الإثنين, 24 نوفمبر 2025 11:18 PM

الجلمة بريف حماة: عودة متعثرة تهددها أزمة مياه خانقة وصهاريج باهظة

الجلمة بريف حماة: عودة متعثرة تهددها أزمة مياه خانقة وصهاريج باهظة

بعد سنوات من النزوح، تشهد قرية الجلمة شمال حماة عودة تدريجية للحياة، حيث تعود العائلات إلى منازلها وأراضيها، وتعود أصوات الأطفال إلى الأزقة، وتُبذل محاولات لإحياء الزراعة. إلا أن هذه العودة البطيئة تواجه أزمة كبيرة تتمثل في غياب مصدر مياه آمن ومستقر.

على الرغم من عودة عدد من السكان تدريجيًا منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إلا أن انعدام شبكة المياه يحول تأمين الاحتياجات اليومية إلى عبء ثقيل. يعتمد الأهالي على الصهاريج الخاصة، حيث يبلغ سعر الصهريج الواحد نحو 100 ألف ليرة سورية، وهو لا يكفي سوى خمسة أيام فقط للعائلة الواحدة، مما يجعل تكلفة المياه عبئًا مستمرًا يفوق قدرة معظم العائدين.

البدائل المتاحة تتمثل في آبار سطحية غالبًا غير صالحة للشرب، أو قطع مسافات طويلة لجلب المياه من القرى المجاورة.

أحمد عثمان (40 عامًا) هو مثال على رحلة العودة الصعبة. نزح عام 2012 بعد العمليات العسكرية التي اجتاحت القرية، وقضى أكثر من ثلاثة عشر عامًا في مخيمات الشمال. يقول أحمد لموقع سوريا 24: "عدنا إلى قريتنا وكأننا لا نعرفها، حجم الكارثة والخدمات المدمرة فوق طاقتنا، وخاصة مشكلة المياه".

كانت الصدمة بالنسبة لأحمد أكبر من الذاكرة: شبكات مياه مدمرة، خزانات خرجت من الخدمة، وغياب أي حلول دائمة. وعوضًا عن أن تكون العودة نهاية رحلة النزوح، أصبحت بداية صراع يومي من أجل أساسيات الحياة.

تعرضت الجلمة لحملة عسكرية عنيفة في أواخر 2012 تسببت بنزوح كامل الأهالي الذين قُدِّر عددهم آنذاك بنحو خمسة آلاف نسمة. وبعد أكثر من عقد، عاد منها ما يقارب ثلاثة آلاف فقط، في عودة هشة ما تزال مهددة بالعوامل الخدمية.

يقول أبو معتصم، أحد العائدين إلى القرية، لموقع سوريا 24: "في ناس رجعت… بس لما شافت الواقع تراجعت. نحن بدنا نزرع ونرجّع الحياة، بس بدون خدمات ما فينا نكمل".

في غياب دور البلديات والمجالس المحلية، برز دور اللجان الأهلية لتجسير العلاقة بين المجتمع المحلي والسلطات السورية. يشرح محمود المحسن، عضو اللجنة الأهلية في القرية، تفاصيل الأزمة قائلًا: "يوجد في الجلمة خزانان للمياه خارج الخدمة بسبب الدمار الكامل والجزئي"، وأنّ الأهالي يضطرون لنقل المياه أو استجرارها عن طريق الصهاريج، أو الاعتماد على آبار سطحية غير صالحة للشرب".

ويضيف في ختام حديثه أن المشكلة لا تتوقف عند المياه وحدها: "هذه الأزمة جزء من سلسلة مشكلات في المياه والإصحاح، تظهر آثارها أكثر مع دخول فصل الشتاء".

بحسب تقارير محلية، تعاني غالبية المناطق التي شهدت عودة للمهجرين في ريف حماة من أزمة تأمين مياه الشرب نتيجة الدمار الذي أصاب البنية التحتية خلال الحرب. وتشير التقديرات إلى وجود ما يزيد عن 600 بئر في المحافظة تحتاج إلى تأهيل كامل أو جزئي، ما يجعل الماء — وهو أبسط حقوق الحياة — خط الدفاع الأول للعائدين في معركتهم مع التعافي.

مشاركة المقال: