وصف المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك، زيارة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى أمريكا بأنها "تاريخية"، معتبراً أن هذا الأسبوع يمثل "نقطة تحول حاسمة في التاريخ الحديث للشرق الأوسط، وفي التحول الملحوظ لسوريا من العزلة إلى الشراكة".
أكد براك في حسابه عبر منصة "إكس" اليوم، الخميس 13 تشرين الثاني، التزام الرئيس السوري بالانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، وهو ما يمثل إطاراً تاريخياً يعكس انتقال سوريا من مصدر للإرهاب إلى شريك في مكافحة الإرهاب، والتزامها بإعادة البناء والتعاون والمساهمة في استقرار المنطقة بأكملها، وفق تعبيره.
وقال براك: "دمشق ستساعدنا بشكل فعال في مواجهة وتفكيك بقايا تنظيم (الدولة)، و(الحرس الثوري الإيراني)، وحركة (حماس) و(حزب الله)، وغيرها من الشبكات الإرهابية"، مشدداً على أن سوريا ستظل شريكاً ملتزماً في الجهود العالمية لضمان السلام.
وبحسب براك، فإن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والرئيس السوري، أحمد الشرع، لديهما قناعة مشتركة بأن الوقت قد حان لاستبدال القطيعة بالتواصل، ولمنح سوريا وشعبها فرصة حقيقية للتجديد، ضمن الاجتماع "الودي والموضوعي" بينهما.
وكشف أنه في جلسة ثلاثية مع وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، ووزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ووزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، رُسمت المرحلة التالية من الإطار الأمريكي- التركي- السوري، وتتضمن:
- دمج "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الهيكل الاقتصادي والدفاعي والمدني السوري الجديد.
- إعادة تعريف العلاقات التركية- السورية- الإسرائيلية.
- تعزيز التوافق الذي يدعم وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"، فضلًا عن مختلف قضايا الحدود اللبنانية.
وأشاد براك بدور تركيا في التحول السوري، معتبراً أنه "شهادة على الدبلوماسية الهادئة والثابتة التي تبني الجسور حيث كانت الجدران قائمة". وأكد أن هناك تحالفاً موسعاً بين قطر والسعودية وتركيا، يدعم عودة الدولة السورية الوطنية للمنطقة بأسرها، بجميع مكوناتها القبلية والدينية والثقافية، وفق تعبيره.
وقال براك: "تُرسي قيادة الرئيس ترامب مساراً جديداً للتوازن قائماً على الأمن أولاً، ثم الرخاء". ويرى أن قدرة الخصوم السابقين على أن يصبحوا حلفاء أقوياء ليست أمراً جديداً على التاريخ أو على هذه المنطقة، فالجديد هو أن دول المنطقة نفسها تحقق ذلك، لا بتكليفات وإملاءات غربية.
واعتبر براك أن الخطوة التالية في "إعطاء سوريا فرصة حقيقية" هي الإلغاء الكامل لقانون "قيصر"، داعياً الكونجرس إلى اتخاذ هذه الخطوة التاريخية. وقال إنه قطع شوطاً طويلاً، والآن بحاجة إلى دفعة أخيرة قوية لتمكين الحكومة السورية الجديدة من إعادة تشغيل محركها الاقتصادي، وتمكين الشعب السوري وجيرانه الإقليميين ليس فقط من البقاء، بل من الازدهار أيضاً.
"مرحلة جديدة" من العلاقات مع أمريكا
أجرى الرئيس السوري، أحمد الشرع، مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية عقب لقائه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في البيت الأبيض الاثنين 10 من تشرين الثاني. وقال الشرع خلال المقابلة، إن العلاقات بين دمشق وواشنطن دخلت "مرحلة جديدة" بعد عقود من القطيعة والعزلة.
وأضاف الشرع أن هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس سوري البيت الأبيض منذ تأسيس الجمهورية السورية في أربعينيات القرن الماضي، مشيراً إلى أن الزيارة تمثل تحولاً استراتيجياً بعد سقوط النظام السابق ودخول سوريا مرحلة جديدة من التعاون مع الولايات المتحدة.
خطوة ضرورية لتمكين سوريا
أوضح الشرع في حديث إلى صحيفة "واشنطن بوست"، نُشرت تفاصيله في 12 من تشرين الثاني، أن قرار الإدارة الأمريكية تعليق العقوبات المفروضة على سوريا يمثل خطوة ضرورية لتمكين سوريا من التعافي بعد عقود من الحرب، مؤكداً أن واشنطن تتجه نحو دعم استقرار سوريا ووحدتها.
وقال الشرع: "من الواضح من خلال سياسات ترامب أنه يؤيد استقرار سوريا ووحدتها الإقليمية، ورفع العقوبات بالكامل عن سوريا، وهو يدفع في هذا الاتجاه". وأضاف أن أغلبية أعضاء الكونجرس، الذين التقاهم الاثنين 10 من تشرين الثاني، يؤيدون رفع العقوبات، معتبراً أن "الإدارة الأمريكية متفقة على أن سوريا تستحق فرصة لتكون مستقرة، وتبني اقتصادها، وتحافظ على وحدة أراضيها".
الشرع في واشنطن
عقد الرئيس الشرع لقاء مغلقاً مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاثنين 10 من تشرين الثاني. ووصفت إدارة الرئيس الأمريكي الزيارة بأنها "خطوة تاريخية" تمهد لاختبار إمكانية إعادة دمشق إلى المسار الدبلوماسي بعد أكثر من عقد من الحرب والعزلة، وفق ما نقلته شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية.
تناول اللقاء ملفات الاتفاق مع "قسد"، والعقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، والاتفاق الأمني مع إسرائيل. وتضمنت المباحثات بين الشرع وترامب، وفق ما نشرت الرئاسة السورية، سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتطوير التعاون في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 8 من تشرين الثاني، وهي الزيارة الثانية لأمريكا عقب زيارته السابقة للمشاركة في أعمال القمة الـ80 للأمم المتحدة في نيويورك. وقال الرئيس السوري خلال لقائه ممثلي المنظمات السورية في الولايات المتحدة الأمريكية، إن العقوبات المفروضة على سوريا في مراحلها الأخيرة، داعياً إلى مواصلة العمل حتى رفعها بالكامل. واعتبر أن الفرصة المتاحة أمام السوريين اليوم هي فرصة "نادرة" ينبغي استثمارها.