السبت, 1 نوفمبر 2025 07:35 AM

الأمم المتحدة تحذر: تجدد العنف في سوريا يهدد بتقويض الاستقرار الهش

الأمم المتحدة تحذر: تجدد العنف في سوريا يهدد بتقويض الاستقرار الهش

حذرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية اليوم من أن تجدد أعمال العنف الوحشية يقوض التفاؤل الذي تحقق بصعوبة بعد سقوط الحكومة السورية السابقة في العام الماضي.

وفي حين أشادت اللجنة بالخطوات الأولية المتخذة لأجل تحقيق العدالة، أعربت عن قلقها العميق من أن تكرار المجازر وانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك تلك التي يُزعم ارتكابها على يد أفراد قوات الأمن التابعة للحكومة المؤقتة، قد يجر البلاد إلى دائرة الصراع من جديد.

وفي كلمة ألقاها رئيس اللجنة باولو سيرجيو بينهيرو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حث السلطات المؤقتة في سوريا والدول الأعضاء على معالجة الأسباب الكامنة وراء أعمال العنف الأخيرة ومنع تكرارها.

وقال بينهيرو: "مستقبل سوريا على المحك، والبلاد بحاجة ماسة إلى مساعدة تتجاوز بكثير النداء الإنساني الذي لا يزال يعاني من نقص حاد في التمويل."

منذ كانون الأول/ديسمبر 2024، عاد أكثر من مليون لاجئ سوري إلى ديارهم، مدفوعين بموجة غير مسبوقة من التفاؤل. وقد استند هذا التقدم إلى إنشاء هيئة العدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين حديثًا، واللتين رحبت بهما اللجنة باعتبارهما تمثلان خطوات حاسمة نحو تحقيق العدالة للضحايا.

وعلاوة على ذلك، منحت السلطات المؤقتة اللجنة إمكانية الوصول الكامل إلى مختلف أنحاء البلاد لإجراء زيارات ميدانية، بما في ذلك إلى اللاذقية وطرطوس والسويداء والمناطق المحيطة بها.

وأضاف بينهيرو أنه "على الرغم من الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة من أجل بناء الدولة، فإن موجات العنف المقلقة المتكررة قد خففت من التفاؤل بشأن قدرة السلطات المؤقتة على وضع حد لدورات العنف المتجذرة في سوريا."

ففي آذار/مارس، قُتل ما يقدر بنحو 1400 رجل وامرأة وطفل في مجازر وقعت في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، بما في ذلك على يد أفراد من قوات الأمن التابعة للحكومة المؤقتة، بسبب هجمات منسقة شنتها قوات موالية للحكومة السابقة. وصوّر مسلحون أنفسهم وهم يرتكبون انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تستهدف المدنيين العلويين، بما في ذلك عمليات إعدام، أو وهم يمرون بجوار جثث محترقة متناثرة في الشوارع.

وقال بينهيرو: "ما يثير القلق أن اللجنة لا تزال تتلقى تقارير عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء وتعذيب وسوء معاملة وتشريد قسري للمدنيين العلويين في دمشق والمحافظات الغربية."

وخلال الزيارات الأخيرة إلى مدينة السويداء والمناطق الريفية في السويداء التي تضررت بشدة من العنف في تموز/يوليو، التقت فرق اللجنة بضحايا وناجين وشهود من جميع الطوائف الذين أفادوا بمقتل أفراد من عائلاتهم. وتواصل اللجنة تحقيقاتها، ولكن في الوقت الحالي، هناك احتياجات إنسانية هائلة للمجتمعات النازحة الدرزية والبدوية على حد سواء، مما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة مع اقتراب فصل الشتاء.

وأكد بينهيرو على القلق المتزايد بشأن العنف والتمييز ضد النساء، مستشهدًا بتقارير متعددة عن اختطاف نساء وفتيات من قبل مسلحين مجهولين، حيث تعرضت بعضهن للعنف الجنسي والزواج القسري. وتفيد العائلات بعدم اتخاذ السلطات المحلية أي إجراءات للتحقيق في حالات الاختفاء هذه. ومن الضروري بذل جهود إضافية سريعة وملموسة لمحاسبة الجناة وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمعات المتضررة.

ويشمل ذلك مكافحة التحريض، سواء عبر شبكة الإنترنت أو خارجها، الذي يغذي العنف في المناطق الساحلية وفي السويداء وأماكن أخرى. فخطابات الكراهية المشحونة، إلى جانب الصورة السائدة عن إمكانية الإفلات من العقاب بعد المجازر المتكررة، تثير مخاوف جدية من أن الوضع مهيأ لمزيد من العنف ما لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة للإصلاح والوقاية.

ووفقًا للسيد بينهيرو: "التحديات التي تواجه السلطات المؤقتة هائلة وتتطلب اهتمامًا متضافرًا ودعمًا وموارد من الدول الأعضاء لمواجهتها."

كما أعربت اللجنة عن قلقها البالغ إزاء التدخلات الخارجية، ودعت الدول الأعضاء إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع التهجير القسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين نتيجة تقدم إسرائيل إلى جنوب سوريا في كانون الأول/ديسمبر الماضي، فضلاً عن استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية. فتدخّل دول ثالثة يهدد بتأجيج الصراع وإلحاق المزيد من المعاناة بالشعب السوري.

ولا تزال التوترات مستمرة في شمال شرق سوريا، حيث أفادت التقارير بوقوع اشتباكات في مدينة حلب وبالقرب من سد تشرين في أوائل تشرين الأول/أكتوبر.

وصرّح بينهيرو: "إن سوريا البلد الآمن الذي يحترم الحقوق، ويعكس التنوع الفسيفسائي للمجتمعات الدينية والعرقية في البلاد، بحاجة إلى مؤسسات دولة قوية وشاملة وفعالة، قائمة على حقوق الإنسان وسيادة القانون. لذا ندعو السلطات المؤقتة والدول الأعضاء إلى معالجة الأسباب الكامنة وراء أعمال العنف الأخيرة على وجه السرعة، ومنع تكرار الانتهاكات، والعمل على بناء الثقة بين الدولة والمجتمعات المتضررة، بما في ذلك من خلال محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات."

وأضاف: "ترد توصيات محددة في هذا الصدد في تقريرنا الأخير،ومن البوادر المشجعة أن وزير الخارجية اعتبره بمثابة خارطة طريق. وأي إجراءات تُتخذ الآن ستكون حجر الأساس لعقود قادمة."

* موقع الأمم المتحدة (حقوق الإنسان – مكتب المفوض السامي)

مشاركة المقال: