الأحد, 16 نوفمبر 2025 04:00 PM

إسرائيل تعزل قرى القنيطرة: بوابة الصمدانية تفاقم معاناة الأهالي

إسرائيل تعزل قرى القنيطرة: بوابة الصمدانية تفاقم معاناة الأهالي

عنب بلدي – محمد كاخي

في خطوة تزيد من معاناة الأهالي، أقدم الجيش الإسرائيلي في 31 تشرين الأول الماضي، على نصب بوابة حديدية عند مدخل قرية الصمدانية الغربية في ريف القنيطرة، بهدف عزلها عن محيطها وتشديد السيطرة على المنطقة المحاذية لخط وقف إطلاق النار. واعتبر ناشطون وأهالي الصمدانية ومحافظة القنيطرة هذه الخطوة محاولة جديدة لفرض واقع جديد في المنطقة.

وذكرت قناة "الإخبارية السورية" الحكومية أن الجيش الإسرائيلي قام بتركيب بوابة حديدية بين قرية الصمدانية الغربية وبلدة الحميدية في ريف القنيطرة، بهدف فصل الأهالي عن أراضيهم الزراعية وقطع الطريق الذي يسلكونه يوميًا للتنقل والعمل. وأشار الأهالي، في حديثهم لعنب بلدي، إلى المعاناة اليومية التي يعيشونها في ظل القيود الأمنية والتضييق المستمر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

معاناة واستفزاز

أكد مصدر في بلدية الصمدانية، فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن وضع البوابة عند مدخل القرية يشكل استفزازًا ويعيق أعمال الأهالي، بسبب فصل القرية عن منطقتي الحميدية والقنيطرة المهدّمة، اللتين تعتبران شريانًا حيويًا للصمدانية. وأضاف المصدر أن الأهالي لن يتمكنوا من الاستفادة من الأراضي الرعوية في منطقة الحميدية لرعاية مواشيهم، علمًا أن هذه المناطق لا تؤثر على عمليات الجيش الإسرائيلي، معتبرًا أن إسرائيل وضعت البوابة بهدف إثارة الفتنة واستفزاز السكان.

أوضح نوار شعبان، الباحث في "المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة"، لعنب بلدي، أن البوابة أو الحاجز الحديدي يخلق إحساسًا بالعزلة ويجعل السكان يشعرون بأنهم تحت المراقبة والتقييد، ما يؤثر على شعورهم بالانتماء وعلى وصول الخدمات وحركتهم اليومية.

فصل المنطقة عن محيطها

تواصل قوات الجيش الإسرائيلي إجراءاتها التصعيدية في قرى وبلدات محافظة القنيطرة الواقعة ضمن المنطقة منزوعة السلاح، من خلال إقامة حواجز وسواتر ترابية على مداخل القرى. وذكر الناشط الإعلامي في مدينة القنيطرة، الهيثم ظاهر، لعنب بلدي، أن الطريق الذي وضعت إسرائيل البوابة عليه هو أحد المسارات التي تسلكها آليات الجيش الإسرائيلي بشكل شبه يومي باتجاه الطريق المؤدي إلى بلدة خان أرنبة. وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد شهرين من قيام الجيش الإسرائيلي برفع ساتر ترابي على مدخل قرية الصمدانية الغربية وإغلاق الطريق المؤدي إليها، بالإضافة إلى وضع بوابة حديدية على مدخل قرية الرواضي بريف القنيطرة.

وأعرب الأهالي عن خشيتهم من استمرار الجيش الإسرائيلي في إنشاء حواجز جديدة بين القرى، ما يزيد من معاناتهم اليومية ويحد من حركة المدنيين. وأكد مصدر في المكتب الإعلامي بمحافظة القنيطرة أن الجيش الإسرائيلي يهدف من خلال هذه البوابة إلى حصر الدخول إلى قرية الصمدانية بأبنائها فقط، وفصلها جغرافيًا واجتماعيًا عن المحافظة.

تحاكي بوابات الضفة الغربية

انتشرت مئات البوابات الحديدية في الضفة الغربية والقدس منذ تشرين الأول 2023، واستخدمها الجيش الإسرائيلي لتقييد الحركة وخلق بيئة قهر يومية. ووثّق معهد "أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني" (ماس) أثر الحواجز والبوابات الحديدية على الحياة اليومية للفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث يخسر الفلسطينيون يوميًا 191,146 ساعة عمل نتيجة سلوك طرق التفافية طويلة بسبب الحواجز والإغلاقات العسكرية. ويُقدَّر مجموع ساعات العمل المهدورة شهريًا بأكثر من 4.2 مليون ساعة، ما يعادل 526 يوم عمل على مستوى سوق العمل العام.

وأعرب سكان الصمدانية عن خشيتهم من أمر مماثل، حيث ذكرت المعلمة رهام محمود، من قرية الصمدانية، أن الأهالي يضطرون الآن لسلوك طريق أطول للوصول إلى منطقة الحميدية، التي تعتبر شريانًا يغذي الصمدانية بالبضائع والمواد الاستهلاكية. كما بات على طلاب المدارس سلوك طرق أطول للوصول إلى مدارسهم، وأصبح على الموظفين والأهالي سلوك طريق واحد أطول للوصول إلى مناطق خارج الصمدانية.

وفي منشور على منصة "إكس"، أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد أن ألوان البوابات التي يضعها الاحتلال في الضفة الغربية ترمز إلى درجات مختلفة من القيود:

  • الأصفر: بوابات يُسمح بالمرور منها أحيانًا وبشروط.
  • الأخضر: مرور ممكن لكن بتفتيش مشدد.
  • الأحمر: مغلقة بالكامل وممنوع العبور.
  • الأزرق أو الأسود: بوابات عسكرية مغلقة تمامًا أمام المدنيين.

أبعاد ودلالات

سبق لإسرائيل أن استخدمت السواتر الترابية لإغلاق بعض الطرقات وفصل بعض المناطق في الجنوب السوري، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تضع فيها بوابة كالتي استعملتها في الضفة الغربية في قرية الصمدانية. وأوضح نوار شعبان، الباحث في "المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة"، أن هذه البوابات تُستخدم عادة عند مداخل الأحياء أو القرى للتحكم بحركة السكان والمركبات، وغالبًا ما يكون الهدف المعلن أمنيًا لمنع عمليات التسلل أو التهريب أو الأعمال المسلحة.

وأضاف أن هذه البوابات تُستخدم لتحويل تدفق الحركة وعزل المناطق عن بعضها وخلق مناطق شبه محاصرة أو معزولة عن الخدمات أو عن محيطها الاجتماعي والاقتصادي. فالبوابة الحديدية تُصنّف ضمن نظام الإغلاق أو العزل، الذي يشمل بوابات وحواجز وجدرانًا وأسلاكًا شائكة وأحجارًا، وتُستخدم لتقييد الوصول والخروج بين منطقتين. ومن الناحية الجغرافية الاستراتيجية، يتيح هذا الأسلوب للقوات الإسرائيلية فرض نوع من أنواع التقسيم الطبوغرافي، أي خط فصل بين مناطق مختلفة أو بين منطقة رئيسة ومحيطها، وما حصل في الصمدانية يمكن إدراجه ضمن هذا النمط، لأنه يقاس على الأنماط التي يتبعها الاحتلال في مناطق أخرى. فالهدف النهائي هو فصل المنطقة عن محيطها وتقييد حركة الدخول والخروج أو فرض شروط إضافية على السكان.

مشاركة المقال: