تفاهمات دمشق و"قسد" في مهب السجال: تباين حاد حول السيادة والإدارة ومستقبل شمال شرق سوريا


هذا الخبر بعنوان "سجال سياسي حول مسار التفاهمات بين دمشق و"قسد" وتباين في الرؤى بشأن السيادة والإدارة" نشر أولاً على موقع hashtagsyria.com وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٦ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
عاد الجدل السياسي المحتدم حول مستقبل منطقة شمال شرق سوريا إلى الواجهة، مع تباين جوهري في مقاربات الحكومة السورية وقيادة قوات سوريا الديمقراطية ("قسد") لمسار التفاهمات المعلنة. تتجلى هذه الخلافات بشكل خاص في ملفات السيادة، وإدارة الموارد، والترتيبات العسكرية، وشكل الحكم المحلي، وسط تأكيد متبادل على استمرار الحوار، يقابله تشكيك رسمي بجدية الانتقال من الأقوال إلى الأفعال.
فقد نقل مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين في الحكومة الانتقالية، بحسب وكالة الأنباء السورية، أن الحديث المتكرر عن وحدة البلاد لا ينسجم مع الوقائع الميدانية في شمال شرق سوريا. وأوضح المصدر أن المنطقة تشهد عمل هياكل إدارية وأمنية وعسكرية خارج إطار مؤسسات الدولة وبآليات مستقلة، ما يكرّس حالة الانقسام بدلاً من معالجتها ضمن مسار وطني جامع.
وأشار المصدر إلى أن الطروحات المتعلقة بدمج مؤسسات المنطقة ضمن مؤسسات الدولة لم تتجاوز حتى الآن مستوى التصريحات العامة، دون إجراءات عملية أو جداول زمنية محددة، ما يثير تساؤلات حول مدى الالتزام بتفاهمات العاشر من آذار. كما أكد أن الإشارة المستمرة إلى وجود حوار مع دمشق لم تُترجم إلى نتائج ملموسة، في ظل جمود سياسي وغياب خطوات تنفيذية واضحة.
وفيما يخص الموارد الطبيعية، لفت المصدر إلى أن التأكيد على أن النفط ملك لجميع السوريين يفقد قيمته العملية ما دامت إدارته خارج الأطر الرسمية للدولة، ولا تدخل عائداته ضمن الموازنة العامة. واعتبر أن أي حديث عن تقارب في وجهات النظر يظل بلا أثر فعلي ما لم يُترجم إلى اتفاقات رسمية واضحة بآليات تنفيذ محددة زمنياً.
وانتقد المصدر الطرح المتداول للامركزية، معتبراً أنه يتجاوز البعد الإداري نحو صيغ سياسية وأمنية قد تمس وحدة الدولة وتؤدي إلى ترسيخ كيانات أمر واقع. كما أشار إلى أن الحديث عن إدارة المنطقة من قبل "أبنائها" يتجاهل قضايا تتعلق بالإقصاء السياسي، واحتكار القرار، وضعف التمثيل الحقيقي للتنوع المجتمعي في شمال شرق سوريا.
وفي الملف العسكري، شدد المصدر على أن استمرار وجود تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش السوري، بقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، يشكل مساساً بالسيادة ويعرقل جهود الاستقرار. ونوه إلى أن السيطرة المنفردة على المعابر والحدود واستخدامها كورقة تفاوض يتناقض مع المبادئ الوطنية والسيادية.
في المقابل، أكد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، خلال مشاركته عبر الاتصال المرئي في لقاء الهيئة الاستشارية لدعم لجنة التفاوض في شمال وشرق سوريا، الذي عُقد في مدينة الطبقة، أن الاتفاق المبرم مع دمشق يهدف إلى معالجة القضايا السورية عبر الحوار والوسائل السلمية، وبما يحفظ وحدة الأراضي السورية.
وأشار عبدي، في لقاء ضم وجهاء عشائر وشخصيات دينية وممثلين عن المجتمع المدني، إلى استمرار التواصل مع الحكومة السورية، بشكل مباشر وغير مباشر، رغم حدوث تجاوزات متفرقة، مع السعي لتحقيق تقدم تدريجي في مسار التفاهمات. وأعرب عن اعتقاده بأن الفترة الأخيرة شهدت تطوراً نسبياً في وتيرة الحوار مقارنة بالمراحل السابقة.
وأوضح عبدي أن الملفات الأمنية والعسكرية، والمعابر الحدودية، والثروات الباطنية، تُعد ملكاً عاماً للسوريين، ويجب إدارتها بطريقة عادلة، لافتاً إلى وجود أفكار قيد النقاش تتعلق بآليات الدمج الأمني والعسكري، بما يضمن الاستقرار واستمرار مكافحة الإرهاب، بحسب المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية. وأضاف أن لقاءات جديدة مع دمشق مرتقبة لمتابعة هذه الملفات، على أن يتم الإعلان عن أي نتائج يتم التوصل إليها بصورة مشتركة.
ونفى عبدي وجود سقف زمني لانتهاء الاتفاق أو العودة إلى الخيار العسكري، مؤكداً أن وقف إطلاق النار غير مرتبط بنهاية العام، وأن تنفيذ التفاهمات يحظى بدعم أطراف محلية وإقليمية ودولية. كما شدد على أهمية نبذ خطاب الكراهية، داعياً إلى تعزيز الحوار المجتمعي والبناء.
وتطرق عبدي إلى القضايا الدستورية، مشيراً إلى أنها تمثل محوراً أساسياً في مستقبل سوريا، وتشمل شكل الدولة ونظام الحكم والحريات والتشاركية في السلطة، وهي ملفات تحتاج إلى حوار وطني شامل ضمن المرحلة الانتقالية. وإلى حين إنجاز ذلك، رأى أن بالإمكان اتخاذ خطوات مرحلية لدمج المؤسسات ضمن إطار دولة جامعة. كما أكد أن رؤية "قسد" تقوم على اعتماد اللامركزية كآلية لتقاسم الصلاحيات بين المركز والمناطق، وتجاوز نماذج الإدارة المركزية، بما يتيح مشاركة السكان المحليين في صنع القرار.
وفي ملف عودة المهجّرين من عفرين وسري كانيه وتل أبيض، أشار عبدي إلى وجود تفاهم مبدئي سابق، إلا أن تحديات متعددة لا تزال تحول دون تحقيق عودة آمنة وكريمة.
سياسة
سياسة
سياسة
سوريا محلي