كاتب إيطالي يكشف "التعبئة الصامتة" في أوروبا: خطط لإعادة التجنيد ونقل 800 ألف جندي استعداداً لحرب محتملة مع روسيا


وصف الكاتب الإيطالي فابيو لوغانو ما تعيشه القارة الأوروبية حالياً بـ"التعبئة الصامتة"، وذلك استعداداً لحرب واسعة النطاق محتملة مع روسيا. وتتجسد هذه التعبئة في مؤشرات عملية تشمل عودة التجنيد الإجباري، وإعادة تهيئة الملاجئ، ووضع خطط لنقل 800 ألف جندي من حلف شمال الأطلسي (الناتو) نحو شرق القارة.
وأوضح لوغانو، في تقرير نشره موقع "شيناري إيكونوميشي" الإيطالي، أن الرأي العام في أوروبا لا يولي اهتماماً كبيراً لهذه التطورات، لكن دوائر صنع القرار في العواصم الأوروبية وداخل الناتو لم تعد تناقش الحرب باعتبارها مجرد فرضية، بل تستعد لها بخطط عملية وميزانيات ضخمة. ويضيف الكاتب أن المؤشرات تدل بوضوح على أن الماضي يطرق أبواب القارة التي كانت تتوهم أنها تعيش "نهاية التاريخ"، رغم غياب الحديث العلني الصريح عن الحرب على غرار ما حدث في أربعينيات القرن الماضي.
وأشار فابيو لوغانو إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد الأسبوع الماضي أن موسكو لا تسعى إلى مواجهة مع أوروبا، لكنه شدد على أنه "إذا أرادت أوروبا أن تقاتلنا وبدأت ذلك فعلياً، فنحن مستعدون". ويرى الكاتب أن خطورة هذا التصريح تكمن في مقارنته بتصريحات القادة الغربيين، مثل الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، الذي تحدث في 11 ديسمبر/كانون الأول بصرامة لافتة في ألمانيا قائلاً: "الحلفاء هم الهدف التالي، علينا أن نكون مستعدين لحرب مماثلة لتلك التي شهدها أجدادنا"، مما يعني التحول إلى الاستعداد لحرب واسعة النطاق بدلاً من صراعات غير متكافئة.
وفي بريطانيا، صرح وزير القوات المسلحة البريطانية، أليستر كارنز، بأن "ظل الحرب يخيم مجدداً على أوروبا". وأكد كارنز أن "الجيوش تدير الأزمات، لكن المجتمعات والاقتصادات هي التي تكسب الحروب"، مما دفع الحكومة البريطانية للعمل على تحديث شامل لـ"دليل الدفاع الحكومي"، وهو دليل عملي من حقبة الحرب الباردة يحدد التعليمات الواجب اتباعها في كل مفاصل المجتمع المدني، من المستشفيات إلى مراكز الشرطة.
ويؤكد لوغانو أن باريس وبرلين تجاوزتا التردد السابق وبدأتا تتخذان خطوات عملية للتحضير للحرب. فقد اتخذت فرنسا قراراً تاريخياً بإعادة التجنيد بعد 29 عاماً من إلغائه، ومن المنتظر أن يبدأ التطبيق تدريجياً اعتباراً من الصيف المقبل على الفئة العمرية 18 و19 عاماً، حيث قال الرئيس ماكرون إن "الطريقة الوحيدة لتفادي الخطر هي الاستعداد له"، مع منح المجندين الجدد نحو 800 يورو شهرياً.
أما ألمانيا، فقد بدأت تتحرك على عدة مسارات بقيادة حكومة المستشار أولاف شولتس. فقد صوّت البرلمان الألماني على إرسال استبيانات إلزامية لمن يبلغ الـ18 عاماً اعتباراً من يناير/كانون الثاني 2026، لاستطلاع مدى الاستعداد للخدمة. وإذا لم تتطابق الأرقام مع حجم التجنيد المطلوب، فإن خيار التجنيد الإلزامي -المعلق منذ 2011- بات مطروحاً. كما أعدت برلين خطة سرية من 1200 صفحة، تحمل اسم "خطة العمليات الألمانية"، تتضمن تفاصيل جمع 800 ألف جندي من حلف الناتو في ألمانيا استعداداً لنقلهم نحو شرق القارة، بالإضافة إلى تهيئة البنية التحتية المدنية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تشهد موازنات الدول تحولاً جذرياً، حيث لم يعد إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على ميزانية الدفاع سقفاً، بل صار حداً أدنى. فقد أنشأت ألمانيا صندوقاً خاصاً للنفقات العسكرية بقيمة 100 مليار يورو، وتستهدف بولندا رفع نسبة الإنفاق العسكري إلى 4.7%، بينما تتطلع دول البلطيق إلى رفع الإنفاق إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتهدف السويد وفرنسا للوصول إلى نسبة 3.5%. كما أطلق الاتحاد الأوروبي خطة "إعادة تسليح أوروبا/الاستعداد لـ2030"، برافعة مالية تصل إلى 800 مليار يورو. ويختتم لوغانو بالتأكيد على أن التعبئة تشمل أيضاً بناء التحصينات وتهيئة الملاجئ.
سياسة دولي
سياسة دولي
سياسة دولي
سياسة دولي