طرطوس على مفترق طرق: مطالب شعبية لضبط الفوضى البصرية وتنشيط الاقتصاد ومعالجة الثغرات الأمنية


هذا الخبر بعنوان "طرطوس: مطالب شعبية لضبط وتحسين وجه المدينة" نشر أولاً على موقع Syria 24 وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٧ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تشهد مدينة طرطوس الساحلية في الآونة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في المطالب الشعبية الهادفة إلى تحسين مظهرها الجمالي والحد من مظاهر الفوضى التي بدأت تؤثر سلباً على مكانتها كواجهة سياحية واقتصادية بارزة على الساحل السوري. تتشابك هذه المطالب مع قضايا أوسع نطاقاً، تشمل التنظيم الاقتصادي والأمن المحلي، بالإضافة إلى ملف المصالحة الوطنية.
يركز الحراك الشعبي بشكل خاص على ضرورة مكافحة ظاهرة التسول التي انتشرت في الشوارع الرئيسية والمواقع السياحية، لا سيما على الكورنيش البحري. كما يطالب السكان بضبط لوحات الإعلانات الكبيرة والعشوائية التي تحجب المشهد البحري وتشوه الطابع الجمالي للمدينة، إلى جانب منع انتشار ظاهرة «الطنابر» والبسطات غير النظامية التي أصبحت تشكل عبئاً بصرياً وتنظيمياً على الطرقات والساحات العامة.
يرى عدد من سكان طرطوس أن المدينة، بما تتمتع به من موقع استراتيجي وإطلالة بحرية فريدة، تستحق تخطيطاً عمرانياً أكثر صرامة يحافظ على هويتها الجمالية والسياحية. ويؤكد هؤلاء أن غياب الضبط البلدي الواضح أسهم في تفاقم المظاهر العشوائية، بدءاً من التسول المنظم، مروراً بالإعلانات التجارية الضخمة، وصولاً إلى إشغال الأرصفة والواجهات البحرية ببسطات غير مرخصة، مما انعكس سلباً على حركة السكان والزوار على حد سواء.
ويحذر بعض السكان من أن استمرار هذا الواقع قد يؤدي إلى فقدان المدينة لجاذبيتها السياحية تدريجياً، ويؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي المرتبط بها، خاصة في ظل منافسة مدن ساحلية أخرى تعتمد سياسات أكثر صرامة في تنظيم الفضاء العام.
في سياق متصل، أوضح المهندس إبراهيم مرقبي، أحد سكان طرطوس، في حديث لمنصة سوريا 24، أن المدينة تمتلك مقومات اقتصادية هائلة، خصوصاً كونها مركزاً للأعمال البحرية وصيانة السفن وتوسيعها، إلا أن هذه الميزات لا تُستثمر بالشكل الأمثل. وأشار مرقبي إلى أن «كافة الرسوم المفروضة على السفن، سواء القادمة للتفريغ أو للإصلاح، بحاجة إلى دراسة شاملة وتخفيض، بما يشجع أصحاب السفن على اختيار طرطوس بدلاً من مرافئ خارجية، ولا سيما لبنان، ويسهم في تسريع عمليات الإصلاح داخل القطر».
وأضاف أن «إلغاء الرسوم المفروضة على العمال الذين يعملون بشكل يومي في صيانة السفن، خلال نزولهم إلى المراكب، من شأنه تحفيز اليد العاملة وتنشيط اقتصاد المدينة». ويشدد مرقبي على أن ربط تحسين المظهر الجمالي للمدينة بتفعيل دورها الاقتصادي يشكل مدخلاً أساسياً لاستعادة حيويتها، فمدينة منظمة وجاذبة بصرياً توفر بيئة أفضل للاستثمار والعمل.
إلى جانب الملف الخدمي والتنظيمي، تبرز مخاوف تتعلق بالواقع الأمني في مداخل المدينة. وأشار مرقبي إلى «وجود طرق على مداخل طرطوس، سواء في الدخول أو الخروج، غير مراقبة أمنياً بالشكل الكافي»، لافتاً إلى «عدم وجود تفتيش للسيدات على الحواجز، ما يطرح تساؤلات حول معايير التفتيش والسلامة». ويرى أن تعزيز الإجراءات الأمنية المدروسة، دون المساس بالحياة اليومية للمواطنين، يعد عاملاً مكملاً لأي خطة لتحسين صورة المدينة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
في بعد اجتماعي لا يقل أهمية، طرح مرقبي ملف المصالحة الوطنية، مشيراً إلى «وجود عدد لا بأس به من أبناء الطائفة العلوية في محافظة طرطوس، وقراهم في شرق مدينة حماة، لا يستطيعون العودة إلى قراهم بسبب سيطرة قبائل البدو عليها»، داعياً إلى العمل الجاد على مساعدتهم في العودة إلى مناطقهم «لتحقيق الألفة الوطنية وتعزيز الاستقرار المجتمعي». ولفت إلى أن معالجة هذا الملف تشكل جزءاً أساسياً من بناء الاستقرار طويل الأمد، وأن أي تحسين في الواقع الخدمي والاقتصادي لن يكتمل دون مقاربة شاملة للجوانب الاجتماعية والوطنية.
وسط كل هذه التحديات، بين مطالب تحسين المظهر الجمالي لطرطوس وضبط الفوضى البصرية، والحاجة إلى قرارات اقتصادية محفزة وإجراءات أمنية أكثر فاعلية، تبرز المدينة أمام مفترق طرق حقيقي. فإما الاستجابة لهذه المطالب ضمن رؤية متكاملة تعيد لطرطوس مكانتها كمدينة ساحلية منظمة وجاذبة، أو استمرار الواقع الحالي بما يحمله من تحديات قد تتفاقم مع مرور الوقت، في مدينة يراها أبناؤها جديرة بصورة أفضل ومستقبل أكثر استقراراً.
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي