الجمعة, 21 نوفمبر 2025 11:56 AM

ملفات إبستين: ترامب يغير موقفه ويكشف عن الوثائق وسط تراجع شعبيته

ملفات إبستين: ترامب يغير موقفه ويكشف عن الوثائق وسط تراجع شعبيته

مؤخراً، كان مجرد ذكر اسم جيفري إبستين أمام الرئيس دونالد ترامب يعتبر بمثابة مهمة انتحارية، يقدم عليها الصحافيون الشجعان الذين يستعدون لتحمل العواقب الوخيمة. ومع تزايد نفاد صبر ترامب في كل مرة يتم فيها نبش قضية المستثمر المدان باغتصاب قاصرات والاتجار الجنسي بهن، كانت ردة فعل الصديق السابق للسجين الذي انتحر في زنزانته عام 2019 تتصاعد، حتى وصلت إلى محاولته إسكات مراسلة على متن الطائرة الرئاسية ووصفها بـ"الخنزيرة الصغيرة".

على الرغم من إصراره على أنه لا يخفي شيئاً في ملفات إبستين، وأنه لم يكن يوماً من معجبيه، وأنه قطع علاقته به منذ أكثر من عقدين، إلا أنه لم يتأخر في الخروج عن طوره كلما ذكر اسم الرجل المنبوذ، في تصرف يثير الشبهات. حتى مارجوري تايلور غرين، النائبة في الكونغرس وإحدى أشد المؤيدين له، وصفها بأنها خائنة ومضطربة لأنها أخذت قضية الكشف عن ملفات إبستين على عاتقها من باب الشفافية وكشف المتورطين وإنصاف الناجيات.

تتمثل حجة ترامب في دفن قضية إبستين في أنه يراها مصيدة سياسية ينصبها خصومه الديمقراطيون للتغطية على إنجازاته الاقتصادية والسياسية في أميركا وحول العالم، وللتغطية على ذنبهم في الإغلاق الحكومي. وللتصويب في اتجاه حزبه وقاعدته الشعبية، لجأ ترامب إلى التقريع المباشر للجميع، وإلى تسخيف قضية إبستين برمتها، كما لو أنها من الماضي البعيد.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حديقة البيت الأبيض. (أ ف ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حديقة البيت الأبيض. (أ ف ب)

لم يراع الرئيس الحساسية العالية لدى قاعدته المحافظة، ولدى المجتمع الأميركي بشكل عام، حيال جريمة بحجم اغتصاب قاصرات والاتجار الجنسي بهن، خصوصاً أن العدالة لم تأخذ مجراها بعد انتحار المتهم الرئيسي، والناجيات لم ينلن حقهن المعنوي، بينما بقيت طي الكتمان أسماء عديدة لنافذين يفترض أن يجيبوا عن السؤال حول علاقتهم بإبستين.

ومع أنه استمر في عناده، إلا أن مؤشرين جعلاه أخيراً "يقرأ الغرفة" بحسب التعبير الأميركي، ويغير رأيه إلى نقيضه في ما يخص الطلب من وزارة العدل الكشف عن كل ملفات إبستين ووثائقه. المؤشر الأول كان الجمهوريين الذين وقعوا على عريضة طرح إزالة السرية عن الوثائق على التصويت، ما أعطى العريضة الغالبية البسيطة التي نالتها لفرض التصويت. والمؤشر الثاني هو التراجع الحاد في شعبية الرئيس الأميركي، إذ وصلت في آخر استطلاعات الرأي إلى أدنى مستوياتها منذ عودته إلى البيت الأبيض (38%). كما أن ثلاثة أميركيين من أربعة يرفضون تعاطي إدارة ترامب مع الملف، مع نسبة رفض أعلى لدى قاعدة “ماغا” من الجمهوريين “العاديين”.

هكذا، قرر ترامب فجأة تغيير الاتجاه إلى عكسه، وإعطاء الضوء الأخضر لأعضاء حزبه في مجلسي النواب والشيوخ للتصويت على إزالة السرية. وحاز التصويت الذي نالت العريضة المطالبة بطرحه ثلاثة أصوات جمهورية على غالبية مطلقة في شقي الكونغرس، ووصل إلى البيت الأبيض ووقعه الرئيس الأربعاء بعيداً من العدسات والأسئلة التي استعاض عنها بمنشور طويل على منصته.

المعلق السياسي روجان أوهاندلي يحمل ملفاً عليه ختم وزارة العدل الأميركية وعنوانه ملفات إبستين المرحلة الأولى. (أ ف ب)
المعلق السياسي روجان أوهاندلي يحمل ملفاً عليه ختم وزارة العدل الأميركية وعنوانه ملفات إبستين المرحلة الأولى. (أ ف ب)

ولأنه ترامب، لم ينس الرئيس توجيه الاتهامات بالجملة إلى الديمقراطيين، بدءاً بالراحل إبستين الذي أمضى عمره ديمقراطياً، إلى الرئيس السابق بيل كلينتون، وزميله جو بايدن الذي لم يقدم ورقة واحدة من ملفات إبستين إلى القضاء. بعدها، عدد إنجازاته التي يطيب لجمهوره سماعها، منها لا رجال في رياضات النساء، وإنهاء برامج التنوع والإنصاف والإدماج، وغيرها مما يجعل أميركا عظيمة مجدداً، يضاف إليها نعت أضافه أخيراً إلى قاموسها هو أنها البلد الأكثر إثارة (hottest).

وعد ترامب جمهوره بأن السحر سينقلب على الساحر الديمقراطي الذي سيخرج خاسراً من معركة إبستين، كما خسر في كل المعارك السابقة ضد أفضل رئيس لأميركا، بحسب وصف ترامب لنفسه. لكن المعركة لا تزال في بدايتها ولدى وزارة العدل 30 يوماً لتكشف عن الوثائق التي تتضمن قوائم زوار أبستين الكاملة والهواتف والعناوين والتسجيلات المصورة من منازله، باستثناء المسيئة للأطفال وأسماء العملاء والمتورطين، مع حماية خصوصية الضحايا وإخفاء المواد الإباحية الصريحة لأطفال.

وإلى حينه، تبقى أميركا مشغولة بإحدى أكثر قضاياها سخونة على المستوى السياسي، وأشدها قتامة وقذارة على كل المستويات.

مشاركة المقال: