الخميس, 6 نوفمبر 2025 02:53 PM

الحسكة: الجفاف يهدد الثروة الحيوانية وارتفاع أسعار الأعلاف يزيد الأزمة

الحسكة: الجفاف يهدد الثروة الحيوانية وارتفاع أسعار الأعلاف يزيد الأزمة

سامر ياسين – الحسكة

شهدت أعداد الأغنام والأبقار في ريف الحسكة تراجعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة لتكرار موجات الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف ونقص الأمطار، مما جعل الثروة الحيوانية في المنطقة تواجه خطراً حقيقياً. ويعاني مربو المواشي من صعوبات متزايدة في توفير الأعلاف ومستلزمات التربية، في ظل غياب الدعم وتراجع المراعي الطبيعية.

الجفاف يفاقم الأزمة

مع اضطرار العديد من المربين لبيع جزء من قطعانهم لإطعام ما تبقى منها، يتخوف المربون من أن يؤدي استمرار الجفاف إلى ضياع مصدر رزقهم الأساسي. مهند الكريص، وهو مربي مواشي من ريف الحسكة الجنوبي، يتحدث عن تأثير سنوات الجفاف الأخيرة على حياته، قائلاً: "كنا نملك سابقاً نحو 300 رأس غنم، ولكن مع بداية الجفاف بدأت المواشي تتأثر، بعضها يموت والبعض الآخر يأكل من البقية بسبب قلة الزراعة وغلاء الأعلاف".

تشهد أسواق المواشي في الحسكة وريفها ضعفاً كبيراً في حركة البيع والشراء بسبب الانخفاض الكبير في أسعار المواشي بعد سنوات من الجفاف التي ضربت المنطقة، والتي تزامنت مع نقص حاد في الأمطار، مما أدى إلى نقص الأعلاف كالقمح والشعير والتبن، وصعّب على المربين شراءها لإطعام مواشيهم.

ويوضح "الكريص" لنورث برس أنه يضطر اليوم لبيع نصف قطيعه لإعالة النصف الآخر، قائلاً: "من يملك 100 رأس في هذه الأيام يضطر لبيع 50 منها لإطعام البقية، طن التبن وصل سعره لمليوني ليرة، والمواشي تباع بمليون ليرة فقط، فكيف يستطيع المربي تدبير أموره؟". ويضيف أن الجزارين يشترون المواشي بأسعار منخفضة ويبيعون اللحم بأسعار مرتفعة، بينما الخاسر الدائم هو المربي. ومع قلة الأمطار وارتفاع أسعار الأعلاف، يخشى من أن يؤدي تكرار سنوات الجفاف إلى انتهاء الثروة الحيوانية بالكامل.

ويشير مهند إلى أن الأمراض المرتبطة بالجفاف تتزامن مع قلة الأعلاف، فتزيد من الخسائر بشكل كبير، ويضيف: "في العام الماضي فقط خسرت نحو 18 رأس غنم نفقت نتيجة الجفاف والأمراض، ومع استمرار الوضع الحالي نخشى أن تتكرر الخسائر ويختفي جزء كبير من الثروة الحيوانية". ويختتم "الكريص" حديثه بالقول: "إذا استمر الجفاف وارتفاع الأسعار، يمكن اعتبار أن الثروة الحيوانية في المنطقة مهددة بالانقراض".

ارتفاع الأسعار يزيد المعاناة

عبد العزيز الصالح، وهو مربي مواشي أيضاً من ريف تل تمر، يشير إلى أن صعوبة توفير الأعلاف جعلت تربية المواشي شبه مستحيلة هذه الأيام، ويقول: "شوال الشعير وصل إلى نحو 800 ألف ليرة، والحنطة بنفس السعر تقريباً، ولا يوجد أي دعم للمربين منذ عدة سنوات".

وأوضح "الصالح" خلال حديثه لنورث برس، أن المصروف على المواشي لا يتناسب مع أسعارها في السوق، مضيفاً أنه يضطر لبيع قسم من القطعان بأسعار زهيدة لتأمين أعلاف البقية. ويردف عبد العزيز: "تربية المواشي باتت صعبة جداً، فإذا أردت إطعام خروف صغير، عليك أن تعطيه شوال شعير كامل خلال فترة تربيته، ليصبح جيد الوزن وتستطيع بيعه". ويشير عبد العزيز إلى أن غياب الدعم يجعلهم يعتمدون على السوق المحلي أو السوق السوداء للحصول على الأعلاف، ما يزيد العبء المالي ويجعل استمرار تربية المواشي شبه مستحيل في ظل استمرار الجفاف.

البيع بخسارة يهدد المربين

علي عزو، وهو دلّال في سوق المواشي بتل تمر، أكد أن السوق يشهد ركوداً كاملاً بسبب شح الأمطار وارتفاع أسعار الأعلاف وإغلاق باب تصدير المواشي، وقال هو الآخر لنورث برس: "الوضع سيء للغاية، لا يوجد أي حركة بالبيع والشراء، والشعير وصل كيلوغرامه 6 آلاف ليرة والتبن 2 آلاف".

وأشار "عزو" لنورث برس إلى أن غياب الرقابة على محلات القصابة والجزارين هو من يجعلهم يتحكمون بأسعار البيع، حيث يشترون المواشي بأسعار منخفضة ويبيعون اللحم بأسعار مرتفعة تصل إلى 150 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد.

راضي الأحمد، وهو دلّال في سوق المواشي ببلدة تل تمر، وصف كسابقه الوضع الحالي بأنه "سيء للغاية" نتيجة غلاء الشعير والأعلاف، ما أدى لتدني كبير في أسعار المواشي، وأوضح أن سعر كيلو التبن وصل إلى 3 آلاف ليرة، والشعير 6 آلاف ونصف، والقمح 4 آلاف، ما يجعل تربية المواشي صعبة للغاية.

وأشار "الأحمد" خلال حديثه لنورث برس إلى أن سعر كيلوغرام اللحم في الأسواق يجب أن يكون أقل من 80 ألف ليرة سورية، لكن الجزارين يضعون التسعيرة حسب رغبتهم، رغم شرائهم للمواشي بأسعار منخفضة، حيث تصل قيمة الماشية الجيدة إلى نحو مليون و800 ألف ليرة وتزن أكثر من 25 كيلوغراماً من اللحم. وأضاف، أن "المصاريف على كل نعجة أو ماشية تشمل شوال شعير يصل سعره إلى 600 ألف ليرة بالإضافة إلى التبن والطبابة، ما يجعل المربي غالباً خاسراً عند البيع".

وحذر من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انقطاع الثروة الحيوانية بالكامل عن المنطقة، مشيراً إلى أن السوق اليوم فارغ تقريباً، وبعض المواشي تراجعت أسعارها إلى 400 ألف ليرة، في حين تكلف تربيتها مئات الآلاف، ويكاد المربي بالكاد يدبر أمور منزله وأولاده أثناء محاولته الاستمرار في تربية المواشي، بحسب راضي.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: