الثلاثاء, 25 نوفمبر 2025 11:33 PM

الشيخ هلال بريف حلب: عودة بطيئة وسط مطالب ملحة بتوفير الخدمات الأساسية

الشيخ هلال بريف حلب: عودة بطيئة وسط مطالب ملحة بتوفير الخدمات الأساسية

تشهد قرية الشيخ هلال الواقعة شمالي حلب عودة محدودة للسكان خلال الأشهر الأخيرة، وذلك بعد تسع سنوات من النزوح الكامل الذي بدأ في شباط/فبراير 2016 نتيجة العمليات العسكرية لقوات النظام و"قسد". ورغم استعادة السيطرة على القرية، إلا أنها لا تزال غير قادرة على استقبال معظم سكانها الأصليين، والبالغ عددهم نحو 2000 نسمة، بسبب الدمار الواسع ونقص الخدمات الأساسية. يطالب الأهالي واللجنة الخدمية المحلية بإعادة إعمار المنازل والبنية التحتية، وتوفير الكهرباء والمياه والتعليم والرعاية الصحية، بالإضافة إلى دعم القطاعات الزراعية والاقتصادية لضمان استقرار حقيقي وعودة مستدامة.

عودة فردية دون تغيير في البنية التحتية

أحمد مصطفى، أحد العائدين، قضى سنوات النزوح في إدلب وعفرين وإعزاز قبل أن يعود إلى الشيخ هلال. صرح لموقع "سوريا 24" أن قرار العودة لم يكن نتيجة تحسن الخدمات، بل بسبب تدهور أوضاع المخيمات. عند وصوله، وجد منزله "مهدماً بالكامل" ولم يحصل على أي دعم من جهة رسمية أو إنسانية، مما دفعه لترميمه بجهده الخاص، وتحمل تكاليف مالية باهظة ليحظى بجزء من حياة كريمة بعيداً عن خيمة بلا جذور في مخيمات الشمال. وأضاف مصطفى أن فرص العمل داخل القرية شبه معدومة، وأن جزءاً كبيراً من السكان يعتمد على أعمال خارجها، أو على تربية المواشي والزراعة بصورة محدودة، في ظل غياب أي برامج لدعم الاقتصاد المحلي. طالب مصطفى المنظمات الإنسانية بتقديم الدعم اللازم لسكان القرية لتثبيتهم في أرضهم، عبر دعم الموارد الزراعية وإعادة تعبيد الطرقات.

مياه متوفرة للعائدين… وكهرباء معدومة

تتطابق شهادة محمد حمزة مع مصطفى في وصف الواقع المزري للقرية من ناحيتي غياب الخدمات وعدم توفر فرص العمل. وأوضح حمزة لموقع "سوريا 24" أن العودة إلى القرية ما تزال محدودة للغاية، وأن ما يقارب 80% من الأهالي يعيشون في المخيمات أو مناطق النزوح بسبب عدم قدرتهم على ترميم منازلهم. وأشار إلى أن المياه متوفرة "بشكل كافٍ للعائدين الحاليين"، لكنه يستبعد أن تغطي الحاجة في حال عودة جميع السكان، مشيراً إلى عدم توفر الكهرباء بعد تعرض الشبكة ومحطة التغذية للدمار الكامل، إذ يعتمد الأهالي على الطاقة الشمسية بشكل فردي. وبحسب حمزة، فإن خدمات النظافة تتم مرة أو مرتين أسبوعياً، بينما تبقى الطرقات غير مؤهلة، مما يعرقل الحركة داخل القرية ويفرض قيوداً إضافية على الحياة اليومية. طالب حمزة بتوزيع عادل لموارد التنمية في المحافظة والمنظمات على القرى الأكثر تضرراً خلال سني الثورة، وأن يُخصص جزء من المشاريع للقرية كي يتمكن السكان من الاستقرار فيها.

أضرار شاملة بالأرقام

المحامي عبد الغني شوبك، رئيس اللجنة الخدمية في الشيخ هلال، قدم تقديرات دقيقة لما تعرضت له القرية، وقال لموقع "سوريا 24" إن نسبة الدمار بلغت 100%، وشملت جميع المنازل والمدرسة والجامع والمصلى وشبكة المياه وشبكة الصرف الصحي وشبكة الهاتف الأرضي، إضافة إلى الشبكة الكهربائية ومحطة التغذية التي تعرضت للنهب الكامل بما في ذلك الأعمدة والكابلات والأجهزة. وأضاف شوبك أن القرية فقدت جزءاً من محاصيلها الدائمة، إذ بلغت نسبة قطع الأشجار المثمرة 25%، مما أدى إلى خسائر زراعية إضافية. أما على مستوى السكان، فأشار إلى أن ربع الأهالي فقط عادوا، بينما ما يزال ثلاثة أرباعهم خارج القرية، معظمهم في الخيام أو مناطق النزوح.

بنية تعليمية هشة وخدمات صحية غائبة

وفقاً لشوبك، فإن المدرسة الوحيدة في القرية كانت مدمرة بالكامل، وتم وضعها في الخدمة بجهود محلية، إلا أنها بحاجة إلى توسعة وسور وملعب وتجهيزات تعليمية أساسية كالكتب والطاولات والخزائن. أما الخدمات الصحية فغير متوفرة بصورة كاملة، إذ لا يوجد أي مركز طبي أو نقطة إسعاف داخل القرية، ويتم التعامل مع الحالات الطارئة عبر نقل المرضى إلى تل رفعت أو إعزاز أو حلب، مؤكداً أن هشاشة الواقع الطبي في البلدة تسهم في تأجيل علاج المرضى وفقدان السيطرة على الحالات الحرجة.

مطالب واضحة لتحويل العودة إلى استقرار

أوضح شوبك أن جهود القرية تُدار بشكل تطوعي عبر لجنة خدمات محلية بالتنسيق مع مجلس كفرنايا، ولكن دون أي استجابة رسمية من قبل الجهات الحكومية أو المنظمات الإنسانية حتى الآن، محدداً ما يعتبره متطلبات أساسية وليست رفاهية: إعادة إعمار المنازل المدمرة بالكامل للعائلات النازحة، استكمال إصلاح شبكة المياه والصرف الصحي بدل العمل الجزئي الحالي، إعادة بناء شبكة الكهرباء أو توفير منظومة بديلة موحدة، تأمين نقطة طبية أو مستوصف داخل القرية، إصلاح الطرق الداخلية والطريق الرئيسي الواصل بين تل رفعت وكفرنايا، دعم القطاع الزراعي مباشرة عبر توفير الأسمدة والأدوية والبذار، استكمال ترميم المسجد، وتوسعة المدرسة، وبناء سور وملعب لها. واختتم شوبك حديثه بالتشديد على أن الأولوية يجب أن تُمنح للمناطق الأكثر دماراً، مضيفاً: "الشيخ هلال ليست حالة تحسين خدمات، بل حالة إعادة بناء من الصفر. دون ذلك، لا يمكن الحديث عن عودة أو استقرار".

مشاركة المقال: