خبراء يحللون مستقبل الليرة السورية الجديدة: سيناريوهات محتملة لسعر الصرف


هذا الخبر بعنوان "سعر الصرف بعد طرح العملة الجديدة.. إلى أين؟" نشر أولاً على موقع eqtsad وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٥ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في تحليل معمق، استعرضت صحيفة "الثورة السورية" آراء عدد من الخبراء الاقتصاديين حول السيناريوهات المتوقعة لسعر صرف الليرة السورية عقب طرح العملة الجديدة مطلع العام 2026. ونقلت الصحيفة عن الباحث الاقتصادي إيهاب اسمندر تحديده لثلاثة سيناريوهات محتملة لسعر الصرف. يتمثل السيناريو الأول، وهو المتفائل ولكنه غير مرجح على المدى القصير، في تحقيق استقرار نسبي لسعر الصرف الجديد إذا ما اقترن إصدار الليرة الجديدة بإصلاح اقتصادي حقيقي. أما السيناريو الثاني، الذي وصفه اسمندر بالواقعي والأكثر احتمالاً، فيتوقع تحسناً نفسياً قصير الأمد يليه عودة تدريجية للانخفاض بسبب استمرار الضغوط التضخمية الأساسية. ويحذر السيناريو الثالث، المتشائم، من فقدان السوق للثقة وتراجع سعر الصرف بوتيرة أسرع من السابق في حال استمرت سياسة طباعة العملة الجديدة دون اتخاذ إجراءات اقتصادية علمية.
وأوضح اسمندر أن التنبؤ بسعر صرف الليرة بعد طرح العملة الجديدة يتسم بالتعقيد، إذ لا يقتصر الأمر على مجرد حذف الصفرين بل يعتمد على عوامل متشابكة. وأشار في تصريحاته لصحيفة "الثورة السورية" إلى أن غياب الإصلاحات الهيكلية قد يؤدي إلى انخفاض قيمة الليرة الجديدة، خاصة إذا اقتصر التغيير على إعادة التسمية دون معالجة الأسباب الجذرية للتضخم، كالعجز المالي وطباعة النقود لتمويل الحكومة وعجز الحساب الجاري.
في سياق متصل، نقلت الصحيفة عن مصادر مصرفية، لم تسمها، تأكيدها أن "خطر التضخم محدود" لأن هذه الخطوة لا تتضمن توسيع الكتلة النقدية، مشيرة إلى أن المصرف المركزي لن يلجأ إلى الطباعة على المكشوف. واعتبرت المصادر أن أزمة الليرة تعود في معظمها لأسباب سياسية مرتبطة بالنظام المخلوع، وأن السياسة الخارجية الراهنة تسهم في اتخاذ إجراءات اقتصادية فعالة. كما توقعت المصادر المصرفية تدفق الاستثمارات إلى سوريا بمجرد رفع العقوبات، مما سينشط العجلة الاقتصادية.
من جانبه، أوضح الباحث الاقتصادي خالد التركاوي أن تحديد سعر صرف العملة الجديدة مقابل العملات الأجنبية يختلف جذرياً بين الجانب النظري والعملي. فمن الناحية النظرية، يعتمد الأمر على حذف الأصفار ضمن مبدأ اقتصادي بحت يعرف بالتصفير، مما يعني أن طرح العملة لن يغير من قوتها الشرائية أمام العملات الأخرى. لكن التركاوي أكد لصحيفة "الثورة السورية" أن تحديد السعر عملياً يعتمد بشكل أساسي على حجم العرض والطلب ومدى القبول الشعبي للعملة، لافتاً إلى أن الأوراق النقدية التي تحمل صورة رأس النظام المخلوع لم تحظ بقبول واسع في مناطق عديدة خلال السنوات الماضية.
وأشار التركاوي إلى الأهمية البالغة لقبول العملة الجديدة في جميع أنحاء الجغرافية السورية لتحديد سعرها، خصوصاً مع وجود مناطق خارج سيطرة الحكومة السورية، مثل أجزاء من الجزيرة السورية والسويداء. فرفض التعامل بها سيخلق تحديات تنعكس سلباً على قوتها أمام العملات الأخرى. كما بيّن أن قوة العملة عند طرحها للتداول ترتبط بإجراءات المصرف المركزي في شراء العملة وتخفيض الكتلة النقدية، مؤكداً أن انخفاض الكتلة النقدية يزيد من قيمة الليرة والعكس صحيح.
وتوقع التركاوي أن يتوخى المصرف المركزي الحذر في المرحلة الأولى فيما يتعلق بكميات الكتلة النقدية المطروحة، موضحاً أن تحديد القيمة يعود إلى الآليات التقنية الخاصة بالمصرف المركزي عند بدء الطرح وعملية التبديل بين العملتين القديمة والجديدة. ووفقاً للمصادر المصرفية التي استشهدت بها "الثورة السورية"، فإن العملة الجديدة لن تحمل صوراً لشخصيات أو رموز تاريخية، بل ستتضمن رموزاً شاملة تعكس الوحدة الوطنية.
بدوره، أكد المحاسب القانوني والمستشار المالي والاقتصادي محمد ناصر حمو أهمية حذف الصفرين في الحفاظ على استقرار أسعار السلع وتجنب التضخم المفاجئ وضبط الأسواق. كما يرى أن هذه الخطوة ستسهل التكيف التدريجي والمدروس مع طرح العملة الجديدة، مما يجنب حدوث تغيرات جذرية في النظام المالي. وأوضح حمو أن المعروض النقدي الحقيقي لن يتغير، حيث يقتصر التعديل على طريقة عرض الأرقام، لكنه سيعزز القوة الشرائية لليرة من الناحية النفسية، مما يخفف الأعباء المالية عن المواطنين.
وأشار حمو إلى أن قوة العملة الجديدة تظل مرهونة بتوفر عدة عوامل أساسية، منها زيادة الإنتاج المحلي، وارتفاع الناتج الإجمالي، وتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، وتراجع معدلات التضخم.
وذكرت المصادر المصرفية التي نقلت عنها "الثورة السورية" أن فترة التعايش بين العملتين القديمة والجديدة ستكون ثلاثة أشهر كحد أدنى، وخمس سنوات كحد أقصى وفقاً للقانون. لكن حمو رأى أن هذه الفترة يجب أن تكون قصيرة لا تتجاوز عاماً واحداً لتجنب الارتباك وضمان انتقال سلس، داعياً الجهات المعنية إلى تنظيم ورش عمل توعوية قبل طرح العملة في الأسواق والمصارف.
وكان حاكم مصرف سوريا المركزي، الدكتور عبد القادر حصرية، قد أعلن في بيان سابق، اليوم الخميس، أن الأول من كانون الثاني 2026 سيكون موعداً لإطلاق العملة السورية الجديدة وبدء عملية استبدال العملة القديمة. وأشار إلى صدور المرسوم رقم 293 لعام 2025 المتعلق بولادة العملة السورية الجديدة، واصفاً إياها بـ"محطة وطنية مفصلية تعكس بداية مرحلة اقتصادية ونقدية جديدة". كما أعلن الحاكم مساء اليوم الخميس عن عقد مؤتمر صحفي حول العملة السورية الجديدة يوم الأحد المقبل الموافق 28/12/2025، لتوضيح كافة تفاصيل عملية الاستبدال، بما في ذلك المهل والمراكز المعتمدة وخطوات التنفيذ، بهدف ضمان انتقال سلس وسهل للمواطنين، مع إتاحة الفرصة للإجابة على الاستفسارات بشفافية كاملة.
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد