الخميس, 30 أكتوبر 2025 02:40 AM

في كوباني: العتالة مهنة شاقة لكسب الرزق ومواجهة مشقة العمل

في كوباني: العتالة مهنة شاقة لكسب الرزق ومواجهة مشقة العمل

فتاح عيسى – كوباني

في ساحة الخانات الزراعية بوسط كوباني، ينتظر رجال قدوم الشاحنات لتحميل أكياس القمح والشعير ومختلف المواد الزراعية. من بينهم عبدو شكري، عامل يبلغ من العمر 48 عامًا وأب لتسعة أطفال. يشدّ شكري قطعة قماش حول خصره ويمسح العرق عن جبينه، مستعدًا لتأمين معيشة أسرته.

يقول شكري، بينما يستريح قليلًا بالقرب من إحدى الخانات، إنه يعمل في مهنة العتالة منذ 25 عامًا. ويشير إلى أن هذا العمل يزدهر في موسم الحصاد، مما يحسن دخل العتالين، حيث يتراوح دخلهم اليومي بين 400 و 500 ألف ليرة سورية. ويرى أن إحدى مزايا هذه المهنة هي أنها تتيح له التجول في 366 قرية تابعة لكوباني. يضيف شكري مبتسمًا أنه يعتبر هذه المهنة نوعًا من الرياضة، لأن أجسادهم اعتادت عليها رغم صعوبتها.

يبلغ عدد العتالين في كوباني حوالي 50 شخصًا خلال موسم الحصاد، لكن هذا العدد ينخفض إلى أقل من 20 في بقية فصول السنة.

عمل موسمي

يشير شكري إلى أن المواسم الزراعية السيئة خلال العامين الماضيين أثرت سلبًا على عملهم ودخلهم، مؤكدًا أن الموسم الجيد يعود بالنفع على الجميع، من مزارعين وتجار وعمال.

على بعد أمتار قليلة من شكري، يجلس أحمد مصطفى، وهو أيضًا عامل يبلغ من العمر 44 عامًا وأب لستة أطفال. يقول إنه يعمل في العتالة منذ 20 عامًا، لكن عمله موسمي ويقتصر على فترة الحصاد، وبعدها ينتقل إلى مهنة أخرى. ويضيف أنه يكسب حوالي 700 دولار خلال شهري الموسم.

ويوضح مصطفى في حديثه لـ "نورث برس" أنه يحمل جوالات وأكياس القمح والشعير والعدس والذرة، بغض النظر عن نوع الحمولة، حيث يتراوح وزن الجوال الواحد بين 100 و 140 كيلوغرامًا. ويشير إلى أنه في الأيام الأولى من العمل يشعر بآلام في جسده إلى أن يعتاد على المجهود، لافتًا إلى أنه عمل سابقًا في ريف الرقة عندما كان شابًا، حيث كان يحمل جوالات القطن التي تزن أكثر من 200 كيلوغرام.

"مهنة الفقراء"

يرى مصطفى أن العتالة تعتبر "مهنة الفقراء"، لأن العاملين فيها لا يملكون رأس مال ولا مهنة أخرى. ويشير إلى أن أصحاب الخانات يتحكمون بأجورهم عندما ينخفض الطلب على العمل، ولكن ليس لديهم خيار آخر، فهي مهنة توفر لهم قوت يومهم.

أما حجي بكو، البالغ من العمر 46 عامًا وأب لأربعة أطفال، فينحني لرفع كيس قمح جديد، ويقول إنه يعمل في هذه المهنة منذ 22 عامًا، وإنه يمارسها على مدار السنة، واصفًا إياها بـ "المتعبة والمرهقة"، لكنها تزدهر في موسم الحصاد من حيث الدخل.

ويضيف بكو لـ "نورث برس" أن هناك عتالين يعملون مقابل 15 ألف ليرة للطن، وآخرين مقابل 20 ألفًا، مما يتسبب في عدم حصول جميع العتالين على فرص متساوية في العمل، مطالبًا بتوحيد الأجرة عند 20 ألفًا حتى لا يتضرر أحد، لأن من يطلب أجرة أقل يحصل على العمل.

مهنة دون نقابة

يشير بكو إلى أنه لا يوجد اتحاد (نقابة) ينظم مهنتهم، كما لا يوجد ضمان صحي في عملهم، فالمهنة تعتمد على الجسد والقوة البدنية والتحمل. ويؤكد أن الموسم الزراعي هو الذي يحدد أوضاعهم، فعندما يكون الموسم جيدًا تنتعش الحركة في السوق، فيستفيد من ذلك أصحاب السيارات والعتالون والمزارعون والتجار، أما إذا كان الموسم سيئًا فيضطر المزارعون إلى الاستدانة، وكذلك كل من يرتبط عمله بالمواسم الزراعية.

ويختتم بكو بالقول إن مهنة العتالة "شاقة" تؤثر على أكتافهم وأقدامهم، وأحيانًا لا يستطيعون حتى الجلوس لتناول الطعام من شدة التعب، لكنها تبقى مصدر رزقهم الوحيد.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: