الثلاثاء, 11 نوفمبر 2025 07:46 PM

تحولات في الشرق الأوسط: زيارة الرئيس السوري إلى واشنطن تفتح ملف الجولان والدروز

تحولات في الشرق الأوسط: زيارة الرئيس السوري إلى واشنطن تفتح ملف الجولان والدروز

في تحول ملحوظ يعكس ديناميكيات متغيرة في المنطقة، قام الرئيس السوري أحمد الشرع بزيارة إلى البيت الأبيض، في خطوة يُنظر إليها على أنها بداية فصل جديد في تاريخ الشرق الأوسط. تأتي هذه الزيارة، التي تعد الأولى لرئيس سوري إلى الولايات المتحدة منذ أكثر من سبعين عاماً، في ظل تحولات جيوسياسية كبيرة.

اللافت في الأمر هو تزامن هذه الزيارة مع وصول وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى واشنطن، مما يشير إلى إعادة ترتيب للأوراق في المنطقة. هذا التزامن ليس مجرد صدفة، بل يعكس جهوداً لإعادة هندسة الشرق الأوسط بمعادلات جديدة.

تولى أحمد الشرع رئاسة سوريا بعد سقوط حكم بشار الأسد في أواخر عام 2024، ويسعى جاهداً لإعادة سوريا إلى مكانتها على الخريطة الدولية. ومنذ خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أظهرت دمشق رغبتها في لعب دور فاعل في المنطقة.

لقاء الشرع في البيت الأبيض يمثل اعترافاً أمريكياً بسوريا كفرصة لإعادة ضبط موازين القوى، بعد سنوات من العزلة.

في الوقت نفسه، تسعى تركيا إلى شراكة مع الولايات المتحدة في إيجاد حل للأزمة السورية. زيارة هاكان فيدان تحمل تصوراً تركياً يعتمد على البراغماتية، يهدف إلى ضمان حدود آمنة لتركيا وموقع على طاولة القرار.

هذا التقاطع بين دمشق وأنقرة وواشنطن يشير إلى مرحلة جديدة في الملف السوري، مع ترقب إسرائيلي للأوضاع.

تكشف تسريبات إعلامية عن مناقشات حول ملف الدروز في السويداء، وإمكانية منحهم إدارة ذاتية محدودة بضمانات إقليمية. الطرح الإسرائيلي يركز على اللامركزية الأمنية مقابل عدم السماح بنفوذ إيراني في الجنوب.

من جهته، يبدو أن الرئيس الشرع يتبنى مقاربة براغماتية، حيث يرى في المرونة وسيلة للبقاء، ويبدي استعداداً للنظر في نموذج إداري خاص بالسويداء ضمن إطار الدولة الواحدة.

تركيا تلعب دوراً ضامناً أمنياً واقتصادياً في مرحلة ما بعد الحرب، وتؤكد أنها لن تعترض على أي صيغة حكم محلي داخل سوريا ما دامت تحت سقف الدولة المركزية.

روسيا وإيران تتابعان هذه التطورات بقلق، حيث ترى إيران في هذا التحالف تهديداً لممرها البري، وتدرس خيارات التكيف.

في هذا السياق، تغيب المعارضة السورية التقليدية عن الصورة، ولكن هناك نقاش أمريكي حول إعادة تشكيل هيئة سياسية تضم شخصيات من الداخل السوري.

تؤكد مصادر من واشنطن وتل أبيب وجود مشروع تفاهم أولي يتضمن منح إدارة مدنية للدروز في السويداء، والتزام سوري بإبعاد النفوذ الإيراني، وفتح قناة اتصال غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل.

الولايات المتحدة ترى في هذا التفاهم فرصة لإدارة الصراع، بينما تعتبره دمشق خطوة لاستعادة الشرعية الدولية، وتنظر إليه إسرائيل كصفقة أمان استراتيجية.

من المتوقع أن يشهد ديسمبر المقبل اجتماعاً أممياً لمناقشة دعم الإدارة المحلية في الجنوب السوري، وتدرس واشنطن تخفيف العقوبات مقابل إصلاحات من دمشق، بينما تعمل تركيا على تهيئة ممرات اقتصادية عبر شمال سوريا.

في الختام، يبدو أننا على أعتاب خريطة شرق أوسط جديدة، تُرسَم بالتفاهمات لا بالمدافع، مع سوريا أقل عزلة وأكثر اندماجاً في معادلة أمنية إقليمية معقدة.

مشاركة المقال: