الناصرة – من زهير أندراوس: يقرّ حتى أشدّ الصهاينة تعصبًا، بأنه على الرغم من مرور 31 عامًا على توقيع اتفاقية السلام بين الكيان والأردن، المعروفة باسم اتفاق وادي عربة، في 26 أكتوبر 1994، فإن النظامين الحاكمين في تل أبيب وعمان فشلا في الحصول على شرعية السلام من الشعب العربي الأردني. ولا يزال هذا الشعب يعتبر إسرائيل عدوًا بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، ولا يخفي معارضته العلنية لاتفاق السلام مع الصهاينة، خاصة في ظل حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها دولة الاحتلال في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، يرى البروفيسور الإسرائيلي رونين يتسحاق، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في الكلية الأكاديمية للجليل الغربي وباحث كبير بالشؤون الأردنية في مركز ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب، أن العلاقات بين البلدين تشهد تراجعًا غير مسبوق بعد مرور واحد وثلاثين عامًا على توقيع اتفاقية السلام. ورغم التعاون الأمني الوثيق والمصالح الإقليمية المشتركة، إلا أن الأجواء العامة في الأردن معادية لإسرائيل، ويبدو التطبيع الكامل أبعد من أي وقت مضى.
وتابع في مقاله المنشور في صحيفة (معاريف) العبرية، أن خطوة توقيع اتفاقية السلام في أكتوبر 1994 حظيت بتأييد شعبي واسع في المملكة الهاشمية، شمل ما يقرب من 80 بالمائة من السكان. وأوضح أن التفاؤل استند إلى وعد بعهد جديد في الشرق الأوسط، يتضمن أفقًا سياسيًا لحل الصراع مع الفلسطينيين بعد اتفاقيات أوسلو، واستقرارًا إقليميًا، ونموًا اقتصاديًا يضمن لسكان الأردن الرفاهية الاقتصادية والتمتع بثمار السلام، إلا أن الآمال سرعان ما تبددت: فلم تقم دولة فلسطينية، واستؤنف الصراع مع الفلسطينيين.
وشدد في مقاله على أن خيبة الأمل العامة كانت كبيرة، ومنذ وفاة الملك حسين عام 1999 وتولي ابنه عبد الله الثاني العرش، يتراجع دعم السلام. بالإضافة إلى ذلك، رأى أن الفجوة تتسع اليوم بين اهتمام الأردن بالتعاون مع إسرائيل وموقف الرأي العام الأردني بشكل كبير. فرغم وجود تعاون استراتيجي أساسي يتمثل في النضال المشترك ضد الجهاد العالمي والحركات الإسلامية المتطرفة (بما فيها حماس)، والاحتواء المشترك للنفوذ الإيراني والمحور الشيعي عمومًا في الشرق الأوسط (مع دول الخليج)، والتعاون العملياتي على طول الحدود، والتعاون الاقتصادي، بما في ذلك توريد المياه والغاز من إسرائيل إلى الأردن، إلا أن نسبة تأييد التطبيع مع إسرائيل قد انخفضت إلى مستوى غير مسبوق، طبقًا لأقواله.
ومضى المستشرق الإسرائيلي قائلاً: لقد أظهر استطلاع رأي عام أجرته (الباروميتر العربي) ونُشر مطلع العام الجاري أن نسبة التأييد لاتفاق السلام مع دولة الاحتلال تبلغ الآن حوالي ثلاثة بالمائة فقط، وهي أدنى نسبة على الإطلاق، والأدنى بين جميع الدول العربية التي شملها الاستطلاع. ولفت إلى أن الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين، ولكنه سيضمن أيضًا استمرار بقاء الأردن، وأدت أنشطة إسرائيل في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب إلى زيادة التوترات وتأجيج تصاعد معاداة السامية في المملكة.
وأشار إلى أن التصريحات الإسرائيلية المتكررة حول نيتها ضم أراض أو بسط سيادتها على الضفة الغربية، إلى جانب الترويج للبناء فيها وفكرة تشجيع طرد الفلسطينيين من غزة، تعتبر تهديدًا استراتيجيًا حقيقيًا لاستقرار الأردن وهويته. وخلص إلى القول إنه وراء الكواليس، كما ذكر، تستمر العلاقات الأمنية بين إسرائيل والأردن، ومن المتوقع أن تستمر في المستقبل، انطلاقًا من فهمها بأنها تخدم المصالح المشتركة. تُذكرنا ذكرى اتفاقية السلام بأن العلاقات بين البلدين شهدت أيضًا فترات أخرى من الأمل والتفاؤل، ولعله من الممكن إحياء هذه الفترات في المستقبل، على حد تعبيره.
ومن ناحيته شدد المستشرق الإسرائيلي إيلي فودا على أنه رغم الهدوء مع الأردن فإن عدم حل القضية الفلسطينية يضع النظام الأردني في معضلة تتمثل بكيفية الجمع بين ما يبدو أنهما متناقضان: مصالح المملكة ومطالب مواطنيها المتعاطفة مع الفلسطينيين، الأمر الذي تمثل في الحفاظ على أدنى مستوى ممكن من العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، وفي نفس الوقت إدارة العلاقات السرية في المجالات العسكرية والأمنية والاستخباراتية، على حد تعبيره.
وفي الختام وَجَبَ التأكيد أنّ الشعوب العربيّة، التي تُحكَم بالحديد والنار من قبل الأنظمة الرجعيّة، ترفض إسرائيل جملةً وتفصيلاً، فكَمْ بالحري التطبيع معها وتوقيع اتفاقيات السلام مع كيانٍ يقتل الفلسطينيين على مدار الساعة وببثٍّ حيٍّ ومُباشرٍ.
(اخبار سوريا الوطن 2-وكالات-رأي اليوم)