تصعيد حلب الدموي يضع العلاقة بين دمشق و"قسد" على المحك بالتزامن مع زيارة الوفد التركي


هذا الخبر بعنوان "اشتباكات حلب تفتح ملف العلاقة بين دمشق و"قسد" على وقع زيارة الوفد التركي" نشر أولاً على موقع hashtagsyria.com وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٣ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
شهدت مدينة حلب مساء أمس الإثنين، تصعيداً أمنياً مفاجئاً تمثل في اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد". أسفرت هذه الاشتباكات عن سقوط قتلى وجرحى، إضافة إلى حركة نزوح محدودة، قبل أن يتم الإعلان عن تهدئة ميدانية بوساطات خارجية. يأتي هذا التطور في توقيت بالغ الحساسية، حيث يتزامن مع زيارة وفد تركي رفيع المستوى إلى دمشق، ومع تصاعد النقاشات الإقليمية حول مستقبل العلاقة بين دمشق و"قسد" وملف دمج الأخيرة ضمن مؤسسات الدولة السورية.
مساء الإثنين، أوعزت كل من وزارة الدفاع السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" لعناصرهما بوقف تبادل إطلاق النار، وذلك عقب الاشتباكات العنيفة التي اندلعت في مدينة حلب شمالي سوريا، والتي أدت إلى مقتل 3 أشخاص على الأقل وإصابة آخرين بجروح.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا" عن وزارة الدفاع أن قيادة الأركان في الجيش السوري أصدرت "أمراً بإيقاف استهداف مصادر نيران قسد بعد تحييد عدد منها". من جانبها، أعلنت "قسد" عن إصدار "توجيهات لقواتنا بإيقاف الرد على هجمات فصائل حكومة دمشق، تلبية لاتصالات التهدئة الجارية".
وكانت الاشتباكات قد اندلعت في محيط أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، وسط تبادل للاتهامات بين الطرفين بشأن المسؤولية عن التصعيد. وقد تزامنت هذه الأحداث مع تحذيرات إقليمية من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة أوسع نطاقاً.
توقفت جميع أشكال الاشتباكات، كما توقفت حركة النزوح التي شهدتها المنطقة في الساعات الماضية، وذلك بعد قصف مكثف استخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة، بما في ذلك المدفعية وراجمات الصواريخ وقذائف الهاون.
كشفت تقارير صحافية أن التهدئة تم التوصل إليها بوساطات خارجية، دون الكشف عن تفاصيل إضافية بشأن طبيعة هذه الوساطات أو الأطراف المشاركة فيها.
وفي خضم الاشتباكات، ذكرت وكالة "سانا" أن قوات سوريا الديمقراطية استهدفت مشفى الرازي في مدينة حلب. غير أن "قسد" نفت هذه الاتهامات نفياً قاطعاً، معتبرة أن حكومة دمشق ووسائل إعلامها "تفبرك وتروّج أخبارًا كاذبة ومختلقة عن قصف مزعوم للمشفى، في محاولة للتضليل وقلب الحقائق". وأكدت قوات سوريا الديمقراطية في بيان أن مشفى الرازي "لم يكن مستهدفًا بأي شكل"، مشيرة إلى وجود عشرات مقاطع الفيديو الموثقة التي تُظهر "قصفًا مدفعيًا وبالدبابات نفذته فصائل حكومة دمشق على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية ومناطق أخرى".
تأتي هذه التطورات بعد تصريحات لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان، عبّر فيها عن تشاؤمه حيال تنفيذ اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن الجيش السوري قبل نهاية العام الجاري. وقد تزامنت هذه التصريحات مع توترات ميدانية شمالي سوريا، مما فتح الباب أمام قراءات متعددة حول مستقبل هذا الملف، ولا سيما في ظل تحذيرات تركية سابقة من احتمال تنفيذ عمليات عسكرية ضد القوات الكردية التي تصنفها أنقرة تنظيمات "إرهابية".
مساء الإثنين، شهدت مناطق الاشتباك حالات نزوح في المناطق المحيطة بحيي الأشرفية والشيخ مقصود، على الرغم من إعلان وقف إطلاق النار. إذ فرضت قوى الأمن الداخلي طوقاً أمنياً في المنطقة، بهدف حماية المدنيين وتأمين خروجهم، وسط حالة من الترقب لما ستؤول إليه الأوضاع في الساعات المقبلة.
تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على نحو 60 ألف كيلومتر مربع شمال شرقي سوريا، أي ما يعادل قرابة 25.6% من مساحة البلاد، وفق مركز الجسور للدراسات. وتشمل هذه المناطق أجزاء من ريف حلب، ولا سيما الشيخ مقصود والأشرفية، إضافة إلى محافظتي الرقة والحسكة حيث تتركز غالبية الثروات النفطية السورية. يُعد ملف دمج قوات سوريا الديمقراطية أحد أكثر الملفات تعقيدًا في المشهد السوري؛ إذ يراه مراقبون خطوة قد تنهي أعمق انقسام متبقٍ في البلاد، في حين يُحذر آخرون من أن فشل هذا المسار قد يعيد البلاد إلى دائرة صراع مسلح جديد، ويزيد احتمالات التدخل الإقليمي.
وبينما أعادت التهدئة المؤقتة الهدوء إلى أحياء حلب المتأثرة بالاشتباكات، يبقى المشهد مفتوحًا على احتمالات متعددة، في ظل تداخل المسارات الميدانية والسياسية والإقليمية. فغياب توافق واضح في مستقبل العلاقة بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، واستمرار الضغوط الخارجية، ولا سيما التركية، يجعل من أي تصعيد محدود قابلًا للتحول إلى أزمة أوسع، ما لم تُترجم جهود الوساطة إلى ترتيبات مستدامة تُجنّب المدنيين كلفة صراع جديد في مدينة أنهكتها سنوات الحرب.
سوريا محلي
سوريا محلي
سياسة
سياسة