الإثنين, 27 أكتوبر 2025 02:01 PM

فيلم «بيت الديناميت»: نظرة كابوسية على هوس أمريكا بالسلاح النووي

فيلم «بيت الديناميت»: نظرة كابوسية على هوس أمريكا بالسلاح النووي

في فيلم «بيت الديناميت» (2025) المعروض على نتفليكس، تقدم المخرجة كاثرين بيغلو رؤية ديستوبية لأمريكا المهووسة بالأسلحة والخطر النووي. تدور الأحداث داخل مخبأ سري حيث يتخذ قادة الدولة قرارات مصيرية قد تقضي على البشرية في غضون دقائق. بأسلوب متوتر وبارد، تفكك بيغلو بنية السلطة الأميركية، وتظهر هشاشتها الأخلاقية والتقنية في عالم يقف على حافة الهاوية.

يذكرنا الفيلم بفيلم «فشل آمن» (1964) لسيدني لوميت، الذي تناول أزمة الصواريخ الكوبية خلال المواجهة مع الاتحاد السوفياتي. في ذلك الفيلم، اتخذ القادة قرارات مصيرية عبر الهاتف من مخبأ سري، مما أدى إلى عواقب وخيمة على البشرية.

تعود كاثرين بيغلو، الحائزة على جائزة الأوسكار لأفضل مخرج عن فيلمها The Hurt Locker (2008)، إلى هذا المنطق في «بيت الديناميت» (2025). الفيلم يقدم قصة ديستوبية مألوفة تدور أحداثها في مخبأ حيث تراقب العيون الشاشات، ويحدق المسؤولون في الرموز على خلفية البيت الأبيض بوجوه مشدودة.

هذه المرة، صاروخ نووي مجهول المصدر يتجه نحو شيكاغو، ولا أحد يعرف من أطلقه. الخرائط تومض، والوجوه تتجمد، والمدينة تستعد للنهاية.

تروي بيغلو القصة من وجهات نظر مختلفة، من مسؤولين من الصف الثاني والثالث إلى الرئيس نفسه، وتركز على الدقائق الحاسمة التي يجب فيها اتخاذ قرارات قد تكلف ملايين الأرواح.

في البداية، يبدو أن الشخصيات الرئيسية هي الكابتن أوليفيا ووكر (ريبيكا فيرغسون)، ووزير الدفاع (جاريد هاريس)، والرئيس (إدريس إلبا). لكن الفيلم يكشف عن بيروقراطية قاتلة، حيث تثبت التكنولوجيا العسكرية المتقدمة عدم كفاءتها، وتترك القرارات لتقدير أشخاص لا يملكون المعلومات الكافية.

بأسلوب استفزازي ومزعج، يكمل فيلم «بيت الديناميت» هوس السلطة الأميركية بالأسلحة، كما رأينا في فيلمي The Hurt Locker (2008) وZero Dark Thirty (2012). المنزل المليء بالديناميت هو كوكبنا، المليء بالأسلحة النووية التي قد تقودنا إلى كارثة.

الإثارة الحقيقية في الفيلم ليست في قدرة الولايات المتحدة على إيقاف الصاروخ، بل في السؤال عما إذا كان يجب الرد على الضربة فور وقوعها، وما هي أسوأ العواقب المحتملة.

في النهاية، يمتلك رئيس الولايات المتحدة سلطة اتخاذ القرار بشأن كيفية المضي قدماً. تكشف بيغلو أن الرئيس يحتفظ بكتيب يحتوي على جميع المواقع الإستراتيجية حول العالم التي يمكن قصفها، مصنفة بعناية.

تبدأ نهاية العالم، أو الحرب العالمية الثالثة، بهدوء، ثم يظهر الصاروخ على الشاشة. تتجنب بيغلو نسب الهجوم إلى أي دولة محددة، وتبني فيلمها من وجهات نظر مختلفة في عد تنازلي واحد.

«بيت الديناميت» فيلم عن الممرات والهواتف والاجتماعات السرية والمخابئ، وعن عالم مجهول للبشر العاديين. إنه عالم يحاول البقاء راكداً وبارداً، لكن من يعملون فيه هم بشر بدوافع ومشاعر تتداخل مع البروتوكولات الصارمة. الفيلم مليء بالمصطلحات العسكرية والاختصارات الغريبة مثل EKV و GBI و Defcon و Starcom.

قد لا يكون «بيت الديناميت» عملاً عظيماً، لكنه قطعة ترفيهية متماسكة تثير نقاشات سياسية وثقافية. تنسج بيغلو حبكة مشوقة وتفتح باباً لفانتازيا سياسية وحربية وإنذاراً مبكراً لسينما الكوارث. الفيلم تذكير بقدرة السينما على التلاعب بمخاوفنا.

وحين تترسخ الفكرة، لا يعود الفيلم بحاجة إلى تفسير إضافي. لا شيء أكثر رعباً من الوحش الذي لا نراه، و«بيت الديناميت» يراهن على هذا الغياب، ويترك لخيالنا مهمة إكمال الكارثة.

تعكس أفلام بيغلو الحالة النفسية المتصدعة لبلد بات ضحية لإمبرياليته الخاصة. ومن هذا المنظور، يصبح منطقياً ألا يكشف الفيلم عن هوية من ألقى الصاروخ، فأعداء أميركا كثر. لكن ما يكشفه الفيلم هو لا مبالاة وطنية لا سببها الغموض، بل القدرية. وفقاً لأطروحته، حتى حين يعمل النظام بكفاءة مثالية، سيخذل الأميركيين ليس لأن شخصاً أخطأ، بل لأن الخطأ مُدمج في البنية والمنظومة نفسها!

* A House of Dynamite على نتفليكس

مشاركة المقال: