الأحد, 2 نوفمبر 2025 08:36 AM

البرلمان السوري: من مؤسسة شكلية إلى حجر الزاوية في بناء سوريا المستقبل

البرلمان السوري: من مؤسسة شكلية إلى حجر الزاوية في بناء سوريا المستقبل

في هذه المرحلة الحاسمة، تتجه الأنظار نحو البرلمان السوري، ليس للخوض في تفاصيل الانتخابات وآلياتها الفنية، بل لكون سوريا بأمس الحاجة إلى برلمان تشريعي فعال قادر على سد الفراغ الدستوري والتشريعي الذي خلفه سقوط نظام بشار المخلوع. هذا البرلمان يمثل خطوة ضرورية نحو استكمال أركان الدولة الحديثة بسلطاتها الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية.

يجب ألا يكون البرلمان السوري مجرد مؤسسة شكلية، بل رمزاً لاستعادة السيادة وبناء الثقة بين الدولة والمجتمع. إنه المنبر الذي يُفترض أن يعيد صياغة العلاقة بين المواطن والسلطة على أسس الشفافية والمساءلة، بدلاً من الخوف والإقصاء. السؤال المطروح هنا: ما هي أبرز مهام البرلمان السوري في هذه المرحلة الانتقالية؟

يتجاوز دور البرلمان الجديد الوظيفة التشريعية التقليدية، ليصبح شريكاً فاعلاً في صياغة هوية الدولة السورية الحديثة. فهو معني بإقرار القوانين الكبرى التي سترسم مستقبل البلاد، ومن أبرزها:

  • مشروع الدستور الدائم: الهدف الأسمى، حيث يُفترض أن يشارك البرلمان في صياغته أو مناقشته، ليكون عقداً وطنياً جديداً يعكس تطلعات السوريين نحو دولة مدنية عادلة ومتصالحة مع نفسها ومع العالم.
  • دراسة القوانين السابقة وإصلاحها: عبر تعديل ما يحتاج للتعديل، وإلغاء ما يجب إلغاؤه، وسن تشريعات جديدة تضمن الوصول إلى منظومة تشريعية سورية حديثة وعصرية.
  • قانون العدالة الانتقالية: لتثبيت المصالحة الوطنية وكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الكبرى، في إطار قانوني لا سياسي.
  • قانون الأحزاب والجمعيات: لتنظيم الحياة السياسية على أساس الشفافية والديمقراطية، وضمان أن تبقى الأحزاب وطنية التمويل والانتماء.
  • تعديلات الإعلان الدستوري لعام 2025: وهو الإطار القانوني المؤقت الذي ينظم العلاقة بين السلطات، ويؤكد على مبدأ فصل السلطات واستقلال القضاء.
  • قانون الانتخابات العامة: لضمان التمثيل العادل والإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية.
  • قانون الإدارة المحلية: لتوزيع الصلاحيات وتمكين المحافظات والمجالس المنتخبة من إدارة شؤونها بما يعزز التنمية المتوازنة.
  • التصديق على الاتفاقيات والمعاهدات: التي تعقدها الدولة السورية وإقرارها.
  • قانون العزل السياسي: لضمان تنقية مؤسسات الدولة من رموز الفساد والاستبداد، دون أن يتحول إلى أداة انتقام، بل وسيلة لتحقيق العدالة وحماية مسار الانتقال الديمقراطي.

التحدي الأكبر يواجه أعضاء البرلمان السوري وممثلي الشعب: هل سينجحون في تحويل هذا المجلس من مجلس صوري إلى برلمان وطني حقيقي؟ ففي الماضي، كان المجلس يعمل تحت هيمنة السلطة التنفيذية ويكتفي بالمصادقة على قراراتها. أما اليوم، فالبرلمان هو المؤسسة السيادية الأولى التي تعبر عن الإرادة الشعبية وتراقب الحكومة.

البرلمان السوري في مرحلته الجديدة يجب أن يُبنى على الوعي والمسؤولية، لا على الشعارات. فكل نائب هو شريك في بناء الدولة، لا موظف عند السلطة، وعليه إدراك دوره وحصانته والعمل المناط به. الفرق بين البرلمان الحالي وما كان يُعرف سابقاً بمجلس الشعب هو التحول من الدور الشكلي إلى الدور الفاعل.

تحت قبة البرلمان السوري، سيكتب الفصل الأول من سورية الجديدة، جمهورية العدالة والدستور، التي تستمد شرعيتها من إرادة شعب صبر كثيراً، لكنه لم يفقد الأمل بأن القانون هو الطريق الوحيد لبناء سوريا الجديدة. فهل سينجح النواب في ذلك؟

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الثورة

مشاركة المقال: