أثارت تصريحات وزير داخلية ولاية تورينغن الألمانية، غيورغ ماير، قبل أيام، عاصفة سياسية وأمنية في ألمانيا. اتهم ماير نواب حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، بصفتهم جهة رقابية في برلمان الولاية، بتكثيف استجواباتهم للحكومة حول قضايا البنية التحتية الحيوية، مما يشير إلى احتمال عملهم بتوجيهات من الكرملين.
وفقًا لما تم تداوله في الأوساط السياسية، تقدم نواب من حزب "البديل" في تورينغن بحوالي 47 استفسارًا برلمانيًا حول تفاصيل في مجالات الدفاع وطرق الإمداد العسكرية. وأعلن سياسيون في ولايات أخرى، مثل براندنبورغ، عن استجوابات مماثلة يشتبه في جمعها لصالح روسيا.
أعرب الوزير ماير عن قلقه بشأن وتيرة هذه الاستفسارات ومضامينها، مشككًا في نوايا حزب "البديل" الذي وصفه بأنه "الذراع الممدودة والمساعدة لنظام فلاديمير بوتين". على سبيل المثال، تقدم النائب عن الحزب رينغو مولمان، في سبتمبر 2025، بسؤال تفصيلي حول عدد عمليات النقل العسكرية عبر الطرق البرية والسكك الحديدية، ونقاط التوقف في تورينغن منذ عام 2022، بالإضافة إلى طريقة التنسيق بين الجيش الألماني (البوندسفير) والشرطة الفيدرالية والسلطات الأخرى.
أظهرت التقارير أن الاستفسارات شملت معلومات حول البنية التحتية للنقل وإمدادات الطاقة والمياه، والبنية التحتية الرقمية، مع التركيز على تكنولوجيا المعلومات ومعدات الشرطة وأنشطة الجيش الألماني، ومنظومات الدفاع الثابتة والمتحركة المخصصة للتصدي للمسيرات.
أكد وزير الداخلية الاتحادي ألكسندر دوبراندت، في مقابلة مع صحيفة "هاندلسبلات"، أن هناك تحقيقات فردية جارية بحق أعضاء وموظفين من "البديل". وأضاف أن الحزب "يدافع عن حرب بوتين العدوانية ويتجاهل انتهاكه الصارخ للقانون الدولي".
في المقابل، رفض الحزب هذه الاتهامات ووصفها بأنها "ادعاءات شائنة"، مطالبًا بإقالة الوزير ماير "لانحيازه السياسي".
يرى الباحث في العلوم السياسية نوربرت ديركسن أن النقاش حول علاقة الحزب بروسيا "ليس جديدًا، لكنه اكتسب زخمًا كبيرًا بفعل الحرب في أوكرانيا والتوترات الجيوسياسية الراهنة". ويشير إلى أن تكرار الاستفسارات بشأن قضايا أمنية حساسة يثير الريبة، خاصة في ظل اهتمام الكرملين بالسياسات الدفاعية للدول الأوروبية وحلف الناتو.
يوضح ديركسن أن القانون، استنادًا إلى المادة 67 الفقرة 3 من دستور ولاية تورينغن، يجيز رفض الإجابة التفصيلية إن كان ذلك يعرض أسرار الدولة أو سير عمل الحكومة أو بيانات حساسة للخطر.
قال رئيس لجنة الرقابة البرلمانية في البوندستاغ مارك هنريشمان، المنتمي إلى "الاتحاد المسيحي الديموقراطي"، إن روسيا "تستغل وجود حزب البديل في البرلمانات الألمانية للتجسس والحصول على معلومات حساسة". وأضاف أن الصورة تكتمل حين تضاف إلى "مواقف الحزب المشبوهة السابقة، ومنها تشكيكه عام 2020 في تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني".