الإثنين, 10 نوفمبر 2025 03:21 PM

زيارة الشرع إلى واشنطن: سوريا تقترب من التحالف الدولي في مواجهة الإرهاب

زيارة الشرع إلى واشنطن: سوريا تقترب من التحالف الدولي في مواجهة الإرهاب

يشهد المشهد السوري تحولات مهمة مع وصول الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن في زيارة تاريخية، هي الأولى لرئيس سوري إلى البيت الأبيض منذ استقلال البلاد عام 1946. ومن المقرر أن يلتقي الشرع الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الاثنين.

تأتي هذه الزيارة، التي سبقتها إزالة اسم الشرع من قوائم الإرهاب، تتويجاً لجهود سوريا لإعادة تموضعها في التحالفات الدولية، وتعكس تحولاً في النظرة الغربية تجاه دمشق، من العزلة إلى محاولة دمجها في جهود الاستقرار ومكافحة الإرهاب.

من المتوقع أن تسفر الزيارة عن توقيع اتفاق رسمي لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، وهو التحالف الذي تقوده واشنطن منذ عام 2014 ويضم 89 دولة. هذا الانضمام يمثل نقطة تحول في علاقة دمشق بالعالم، حيث يربط بين الاعتراف الدولي بشرعية السلطة السورية والتزاماتها الأمنية في مكافحة الإرهاب، مما يتيح لها استعادة دورها بعد سنوات من الحرب والعزلة.

بالتزامن مع الاستعدادات السياسية، أعلنت وزارة الداخلية السورية عن حملة أمنية واسعة يوم الجمعة، تم خلالها “ضبط كتيبة انتحاريين من تنظيم داعش” في عدة محافظات، في خطوة تهدف إلى إظهار جدية الدولة في تنفيذ التزاماتها الميدانية ضمن أي اتفاق محتمل مع التحالف الدولي.

الخبير في شؤون الإرهاب منير أديب، يرى أن انضمام سوريا إلى التحالف الدولي “يمثل تحولاً نوعياً في المشهد الأمني، ويعكس موقفاً سياسياً واضحاً من القيادة السورية ضد التنظيم وخلاياه”. ويضيف أن هذه الخطوة “لها انعكاس مباشر على قدرات التنظيم في المنطقة، خاصة أن الرقة – أولى عواصم “داعش” – تقع على الأراضي السورية، وأن كل زعماء التنظيم قتلوا هناك، مما يجعل سوريا رقماً مهماً في معادلة المواجهة”. ويوضح أديب أن التعاون الأمني والاستخباراتي بين دمشق وواشنطن “سيؤدي إلى القضاء على الخلايا النشطة والخاملة معاً، ويمنع التنظيم من استعادة نشاطه في الشرق الأوسط”.

انضمام سوريا إلى التحالف سيجعلها العضو التسعين في الائتلاف، ومن شأن هذه الخطوة أن تعزز شرعية الحكومة دولياً وتفتح الباب أمام تخفيف العقوبات تدريجياً، فضلاً عن فوائد أمنية واقتصادية مشابهة لتجربة العراق في مرحلة ما بعد “داعش”، كما ورد في تقرير لمركز “جسور” للدراسات.

مراقبون سوريون يرون أن الخطوة تعزز موقع الدولة السورية كمحور أساسي في معادلة الاستقرار الإقليمي، وتفتح الباب أمام تراجع الأدوار الموازية للقوى غير الحكومية، بما فيها الفصائل الانفصالية أو العابرة للحدود. وبحسب صحيفة “الوطن” المقربة من السلطات الجديدة، فإن التطور المرتقب “يكرس الجيش العربي السوري شريكاً رئيسياً في مواجهة الإرهاب، ضمن مقاربة تقوم على احترام السيادة والتنسيق الإقليمي”، وأن هذه الشراكة “ستضع حداً للمشروعات الانفصالية وتعيد توحيد الجغرافيا السورية تحت مؤسسات الدولة”.

ويؤكد أديب أن العملية التي نفذتها وزارة الداخلية “تندرج ضمن نهج استباقي يهدف إلى تفكيك شبكات “داعش” قبل أي تصعيد محتمل، خصوصاً أن التنظيم يسعى لإثبات حضوره في مواجهة الانضمام السوري للتحالف”. ويرى أن هذا التعاون الأمني “سيمنح التحالف دفعة جديدة من الفاعلية، ويحول سوريا من ساحة للصراع إلى طرف في منظومة الردع ضد الإرهاب”، لكنه يحذر في الوقت ذاته من أن “خلايا التنظيم ستستنفر لإثبات قدرتها على المواجهة، ما يستدعي جهداً استباقياً مستمراً من الأجهزة الأمنية السورية”.

مع أن مسار الانضمام يبدو مدفوعاً بمصالح متبادلة – إذ تمنح الخطوة واشنطن غطاءً قانونياً لاستمرار وجود قواتها في سوريا، وتؤمن لدمشق اعترافاً سياسياً طال انتظاره – إلا أن التنفيذ الفعلي سيظل مرهوناً بقدرة الطرفين على تجاوز إرث الشكوك المتبادلة، والتعامل بواقعية مع متطلبات المرحلة المقبلة.

في المحصلة، إن انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد “داعش”، إذا ما ثبت، سيكون محطة فارقة في مسار الدولة بعد سنوات الحرب والعزلة. فهو يفتح الباب أمام إعادة صياغة موقع دمشق في النظام الدولي، ويمنحها فرصة لاستعادة دورها كفاعل في قضايا الأمن الإقليمي. كما أنه يضعها أمام اختبار جديد: القدرة على تحويل هذا الانفتاح إلى مسار مستدام يعزز الاستقرار الداخلي، ويعيد بناء الثقة مع المجتمع الدولي، ويؤسس لمرحلة مختلفة عنوانها التعاون بدل المواجهة، والشراكة بدل العزلة.

مشاركة المقال: