السبت, 1 نوفمبر 2025 12:11 AM

الشرع يشن حملة ضد الفساد: إغلاق مكتب شقيقه ومصادرة سيارات فارهة لموظفين

الشرع يشن حملة ضد الفساد: إغلاق مكتب شقيقه ومصادرة سيارات فارهة لموظفين

"لم أكن أعلم أن الرواتب التي تدفعها الحكومة مرتفعة إلى هذا الحد!" هكذا مازح الرئيس السوري أحمد الشرع بعد وصول أكثر من 100 من الموالين له، إلى قاعدة سابقة للمعارضة، وكان العديد منهم يستقل سيارات رياضية فارهة، وفقًا لما ذكرته "رويترز".

وبحسب مصدرين كانا حاضرين، "وبّخ الشرع المسؤولين وقادة الأعمال المجتمعين، وتساءل عما إذا كانوا قد نسوا أنهم أبناء الثورة"، مشيرًا إلى "العدد الكبير من سيارات كاديلاك إسكاليد ورينج روفر وشيفروليه تاهو المتوقفة في الخارج".

كما سألهم عما إذا كانوا قد خضعوا للإغراءات بهذه السرعة.

وبحسب المصدرين وموظفين حكوميين اثنين على دراية بما حدث، أمر الشرع موظفي الدولة الذين يمتلكون سيارات فارهة بتسليم مفاتيحها، وإلا سيواجهون تحقيقات بتهمة الكسب غير المشروع.

وطلبت جميع المصادر عدم الكشف عن هوياتها نظرًا لسرية الأمر.

وقال الاثنان اللذان حضرا اللقاء إن "عددًا من المفاتيح جرى تسليمها لدى خروج الحضور في النهاية".

ويرى مسؤولون ومحللون سوريون أن "الرسالة الموجهة إلى الموالين تبرز تحديًا كبيرًا يواجهه الرئيس البالغ من العمر 43 عامًا، وهو كيفية التحول من المعارضة المسلحة إلى حكومة مدنية، دون تكرار الفساد الذي استشرى في دولة الأسد البوليسية".

يواجه قائد المعارضة السابق، الذي تولى حكم سوريا، حالة من الاضطرابات على مدى 10 أشهر منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد بعد حرب أهلية دامت 14 عامًا.

وشهدت البلاد من حين لآخر موجات من العنف الطائفي شاركت فيها فصائل معارضة سابقة مرتبطة بحكومته الجديدة، وأسفر هذا العنف عن مقتل أكثر من ألفي شخص، كما وقعت موجة من عمليات الإخلاء القسري ومصادرة الممتلكات.

عُقد الاجتماع، الذي لم ترد تقارير بشأنه من قبل، في قاعدة الشرع السابقة بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا بعيدًا عن مقره الرئاسي الرسمي في دمشق. وأحاط بالرئيس، الذي كان يومًا قائدًا لفرع تنظيم القاعدة في سوريا، مسؤولان أمنيان كبيران في أثناء حديثه.

وتواجه الشرعية التي اكتسبها الشرع بين كثير من السوريين وكذلك في الخارج بعد الإطاحة بالأسد اختبارًا حقيقيًا.

من جهته، قال حسام جزماتي، وهو باحث سوري في الجماعات الإسلامية، والذي درس شخصية المقاتل السابق لأكثر من عقد من الزمن، إن "الشرع يفتقر إلى أي إطار مؤسسي أو منهج يمكنه الاعتماد عليه".

وأضاف أنه "ليس نتاج مؤسسة حكومية، بل نتاج فصيل، إذ عمل منذ عام 2003 في بيئة من الفصائل المسلحة، وكانت السلطة قائمة على التحالفات والمحسوبية والاحتكار".

ولفت إلى أن "حصول الموالين على غنائم الحرب يهدد قدرته على تعزيز سلطته"، مشيرًا إلى أنه "يحتاج إلى موارد مالية كبيرة لدعم إدارته، وذلك ليس بالضرورة من أجل تحقيق مكاسب شخصية، ولكن للحفاظ على السلطة".

وبدورها، قالت وزارة الإعلام السورية لرويترز: "إن الشرع رتب اجتماعًا وديًا غير رسمي في إدلب، مع قادة سابقين ومسؤولين وشخصيات بارزة أخرى، تطرق إلى التحديات السياسية والأمنية، وكذلك الحاجة إلى تغيير ثقافة الاستثمار التي أرساها النظام السابق".

وأضافت الوزارة أنه "أكد على عدم التسامح مع أي شبهة فساد بين موظفي الدولة".

يشغل شقيقان أكبر سنًا من الشرع منصبين كبيرين في الحكومة الجديدة. ويشرف حازم على الأعمال والاستثمارات الأجنبية والمحلية في سوريا، بما في ذلك عمل مقاتلي المعارضة السابقين المكلفين بإصلاح الاقتصاد السوري.

أما ماهر، طبيب أمراض النساء الذي يحمل الجنسية الروسية، فهو الأمين العام لرئاسة الجمهورية ويرأس اجتماعات رسمية ويحضر محادثات مع شخصيات أجنبية مرموقة مثل لقاء الشرع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو هذا الشهر.

وقال عدة مسؤولين سوريين: "إن اعتماد الشرع على أقاربه والمقربين منه نابع من حاجته إلى سد الثغرات سريعًا في إدارته الجديدة عقب الانهيار المفاجئ لحكومة الأسد". فيما يرى منتقدون أن ما يحدث محاكاة تثير القلق لحكم عائلة الأسد.

لكن بحسب ستة مصادر مطلعة تشمل مسؤولين حكوميين ورجال أعمال، فإن شقيقه الأكبر الآخر ورجل الأعمال جمال وقع في قبضة حملة مكافحة الفساد الوليدة التي يقودها الشرع.

وقالوا إنه بعد تولي الشرع السلطة، أنشأ جمال مكتبًا في العاصمة دمشق أدار من خلاله مشاريع مختلفة منها أعمال استيراد وتصدير وسياحة.

وتكررت رؤيته كثيرًا في ردهات الفنادق والمطاعم الراقية التي كان يذهب إليها في سيارة مرسيدس إس-كلاس سوداء اللون ذات نوافذ تحجب الرؤية ولا تحمل لوحة ترخيص.

وأفادت المصادر لرويترز بأن "الشرع أمر بإغلاق المكتب في آب/أغسطس، وأصدر تعليماته للجهات الحكومية بعدم التعامل مع شقيقه".

وأضافت المصادر أن "القرار يتعلق باتهامات باستغلال جمال صلته بالرئيس لترتيب عشرات الاجتماعات مع مسؤولين حكوميين وتجاريين لتحقيق مصالحه الشخصية".

ويستخدم الشمع الأحمر كثيرًا في دول المنطقة، بما في ذلك سوريا، مع العقارات التي صدر أمر بإغلاقها في انتظار نتائج تحقيقات حول ارتكاب مخالفات.

وأكدت وزارة الإعلام السورية إغلاق المكتب. وقالت لرويترز "غير مسموح لجمال الشرع بالعمل كجهة استثمارية أو تجارية"، مضيفة: "أوضحت الرئاسة منذ تشكيل الحكومة أن جمال الشرع لا يشغل أي منصب رسمي".

وبعد فترة وجيزة من إغلاق مكتب جمال، عقد الشرع لقاء مع أفراد العائلة حضره والده البالغ من العمر 79 عامًا، وحذرهم من استغلال اسم العائلة لتحقيق مكاسب شخصية، بحسب أحد أقاربه الذين كانوا في اللقاء.

جاء التحذير الذي وجهه الشرع إلى الموالين له في آب/أغسطس، في أعقاب شكاوى من مواطنين سوريين في اجتماع مع الرئيس في وقت سابق من ذلك الشهر بشأن علامات البذخ التي ظهرت على بعض المعارضين السابقين الذين يعملون الآن في الخدمة المدنية، وفقًا لأحد الحاضرين.

ومنذ ذلك الحين، يكرر الشرع حديثه علنًا في دمشق عن مكافحة الفساد.

في مقطع فيديو بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر وبثته وسائل الإعلام الرسمية، أبلغ الشرع المسؤولين بضرورة الكشف عن استثماراتهم الحالية وبحظرهم من الدخول في مشاريع خاصة جديدة. ودعا كذلك إلى تجنب العلاقات الشخصية مع رجال الأعمال محذرًا إياهم من تكرار النموذج الذي ساد في عهد الأسد.

ولكن وفقًا لمقابلات مع تسعة من رجال الأعمال السوريين والمسؤولين السابقين والحاليين، لا يزال الفساد موجودًا في سوريا في حقبة ما بعد الأسد، بما في ذلك دفع الرشوة للخروج من السجن أو استعادة المنازل والمركبات وغيرها من الممتلكات الثمينة التي صادرها أعضاء بالنظام الحاكم الجديد.

وقال أحدهم إنه "دفع 100 ألف دولار لإطلاق سراح أحد العمال، ليتم إبلاغه لاحقًا بأن عليه دفع 100 ألف دولار أخرى إذا أراد السماح للموظف باستئناف العمل".

مشاركة المقال: