دير الزور في الشتاء: معاناة قاسية من نقص الوقود وتفشي الأمراض بين الأطفال


هذا الخبر بعنوان "وقود مفقود ومرض حاضر في شتاء دير الزور" نشر أولاً على موقع North Press وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٠ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في ظل شتاء قارس يلف مدينة الشحيل بريف دير الزور الشرقي، يواجه السكان تحديات جمة تتمثل في نقص حاد بموارد التدفئة وتفشي الأمراض، مما يلقي بظلاله الثقيلة على الأسر، خاصة الأطفال. يقف علي الجاسم، وهو أب لسبعة أطفال، متأملاً تأثير البرد القاسي على أبنائه في منزلهم البسيط، حيث يصبح كل يوم صراعاً جديداً لمواجهة قسوة الطقس ونقص المستلزمات الأساسية.
يصف علي الجاسم الوضع لنورث برس قائلاً: "شتاء دير الزور قاسٍ جدًا، البرد شديد ونعاني من نقص كبير في وسائل التدفئة. الكثير من العائلات لا تملك المال لشراء الحطب أو الغاز أو أي مادة وقود. الأطفال يتعرضون للزكام بشكل متكرر في فصل الشتاء، وهذا يسبب لنا قلقًا كبيراً. نرى الأطفال يبكون من البرد ومن المرض، ونحاول قدر الإمكان مساعدتهم لكن الظروف صعبة للغاية". ويضيف أن المساعدات التي تقدمها بعض المنظمات بين الحين والآخر غير كافية، مؤكداً الحاجة إلى دعم مستمر يشمل الأدوية والأغطية والطعام الدافئ. ويشير إلى أن الشتاء "يفضح الفقير" بسبب المصاريف الإضافية، وأن معالجة أبنائه السبعة من نوبات الزكام المتكررة تدخله في الديون، متمنياً دعم الجهات المعنية بالوقود وتقديم خدمات طبية مجانية في المشافي، خاصة للفقراء.
من جانبها، صرح إداري في لجنة المحروقات بريف دير الزور، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لنورث برس، بأن كميات مازوت التدفئة المتوفرة كافية، وأن اللجنة تعمل على استكمال توزيعها على العائلات في ريف دير الزور الشرقي قريباً. وأوضح أن حوالي 30% من العائلات لم تتسلم مخصصاتها بعد لعدم ورود أسمائها ضمن القوائم الصادرة عن إدارة المحروقات بدير الزور، مؤكداً عدم إمكانية التوزيع خارج هذه القوائم. وأشار إلى أن العائلات غير المستفيدة وُجّهت لمراجعة إدارة المحروقات في المعامل لتسجيل أسمائها، لكن الأوضاع الأمنية والظروف الحالية تحول دون قدرة بعض العائلات على قطع مسافات تتجاوز 100 كيلومتر للوصول إلى مكتب الإدارة.
وفي سياق متصل، يصف الناشط والخبير الصحي جابر السعد الوضع الصحي في دير الزور بأنه "مقلق للغاية". ويقول: "رغم الإصلاحات، لا يزال هناك نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية. العديد من المراكز الصحية لا تعمل بكامل طاقتها بسبب نقص الكوادر والموارد". ويضيف السعد لنورث برس أنهم يحاولون تنظيم حملات توعية وتوزيع أدوية أساسية، لكنهم بحاجة إلى دعم أكبر، داعياً الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية إلى تكثيف جهودهم في تقديم الدعم الصحي لسكان دير الزور، مع ضرورة الاستجابة العاجلة لمواجهة هذا الوضع الحرج، خاصة فيما يتعلق بصحة الأطفال حيث ترتفع أعداد المرضى بسبب نزلات البرد.
من جهته، يؤكد الطبيب المختص بالأطفال أحمد الحميد من مدينة هجين أن الأطفال هم الأكثر عرضة للأمراض الشتوية. ويوضح: "خلال فصل الشتاء، نلاحظ زيادة كبيرة في حالات الزكام والتهابات الجهاز التنفسي. الأطفال هم الأكثر عرضة لهذه الأمراض بسبب ضعف المناعة الناتجة عن سوء التغذية والظروف البيئية. كما أن الكثير منهم يعيشون في أماكن غير مدفأة، مما يزيد من خطر الإصابة". وينصح الدكتور الحميد الآباء بمحاولة الحفاظ على دفء الأطفال بتوفير الملابس الدافئة وتجنب التعرض للبرد لفترات طويلة، مشدداً على أهمية التغذية السليمة في تقوية المناعة وضرورة مراجعة الطبيب فوراً عند ظهور أعراض المرض. ويشير إلى أن عيادته تستقبل يومياً ما لا يقل عن 30 حالة إصابة بالزكام، محاولاً تقديم العلاج والإرشاد لتخفيف الأعباء المالية على الأسر.
أما في مشفى الشحيل العام، فيشير الإداري محمود الصالح في حديث لنورث برس، إلى التحديات اليومية التي يواجهها الطاقم الطبي: "نواجه تحديات كبيرة في المستشفى بسبب نقص الموارد والكوادر. عدد المرضى يتزايد بشكل ملحوظ خلال فصل الشتاء، ونحاول تقديم أفضل رعاية ممكنة بالرغم من الصعوبات. نقص الأدوية والمستلزمات الطبية يؤثر بشكل مباشر على قدرتنا على تقديم العلاج". ويضيف الصالح أنهم يقومون بتوزيع الأدوية المتاحة بشكل عادل ويحاولون التعاون مع المنظمات الإنسانية للحصول على مزيد من الدعم، ويعملون على زيادة الوعي بين السكان حول كيفية الوقاية من الأمراض خلال فصل الشتاء.
مع بداية الشتاء في دير الزور، يواجه السكان، وخاصة الأطفال، واقعاً صحياً مؤلماً يتطلب استجابة عاجلة من الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية. ويعيش آلاف النازحين في مخيمات مؤقتة بريف دير الزور في خيام وملاجئ بدائية، تفتقر إلى التدفئة والماء الصالح للشرب والخدمات الصحية، مما يجعل مواجهة الشتاء القارس تحدياً يومياً، خاصة للأطفال والنساء. وتؤكد التقارير الصحفية أن البنية التحتية في دير الزور ما تزال مدمرة جزئياً أو كلياً، بما يشمل الكهرباء والماء والمدارس والمراكز الصحية، مما يجعل العودة إلى المنازل بعد الحرب شبه مستحيلة دون إعادة تأهيل كامل. وتبرز الحاجة الملحة لتوفير دعم مستدام لحماية الأسر وتأمين حياة كريمة في مواجهة الشتاء القارس.
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي