الطريق الدولي M4 في سوريا: ستة أعوام من الإغلاق تشلّ الحياة والاقتصاد في الحسكة


هذا الخبر بعنوان "منذ ستة أعوام.. أكثر الطرق حيويةً في سوريا مغلق تماماً" نشر أولاً على موقع North Press وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في قرية "تل تمر شامية" شمالي الحسكة، كان السبعيني خليل رمضان يعيش على حيوية الطريق الدولي M4. فكل صباح، كان يفتح كشكه الصغير لاستقبال المارة والمسافرين، بينما كانت سيارته الكبيرة تنقل الحبوب والقطن بين القرى وحلب، مما وفر له ولأهالي المنطقة مصدر رزق مستمر. لكن هذا المشهد تغير جذرياً منذ إغلاق الطريق M4 قبل ستة أعوام، فتوقف كل شيء. أصبح كشك خليل مغلقاً أغلب الأيام، واقتصر عمل سيارة الشحن على نقل البضائع داخل الحسكة فقط، ليظل خليل يتذكر الأيام التي كان فيها الطريق شريان حياة للمنطقة بأسرها، مؤكداً: "عندما يكون الطريق سالكاً، يعم الخير على الجميع".
يوضح خليل رمضان، وهو من سكان ريف تل تمر وصاحب سيارة شحن صغيرة وكشك على الطريق الدولي، أن الطريق كان بمثابة مسار مختصر للتنقل بين المدن والمحافظات الأخرى دون الحاجة للمرور عبر الحسكة للوصول إلى دمشق أو حلب. وخلال حديثه لنورث برس، أشار رمضان إلى أن إغلاق الطريق أثر بشكل كبير على أعماله اليومية، حيث توقف عمل كشكه ومطعمه الصغير في قريته "تل تمر شامية" بشكل تام. كما توقف نشاط سيارة الشحن التي كانت تنقل الحبوب والقطن إلى حلب وبالعكس، ليقتصر عملها الآن على نقل البضائع والحبوب داخل الحسكة فقط. ويختتم رمضان حديثه متمنياً فتح الطريق مجدداً أمام حركة المارة والتجارة ليعم الخير على الجميع مرة أخرى.
من جانبه، يؤكد سعيد سليمان، وهو من سكان ريف تل تمر وصاحب محل للمواد الغذائية على الطريق الدولي M4، أن انقطاع الطريق يؤثر بشكل مباشر على النشاط التجاري وحركة التنقل، خاصة في الحالات الإسعافية. وأوضح سليمان لنورث برس أن إغلاق الطريق يضطره للذهاب عبر الحسكة للوصول إلى دمشق، مما يزيد المخاطر على المتنقلين ويؤثر سلباً على السكان. وأضاف أن توقف الطريق يرفع أسعار المواد بشكل ملحوظ، حيث تسلك سيارات الشحن طرقاً أطول، مما يزيد أجور النقل واستهلاك المحروقات، وبالتالي ترتفع أسعار السلع مثل الفواكه في المنطقة. وأكد سليمان أن أغلب السكان يعتمدون على الطريق كمصدر رئيسي للرزق، حيث افتتحوا محلات تجارية على أطرافه للاستفادة من المارة، وطالب بفتح الطريق مجدداً، مؤكداً أنه لا علاقة له بالأمور السياسية ويخدم السكان، وأن إغلاقه تسبب بتراجع حركة التجارة بنسبة تتجاوز النصف.
أما فرحان الأحمد، وهو أيضاً من سكان ريف تل تمر وصاحب محلات تجارية على الطريق الدولي M4، فيشير إلى أن الطريق كان يوفر مصدر رزق لجميع أصحاب المحلات والاستراحات. وأضاف لنورث برس أن إغلاق الطريق أدى إلى توقف كامل لأعماله، حيث أغلقت محلاته الأربعة ولم يعد يستفيد منها، رغم أن بناءها كان يهدف أيضاً لدعم بناء منزله. وأكد الأحمد أن مردوده المادي تراجع بنسبة مئة بالمئة بعد توقف الحركة على الطريق، بينما كان سابقاً يعتمد على الحركة اليومية للمارة والعمل بالقرب من منزله. وأوضح فرحان أن التأثير لا يقتصر على الجانب التجاري فقط، بل يشمل التنقل أيضاً، إذ يربط الطريق بين قريته ومدينة الرقة خلال ساعتين، بينما البدائل عبر طريق الحسكة – تل أبيض تستغرق أحياناً حتى خمس ساعات، مختتماً بالقول: "نطالب بفتح الطريق مجدداً وتوفير الأمن والأمان عليه".
يُعد الطريق الدولي M4 من الشرايين الرئيسية في شمال سوريا، ويمتد من الساحل الغربي مروراً بمدينة حلب، وصولاً إلى محافظات شمال شرق البلاد مثل الحسكة، حيث يربط القرى والمدن ببعضها ويوفر مساراً مباشراً للشحن والنقل التجاري. يمتد القسم المعروف من M4 بطول نحو 120 كيلومتراً، ويتيح عبور البضائع والركاب بين المدن دون الحاجة للمرور عبر طرق أطول أو أكثر خطورة. وبفضل هذا الامتداد، أصبح الطريق شريان حياة للأنشطة الاقتصادية والزراعية في المنطقة، خاصة لنقل الحبوب والقطن والسلع الأساسية، كما أنه يربط الطريق M4 بمسار M5 الحيوي الذي يتجه جنوب البلاد نحو دمشق، ما يعزز أهميته الاقتصادية والاستراتيجية.
أدى إغلاق الطريق منذ عام 2019، بعد عملية عسكرية تركية في مدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، إلى توقف النشاط التجاري وحركة النقل بين القرى والمدن، ما أثر بشكل مباشر على مصادر رزق السكان المحليين. فقد تراجعت مبيعات أصحاب الأكشاك والمحلات على طول الطريق بنسبة كبيرة، حيث أشار تقرير محلي إلى انخفاض المبيعات اليومية من نحو 200,000 ليرة سورية إلى أقل من 50,000 ليرة بعد الإغلاق. كما توقفت حركة الشحن التجاري بين القرى والمدن، ما جعل نقل الحبوب والقطن والسلع الأخرى محدوداً ضمن نطاق محافظة الحسكة فقط. وعلاوة على ذلك، زادت تكلفة النقل بشكل ملحوظ بسبب اللجوء إلى طرق أطول، مما رفع أسعار السلع الأساسية على السكان المحليين، مثل الفواكه والخضار والمواد الغذائية، ما تسبب في ضغط اقتصادي كبير على المجتمع المحلي.
تحول الطريق الدولي M4 منذ عملية "نبع السلام" التركية في أكتوبر 2019 إلى منطقة غير آمنة، نتيجة سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها على أجزاء من الطريق وفرض نقاط تفتيش متعددة، ما جعل الحركة المدنية والتجارية شبه مستحيلة. ووفق تقارير، شهدت المنطقة في تلك الفترة قصفاً واشتباكات ونيراناً على الأراضي الزراعية المحاذية للطريق، إضافة إلى انتشار الألغام والمتفجرات غير المنفجرة، ما عرض المدنيين للخطر عند محاولة استخدام الطريق.
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد