الثلاثاء, 18 نوفمبر 2025 11:17 AM

قرار رفع تعرفة الكهرباء يثير قلق الصناعيين والتجار في سوريا

قرار رفع تعرفة الكهرباء يثير قلق الصناعيين والتجار في سوريا

دمشق – نورث برس

في أعقاب القرار الحكومي الأخير برفع تعرفة الكهرباء، يعيش الشارع الاقتصادي السوري حالة من الترقب والقلق. الصناعيون والتجار يحذرون من التداعيات المحتملة على القطاعات الإنتاجية والتجارية، والتي قد تزيد الضغوط على العمال والمستهلكين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.

عبد الله سروجي، أحد صناعيي دمشق، يؤكد لنورث برس أن القرار، على الرغم من ثباته بالنسبة للكهرباء الصناعية، سيؤثر بشكل مباشر على العمال من خلال ارتفاع التعرفة المنزلية. هذا الأمر سيجبر أصحاب العمل على رفع الأجور لتجنب تدهور الأوضاع المعيشية للطبقة العاملة. ومع ذلك، يوضح سروجي أن معظم الصناعيين غير قادرين على زيادة الرواتب بسبب المنافسة الشديدة من السلع الصينية والتركية الرخيصة، وغياب الرقابة الفعالة على السوق، مما يهدد المصانع السورية بالانكماش أو الإغلاق.

ويضيف سروجي أن التأثيرات السلبية للقرار طالت الجميع: الصناعي، التاجر، العامل، والمستهلك. ويطالب بفرض رسوم جمركية عادلة على البضائع التركية والمستوردة لحماية المنتج المحلي، مشيراً إلى أن التهريب لا يزال يمثل مشكلة كبيرة، حيث تدخل بضائع بأسعار زهيدة إلى الأسواق عبر التهريب، مما يضر بالإنتاج النظامي.

من جانبه، يرى التاجر عامر غلاوي أن السوق السوري انفتح بعد عام سقوط النظام السابق بشكل غير منظم، مما أحدث خللاً كبيراً. ويصف قرار رفع التعرفة بأنه "نسف ما تبقى". ويضيف أن التصدير يحتاج إلى كهرباء ومحروقات رخيصة، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الصادرات ستتوقف، وسيضطر التاجر إلى الاكتفاء بخدمة السوق المحلي فقط، مع تحميل المستهلك العبء الأكبر.

أما التاجر بلال حواط، فيصف القرار بأنه "جائر بحق الشعب" وغير مناسب من حيث التوقيت، محذراً من جمود قد يصيب السوق وارتفاع جديد في الأسعار، ويدعو الحكومة إلى إعادة النظر فيه. بينما يطالب التاجر وائل الجرودي بتأجيل القرار لمدة عام كامل، مؤكداً أن المواطنين يعانون من ضغوط اقتصادية كبيرة، وأن الرفع سينعكس مباشرة على أجور العمال وقدرتهم على الاستمرار.

ارتفاع التكاليف… وتأثيرات على الإنتاج والعمالة

من وجهة نظر أكاديمية، يوضح الدكتور عبد الرحمن محمد، أستاذ التمويل والمصارف في جامعة حماة، أن رفع التعرفة بنسبة تصل إلى 60% يعتبر من القرارات المؤثرة جداً على القطاعين الصناعي والتجاري. فالقطاع الصناعي، وخاصة الصناعات الثقيلة والتحويلية، يعتمد بشكل كبير على الطاقة، مما يعني زيادة فورية في تكلفة الإنتاج وارتفاع أسعار السلع النهائية، وبالتالي تراجع القدرة التنافسية محلياً وخارجياً.

ويشرح محمد أن هذه الزيادة قد تدفع الشركات إلى خفض نفقاتها عن طريق تسريح العمال أو تقليص الإنتاج، مما يرفع معدلات البطالة ويزيد الضغط على الاقتصاد الكلي. وفي ظل تراجع الدخل وانتشار الفقر، فإن أي ارتفاع إضافي في الأسعار سيزيد من صعوبة الأوضاع المعيشية للمستهلكين.

لكن محمد يرى أيضاً جانباً إيجابياً للقرار، حيث قد يكون محاولة حكومية ضرورية لإصلاح قطاع الكهرباء المتهالك وتقليل خسائره الكبيرة وتمويل مشاريع تطوير الشبكة، بشرط أن يتم التنفيذ بشفافية وكفاءة.

خيارات بديلة… وسياسات للتخفيف

ولتجنب الانعكاسات السلبية، يقترح محمد مجموعة من الإجراءات، من بينها دعم القطاعات المتضررة عن طريق تخفيض الضرائب أو منح إعفاءات جمركية لمستلزمات الإنتاج، وتحسين كفاءة الطاقة وتشجيع الصناعيين على تركيب معدات موفرة للطاقة من خلال حوافز أو قروض ميسرة، وتعزيز الرقابة التموينية لمنع استغلال القرار ورفع الأسعار بشكل غير مبرر، واعتماد نظام شرائح يضمن استمرار الدعم للفئات الفقيرة ورفع التعرفة فقط على كبار المستهلكين.

كما يرى أن بدائل أكثر عدالة كانت ممكنة، مثل إصلاح منظومة الدعم لتوجيهه بدقة للفئات الأكثر حاجة، أو فرض ضرائب تصاعدية على الأنشطة غير الإنتاجية بدلاً من تحميل المنتجين أعباء إضافية، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة والصناعات التحويلية لزيادة الإيرادات دون المساس بالمستهلك.

ويختتم محمد بأن القرار يعكس معضلة حقيقية: كيف يمكن إصلاح قطاع الطاقة وضمان استدامته دون الإضرار بالإنتاج والعمالة؟ ولتحقيق هذا التوازن، يجب على الحكومة تبني سياسات اقتصادية شاملة تدعم القطاع الإنتاجي وتحسن كفاءة الطاقة وتضمن الشفافية وتبحث عن إيرادات مبتكرة لا تزيد العبء على المواطن والصناعة، لضمان استقرار الاقتصاد والسير نحو تنمية مستدامة.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: