كفاءات سوريا المهاجرة: آلاف الأكاديميين الموفدين يطالبون الحكومة الجديدة بإنهاء "إرث الظلم" وعوائق العودة


هذا الخبر بعنوان "آلاف الموفدين السابقين يطالبون بحل قضيتهم العالقة منذ زمن النظام البائد.. ما القصة؟" نشر أولاً على موقع halabtodaytv وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٠ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
أطلق آلاف الأكاديميين والباحثين السوريين، الذين أُوفدوا إلى الخارج قبل سقوط الأسد، نداءً عاجلاً للحكومة السورية الجديدة. يطالب هؤلاء بحل إشكالياتهم القانونية والمالية العالقة، والتي يصفونها بـ"إرث من الظلم" خلفه النظام البائد، مما يحرم البلاد من كفاءاتها العلمية في مرحلة إعادة الإعمار الحاسمة.
يُقدر عدد هؤلاء الموفدين بين 3000 و5000 شخص، وهم يحملون شهادات الدكتوراه ويشغلون مناصب بحثية وعلمية مرموقة في جامعات عالمية. ومع ذلك، يواجهون عقبات جمة تمنعهم من العودة إلى وطنهم، أبرزها مطالبات مالية "تعجيزية"، ووجود أسمائهم على قوائم الممنوعين من السفر، بالإضافة إلى حجوزات على ممتلكاتهم وممتلكات كفلائهم.
في حديث خاص لـ"حلب اليوم"، قدم الدكتور صهيب رزوق، الذي أُوفد سابقاً من جامعة حلب وحصل على الدكتوراه في الآثار من بلجيكا، قراءة نقدية حادة لواقع هذا الملف. يردد الدكتور رزوق صوت آلاف زملائه الذين يشعرون بأنهم مستهدفون بسبب مواقفهم السابقة من النظام البائد. ويشير إلى أن الحكومة أصدرت المرسوم رقم 97 لعام 2025 بعد المطالبات بحل الملف، والذي يمنح مهلة سنة للموفدين المؤهلين لاستكمال إجراءات التعيين. إلا أنه يصف هذا المرسوم بأنه "غير شامل" و"مخيب للآمال" ولا يشجع على العودة، معتبراً إياه مجرد "نسخ لصق" لمرسوم سابق من نظام الأسد.
وحول نتائج هذا المرسوم، يؤكد الدكتور رزوق: "لا جديد حتى اليوم… الناس من المستحيل أن يرجعوا في هذه الظروف. الموضوع يعتبر قضية وطنية بامتياز، ويتعلق بالموفدين سابقاً لصالح كل وزارات ومؤسسات الدولة وقد أصبحوا دكاترة وباحثين في مختلف الجامعات والمعاهد العلمية في شتى أنحاء الأرض."
ويضيف الدكتور رزوق أن هناك تواصلاً مستمراً مع وزارة التعليم منذ بداية التحرير، حيث طُرحت عدة مبادرات من قبل الموفدين السابقين، مع تواصل مباشر مع الوزارة ممثلة بالوزير ومعاونيه. وقد تم إعداد مبادرات عديدة، كان آخرها مبادرة "سوريا أولاً" التوافقية التي قدمتها الأغلبية العظمى من الموفدين، والتي فصلت كل الملفات العالقة وقُدمت إلى وزارة التعليم وسُجلت رسمياً ونوقشت مباشرة مع المسؤولين، ولكن "دون أي نتيجة حتى اليوم".
في تشخيصه للسبب الجذري للمشكلة، يرى الدكتور رزوق وجود "تيارين في الوزارة؛ الأول هو الفلول الذين لا يزالون مسيطرين على بعض المواقع ولا يريدون عودة الموفدين، والتيار الثاني من مؤيدي الثورة والمشاركين فيها لكن بعضهم يعتقدون أن المعيدين في الخارج هم 'شبيحة' أو خونة، وهذا الكلام مرفوض قولاً واحداً، ومع الأسف لا تزال وزارة التعليم تكرر سياسات النظام البائد عبر إطلاق تصريحات ووعود دون تنفيذ شيء منها."
وفي بيان صدر باسم الموفدين في ذكرى التحرير الفائتة، أكد الموقعون أنهم "وجدوا أنفسهم ومعهم عائلاتهم محاصرين بمطالبات مالية غير عادلة، وبقرارات إنهاء إيفاد صدرت بتواريخ متأخرة لا تعكس الواقع القانوني الحقيقي. وقد أمضينا بعد التحرير عاماً كاملاً من الحوار والتشاور المسؤول مع وزارات التعليم العالي والبحث العلمي والمالية، وقدمنا خلاله رؤى واضحة ومتوازنة تحفظ للدولة حقوقها، وتصون للموفدين كرامتهم واعتبارهم، وتعيد الأمور إلى نصابها الصحيح."
واعتبر البيان أن "آثار السياسات الجائرة للنظام البائد تلاحق الكثير من الكفاءات الوطنية، وعلى رأسهم الموفدون الأكاديميون الذين تم إرسالهم خارج البلاد لمتابعة دراساتهم العليا، ثم وجدوا أنفسهم ضحايا. فعلى مدار عقود، قام النظام بتسييس قطاع التعليم العالي وتحويله إلى أداة طيّعة بيد الأجهزة الأمنية ومراكز النفوذ، فكان ملف الموفدين أحد أبرز ضحاياه. كثير من هؤلاء الموفدين حُرموا من حقوقهم، واعتُبروا منقطعين عن الخدمة بشكل تعسفي، وتمت ملاحقتهم مالياً وإدارياً وحتى أمنياً، فقط لأنهم رفضوا العودة إلى مؤسسات تخضع لهيمنة الفساد والمحسوبية."
يتهم الموقعون على البيان وزارة التعليم العالي بأنها "لا تزال تمثل امتداداً لعقلية النظام البائد رغم التغيير. وما يُثير الدهشة والأسى أن الأشخاص أنفسهم، الذين تربّوا في أحضان الاستبداد، لا يزالون يحتلون مواقع القرار، ويتحكمون بمصير آلاف الموفدين. فهؤلاء المسؤولون لا مصلحة لهم بعودة الأكاديميين والباحثين الذين يشكلون تهديداً فعلياً لامتيازاتهم ومناصبهم. إنهم يرون في أصحاب الكفاءة خطراً على نفوذهم، ولذلك يضعون العراقيل القانونية والإدارية أمام أي حل عادل يُنصف الموفدين، ويعيدهم إلى مؤسساتهم."
وأضاف البيان: "لقد قُدمت عشرات المبادرات والمقترحات لإيجاد تسوية عادلة للموفدين المتضررين، سواء من خلال تسويات مالية، أو إعادة تعيينهم، أو تشكيل لجان مختصة للنظر في ملفاتهم، إلا أن جميع هذه الجهود اصطدمت بجدار من اللامبالاة المتعمدة والبيروقراطية المعطّلة. وبدل أن يكون هناك توجّه وطني حقيقي لاستعادة العقول المهاجرة، يستمر البعض في سياسة الإقصاء والتهميش، وكأنهم يفضلون إبقاء الفراغ الأكاديمي بدلاً من عودة حملة الشهادات العليا."
ويؤكد الدكتور رزوق أنه "لا جديد حتى اليوم فيما قامت به الوزارة. إنهم فقط يقولون: ارجعوا ولكن ذلك مستحيل. الحل لا يكون بطرح التسوية المالية وإنما بإلغاء العقوبة. أنا واحد من بين الكثير من الموفدين الذين فصلوا من المنح بسبب الانخراط في الثورة، وتم تغريمنا بمبالغ كيدية مضاعفة بسبب مواقفنا من النظام البائد، فيما لم يتم اتخاذ تلك الإجراءات بحق مؤيدي النظام في زمن سيطرة الأسد. لقد كنا مطلوبين للأفرع الأمنية لأننا نرفض رفضاً قاطعاً المساهمة مع النظام وتمويل مجازره ولو بيورو واحد فكيف يتم تحملنا ثمن مواقفنا هذه حتى اليوم؟"
ويوضح الموفدون السابقون أن المشكلة لا تتوقف عند مجرد الإجراءات المالية والإدارية المتخذة بحقهم، بل تترتب عليها تبعات سلبية متعددة. يشرح الدكتور رزوق كيف اضطر لتأسيس حياة جديدة في الغربة بعد انقطاع منحته، ولا يزال – حاله حال الكثيرين – ممنوعاً من دخول سوريا بسبب المطالبات المالية بحقه، كما أن كفيله يعاني من الحجز على ممتلكاته بسبب التبعات المالية لملف إيفاده.
وأوضح أن "الموفد عادة بحاجة إلى كفيل يكفله سواء بأرض زراعية أو بمبلغ من المال أو بعقار، وكل الكفلاء المرتبطين بآلاف الموفدين يعانون اليوم مشكلة وجود إشارات حجز على أملاكهم، وهم ممنوعون من مغادرة سوريا أو دخولها إذا كانوا خارجها لأنهم ملاحقون قضائياً بموضوع مالي. نحن اليوم محرومون من أبسط حقوقنا ومن العودة لبلدنا لأننا وقفنا مع ضمائرنا وديننا وثورتنا، فيما مؤيدو النظام البائد والفلول لا يعانون تلك المشاكل."
يطالب الموفدون بتسوية شاملة وعادلة لأوضاعهم القانونية والإدارية، وإلغاء المطالبات المالية "التعجيزية" التي تبدأ من 200 ألف دولار وقد تصل إلى 500 ألف، ورفع الحجوزات عن ممتلكاتهم وممتلكات كفلائهم، وشطب أسمائهم فوراً من القوائم الأمنية وقوائم الممنوعين من السفر، مع تشكيل لجنة وطنية مستقلة تضم ممثلين عنهم للنظر في كل حالة.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة