الحرس الوطني بالسويداء يسعى للتقرب من التحالف الدولي بعد هجوم تدمر: عرض خدمات لواشنطن


هذا الخبر بعنوان "“الحرس الوطني” بالسويداء يستثمر في هجوم تدمر" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢١ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
على خلفية مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني وعنصر من الأمن العام السوري في مدينة تدمر وسط سوريا، بتاريخ 13 من كانون الأول الحالي، أصدر “الحرس الوطني” التابع للرئيس الروحي للطائفة الدرزية في السويداء، حكمت الهجري، بيان تعزية. عبّر البيان عن جاهزية قواته واستعدادها الكامل للمشاركة مع قوات التحالف الدولي في أي جهد يهدف لاجتثاث “العناصر الإرهابية” من البادية الشرقية، التي وصفها بأنها امتداد طبيعي لبادية “جبل باشان”.
في المقابل، رأى محللون أن الهجري يحاول التقرب من الأمريكيين وعرض خدمات “الحرس الوطني”، مشككين في أهمية هذا العرض ومدى تأهيل هذا الطرف للعب دور فعال في محاربة التنظيمات الإرهابية.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية قد أعلنت، في 13 من كانون الأول الحالي، مقتل اثنين من أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية ومدني أمريكي، وإصابة ثلاثة آخرين، جراء كمين مسلح نفذه عنصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا. جاء إعلان التحالف عقب حادثة إطلاق نار وقعت قرب مدينة تدمر، أثناء تنفيذ جولة ميدانية مشتركة لقوات أمن سورية وقوات أمريكية.
وبحسب مراسل عنب بلدي حينها، دخلت القوات الأمريكية بشكل معلن إلى مدينة تدمر بعمق البادية السورية عبر رتل مؤلف من نحو 15 عربة عسكرية أمريكية، فيما رافقتها عربات للجيش السوري قادمة من قاعدة التنف على الشريط الحدودي. وأضاف المراسل أن القوات الأمريكية أجرت دورية مشتركة بمرافقة الجيش السوري الموجود في مدينة تدمر.
من جانبه، صرح المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، لـ”الإخبارية” السورية الرسمية، بأن قيادة الأمن الداخلي كانت قد وجهت تحذيرات مسبقة إلى القوات الشريكة في منطقة البادية، بشأن احتمال وقوع خروقات أمنية أو هجمات متوقعة لتنظيم “الدولة الإسلامية”. وأشار إلى أن منفذ الهجوم لا يملك أي ارتباط قيادي داخل الأمن الداخلي ولا يعد مرافقًا للقيادة، بحسب البابا.
أصدر “الحرس الوطني” التابع للرئيس الروحي للطائفة الدرزية في السويداء، حكمت الهجري، بيانًا على خلفية الحادثة، تقدم فيه بخالص التعزية إلى عائلات الجنود الأمريكيين الذين قضوا، معربًا عن مشاركة ذوي القتلى الأمريكيين الحزن على مصابهم، وتضامنه الإنساني مع الجرحى وتمنياته لهم بالشفاء.
وأشار “الحرس الوطني” في بيانه إلى أن الجنود الأمريكيين قُتلوا إثر تعرضهم لإطلاق نار مما أسماها “عناصر إرهابية” مندمجة بقوات الأمن العام التابعة للحكومة السورية في منطقة تدمر، مما أدى إلى مقتل اثنين من الجنود وإصابة آخرين. وأضاف أن “الاعتداء يؤكد مجددًا أن الإرهاب واحد، ويستهدف كل من يختلف عن فكرة التطرف دون تمييز بين شعب وآخر أو قوة وأخرى، فالعقيدة الإرهابية التي تتحرك بها هذه المجموعات هي ذاتها التي تهدد أمن المنطقة بأكملها”.
يرى الباحث في مركز “الحوار للأبحاث والدراسات بواشنطن”، عمار جلو، أن “الحرس الوطني” يحاول من وراء البيان رسم صورة أنه فاعل محلي يجب أن يتعاطى مع أي حدث محلي أو إقليمي أو دولي، وأصدر بيانًا على غرار وزارات الخارجية المعنية بالدول التي تصدر بيانات حول أي حادث محلي وإقليمي ذي صلة ببلدانها. ويعتقد جلو أن “الحرس الوطني” يسعى من خلال البيان إلى إظهار وإثبات وجوده والإشارة إلى الآخرين بذلك.
من جانبه، يعتقد المحلل السياسي حسام طالب، أن “الحرس الوطني” يحاول استغلال ما حدث في تدمر لإثبات أنه قوة موجودة، رغم أن الأعمال التي قام بها ضد البدو وعناصر الأمن العام السوري، ومؤخرًا ضد المعتقلين الذين توفوا في سجونه وفي مقدمتهم الشيخ رائد المتني، تثبت أنه غير مؤهل للعب دور المتضامن مع الضحايا في عملية تدمر.
يعتقد المحلل السياسي حسام طالب أن “الحرس الوطني” يحاول إرسال رسالة مفادها أن الدولة السورية ومؤسساتها تضم عناصر “إرهابيين”، لكن الرسالة لن تصل، بحسب رأيه، فالحكومة السورية انضمت إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وهناك تعاون بين الجيش والأمن السوري والتحالف الدولي، كما أن الولايات المتحدة صرحت على لسان أكثر من مسؤول أمريكي أن منفذ العملية ينتمي لتنظيم “الدولة”، وهو خارج نطاق الدولة السورية ومؤسساتها.
ويرى الباحث عمار جلو أن اتهام الحكومة السورية بالوقوف وراء حادثة تدمر، ناتج عن تخبط التصريحات من قبل الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية السورية، الذي تحدث أن المنفذ عنصر من الداخلية كان سيتم عزله من صفوف الأمن العام، لكن تأخر القرار كون الحادثة حصلت في يوم عطلة رسمية. وأشار إلى أن واشنطن نفت صلة الحكومة السورية بالحادثة، وقالت إن المنفذ عنصر من تنظيم “الدولة”. ويعتقد جلو أن وقوف عنصر من الأمن العام وراء الحادثة لا يعيب الحكومة السورية، منوهًا إلى أن التحليلات كانت تشير إلى احتمالية انسحاب فصائل عسكرية كاملة من قوات الجيش السوري، مضيفًا أن بعض هذه التحليلات وصلت إلى توقع حدوث انهيار كامل في الحكومة السورية، على خلفية الانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وبالتالي فإن وجود حالات فردية ضمن الأمن السوري تتجه في هذا المنحى.
أكد “الحرس الوطني” في البيان، انطلاقًا مما أسماه “مسؤولياته الوطنية والأخلاقية”، جاهزية قواته واستعدادها الكامل للمشاركة مع قوات التحالف الدولي في أي جهد يهدف لاجتثاث “العناصر الإرهابية” من البادية الشرقية، التي قال إنها تشكل امتدادًا طبيعيًا لبادية “جبل باشان”، بما يضمن تعزيز الأمن والاستقرار ومنع تمدد التهديدات الإرهابية نحو قرى السويداء وبلداتها.
وقال إن “محاربة الإرهاب كانت وستبقى أحد الأهداف الأساسية لـ(الحرس الوطني)”، إلى جانب واجبه الثابت في حماية الجبل وأهله من كل المخاطر الأمنية، سواء كانت داخلية أو خارجية، متعهدًا بمواصلة قواته لأداء مهامها وفق القانون، وبما ينسجم مع قيم الجبل وأخلاقه الراسخة.
يعتقد المحلل السياسي حسام طالب أن “الحرس الوطني” يحاول إرسال رسائل إلى الولايات المتحدة على أمل التواصل معه من قبل الحكومة الأمريكية، معتقدًا أن هذا الأمر لن يحدث. ونوه طالب إلى أن “الحرس الوطني” لولا الدعم الإسرائيلي لما ظهر على الساحة، مشيرًا إلى أن إسرائيل لن تتدخل في سوريا لتدعمه دائمًا، وهي تستخدمه كورقة ضغط على الحكومة السورية لا أكثر، بحسب رأيه.
من جانبه، يرى الباحث عمار جلو أن “الحرس الوطني” يحاول شراء مواقف من الآخرين والحصول على دعم على أساس أنه فاعل محلي قادر على محاربة تنظيم “الدولة”. وأضاف جلو أن “الحرس الوطني” يرسل رسالة لبناء تحالفات مع القوى الإقليمية والدولية تحديدًا واشنطن بصفته طرفًا يمكن الاعتماد عليه، أسوة “بقوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في 2014، عندما كانت فصائل من “الجيش الحر” تتجنب إلى حد كبير مقاتلة تنظيم “الدولة”، كون أساس التعاون بينها كان القتال ضد نظام الأسد، مما أعطى المجال لـ”قسد” للتعاون مع القوات الأمريكية. ويعتقد جلو أن “الحرس الوطني” يبحث عن فرصة قد تكون مواتية ليجد حليفًا داعمًا له، محاولًا الاستفادة من الظروف المحيطة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر بعيد كل البعد وفق المعطيات الراهنة. وتوقع جلو أن تذهب الأمور إلى حلحلة الملفات في سوريا، بعيدًا عن زيادة التعقيد والتوتر في الداخل السوري.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة