوري: انسحابات مفاجئة وصراع على النفوذ يشتد

تشهد انتخابات اتحاد كرة القدم السوري أجواءً مشحونة بالجدل والترقب، وذلك مع إغلاق باب الترشح لرئاسة الاتحاد المقرر في 20 تشرين الثاني المقبل. تتخلل هذه الانتخابات اتهامات بالتدخلات والضغوط، بالإضافة إلى انسحابات متتالية أدت إلى تغيير خريطة المنافسة.

على الرغم من تعدد الأسماء المرشحة في البداية، انحصرت المنافسة بين قائمتي جمال الشريف وفراس تيت، بعد انسحاب فراس الخطيب وأحمد بيطار ونبيل الشحمة، وذلك في ظل نظام انتخابي جديد يعتمد على القوائم بدلًا من الترشح الفردي.

تأتي هذه الانتخابات في وقت تعيش فيه كرة القدم السورية مرحلة من الهشاشة والانقسام، مع وجود اتهامات بتضارب المصالح وتراجع الكفاءات، مما يجعل هذا الاستحقاق اختبارًا حقيقيًا لقدرة الاتحاد القادم على إنقاذ اللعبة وإعادتها إلى مسارها الصحيح.

انسحابات في آخر لحظة

أفاد المرشح فراس الخطيب في حديث مع عنب بلدي، بأن قائمته انسحبت من المنافسة بعد انسحاب مجموعة من الأصوات المؤيدة لها. وأوضح أن حوالي 15 صوتًا تم سحبها من قائمته بتوجيهات من وزير الرياضة والشباب، محمد سامح الحامض، وبالتنسيق مع رئيس لجنة النزاهة والأخلاق، فراس المصطفى، بهدف منعه من نيل التزكية ودخول الانتخابات رسميًا.

وأضاف الخطيب أنه كان أول من قدم أوراق ترشحه بشكل رسمي، مؤكدًا امتلاكه أدلة على وجود تلاعب في الأصوات والانسحابات لصالح قائمة معينة، وأنه سيقدم هذه الأدلة للجهات المختصة.

من جهته، أعلن المرشح أحمد بيطار انسحابه من سباق انتخابات رئاسة الاتحاد السوري لكرة القدم، مبررًا ذلك بعدم حصول قائمته على أصوات التزكية التي تخوله الاستمرار في الانتخابات. وذكر بيطار عبر صفحته الشخصية أن أحد المرشحين سيطر على العدد الأكبر من الأصوات (53 صوتًا) بطريقة وصفها بـ "غير أخلاقية ولا شرعية".

وكان بيطار قد أعلن عن خطة شاملة لتطوير الكرة السورية بمبلغ أولي قدره 200 مليون دولار، مخصصة لدعم المشاريع التالية:

  • تطوير البنية التحتية وتعشيب الملاعب في جميع المحافظات وفق معايير "FIFA".
  • إنشاء الأكاديمية الوطنية لكرة القدم في العاصمة دمشق بمواصفات عالمية.
  • تركيب تقنية "VAR" في ملعبين رئيسين و"VAR" متنقل في المرحلة الأولى.
  • رفع جوائز الدوري الممتاز إلى 200,000 دولار أمريكي ورفع جوائز بقية الدوريات.
  • تأمين عقود رعاية من شركات عالمية لجميع الأندية.
  • تحديث دوري كرة القدم النسائية ودعمه ليصبح دوريًا متكاملًا.
  • إرسال بعثات لتطوير المدربين وتسهيل مشاركتهم في الدورات العليا على نفقة الاتحاد.
  • رفع أجور الحكام بما يتناسب مع دول الجوار ومدّهم بجميع المستلزمات الحديثة.
  • تأمين جميع التسهيلات لجميع المنتخبات من تنقل كريم وإقامة كريمة وميزانية خاصة لتسهيل مشاركة اللاعبين المغتربين.

أما بالنسبة لقائمة نبيل الشحمة، فلم تحقق العدد المطلوب من الموافقات المعترف بها، إذ اعتمدت على موافقات أندية لا تمتلك تمثيلًا في الجمعية العمومية، لتبقى قانونية هذه الموافقات معلّقة بقرار لجنة الانتخابات.

انحصرت المنافسة بين قائمتي جمال الشريف وفراس تيت، اللذين تمكنا من الحصول على أكثر من 15 موافقة من الكيانات التي سترسل مندوبيها إلى الجمعية العمومية الانتخابية الاستثنائية.

ضمت قائمة جمال الشريف كلًا من جمال الشريف رئيسًا، ونبيل السباعي نائبًا للرئيس، وعضوية: تاج الدين فارس، أنور عبد القادر، محيي الدين دولة، وليد أبو السل، وائل حاج عبيد، محمد جمعة، أيمن حزام، مها قطريب، أُبي شقير، بالإضافة إلى مرشحي الاحتياط، سلام سعد وعثمان عثمان.

فيما ضمت قائمة فراس تيت كلًا من فراس تيت رئيسًا، وفادي دباس نائبًا للرئيس، وعضوية: يعقوب قصب باشي، تركي ياسين، عبد المجيد عبد العظيم، موفق فتح الله، يوسف ربيع الحسن، نانسي معمر، أحمد الخالد، سليم سبع الليل، محمد غادري، باسل شعار، هاني دهان.

تحالفات القوائم

أثارت قائمة الشريف وتيت جدلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، لوجود شخصيات سبق لها العمل في الاتحادات السابقة، أمثال موفق فتح الله ومحيي الدين الدولة، بالإضافة إلى رجل الأعمال فادي دباس، الذي شغل منصب رئيس اتحاد كرة القدم سابقًا، ومدير منتخب سوريا للرجال كأس آسيا 2019.

شهدت القوائم تحالفات متغيرة بين المرشحين، حيث بدأ جمال الشريف وفراس تيت جنبًا إلى جنب، قبل أن يقرر تيت الانفصال والانفراد بقائمته الخاصة، فيما انضم فادي دباس إلى قائمة تيت، ومعه مجموعة من الشخصيات البارزة والخبرات السابقة في كرة القدم السورية.

أدت التحالفات التي جرت بين عدد من المرشحين إلى اختلال في التوازن، وإقصاء العديد من الكفاءات التي كان بإمكانها أن تكون حاضرة، لو كان الانتخاب بشكل فردي.

وفي هذا السياق، قال الباحث الأكاديمي والمحلل الرياضي غيفارا الخطيب، لعنب بلدي، إنه في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، والتراجع الكبير الذي تشهده كرة القدم السورية، لا يمكن توقع نتائج أفضل من الواقع الحالي. وأوضح أن الوزير، محمد سامح الحامض، لم يتمكن من قيادة المشهد الرياضي بالشكل المطلوب، ما انعكس بصورة مباشرة على النتائج والمخرجات.

ويرى غيفارا أن الكفاءات غير موجودة في سوريا، ويجب على الفائز بالانتخابات أن يتعاقد مع كفاءات لسد النقص، أما إذا استمر بالتفكير بعقلية "تسديد فواتير انتخابية"، فعندها لا يمكن انتظار أي تقدم أو إصلاح حقيقي.

وفضّل المحلل الرياضي قائمة فراس تيت على جمال الشريف، بسبب وجود رجال أعمال، وهو الأهم حاليًا من وجهة نظره. وعن وجود فادي دباس، قال غيفارا لعنب بلدي، "إن وجود فادي ممتاز، إن لم تكن هناك مشكلات بخلفيات سياسية". وأكد أن دباس أفضل من عمل بسنوات الاتحاد في ظل الثورة السورية، رغم وجود بعض إشارات الاستفهام حول إدارته للمنتخب.

ويرى غيفارا أن دباس تمكن من جمع المعارضين والمؤيدين تحت راية المنتخب، ونجح في دعم ملف اللاعبين المحترفين، فشهدت فترته انضمام أسماء بارزة مثل محمد عثمان وإياز عثمان وغيرهما. كما تعاقد مع مدرب ألماني لنهائيات كأس آسيا 2019، وقاد المنتخب للوصول إلى الملحق الآسيوي المونديالي.

نظام انتخابي جديد

تشهد الانتخابات الجديدة لكرة القدم تعديلات لافتة في نظامها الانتخابي، أبرزها اعتماد نظام القوائم بدلًا من الترشح الفردي. ويشترط أن تتضمن القائمة امرأة واحدة على الأقل، في قائمة الأعضاء، ومدة ولاية الرئيس ونائبه والأعضاء أربع سنوات.

يجب أن تحظى كل قائمة بدعم وتأييد 15 عضوًا من أعضاء الجمعية العمومية الذين يملكون حق التصويت، ولا يجوز للعضو دعم أكثر من قائمة واحدة مرشحة.

الاتحاد القادم.. فرصة لإعادة الثقة

في المحصلة، تشكل هذه الانتخابات محطة حاسمة لكرة القدم السورية، فهي ليست مجرد اختيار لرئيس أو قائمة جديدة، بل اختبار لقدرة القيادة المقبلة على إعادة ترتيب أولويات اللعبة، ومعالجة أوجه القصور التي عانت منها الكرة السورية لسنوات، وبناء مشروع مؤسسي متماسك.

بين نظام قوائم مهتز وتحالفات متبدلة، تقف الكرة السورية أمام مفترق طرق، مع اقتراب بداية عام جديد مليء بالاستحقاقات القارية، بداية من كأس آسيا تحت 23 عامًا في السعودية، وصولًا إلى كأس آسيا للشباب والناشئين.

مشاركة المقال: