استبدال الليرة السورية: بين دعوات المسؤولين للتمسك بها وانتقادات المراقبين لجدواها وتداعياتها


هذا الخبر بعنوان "استبدال الليرة.. ما بين تصريحات المسؤولين وانتقادات المراقبين" نشر أولاً على موقع eqtsad وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٧ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في خضم الجدل الدائر حول مشروع استبدال العملة في سوريا، تباينت المواقف بين دعوات المسؤولين للتمسك بالليرة الوطنية وانتقادات المراقبين لآليات التنفيذ وجدواها الاقتصادية.
فمن جهة، دعا وزير المالية، محمد يسر برنية، "قطاع الأعمال والمجتمع والمواطنين جميعاً" إلى التمسك و"الاعتزاز بالعملة الوطنية كعملة أساسية للتعاملات والتداول والادخار". وحثّ على "التقيد بالتعليمات التي سيصدرها المصرف المركزي بشأن إجراءات الاستبدال وعدم الالتفاف للشائعات".
من جانبه، وصف حاكم المركزي السوري، عبد القادر حصرية، إطلاق العملة الجديدة بأنه احتفال "بسيادتنا وهويتنا الوطنية"، مشيراً إلى أن "الليرة ليست مجرد وسيلة تبادل، بل رمز لنجاح الثورة وانتمائنا وثقتنا بقدرتنا على النهوض". وذكّر حصرية بتجارب دولية عديدة تؤكد أن العملة الوطنية تصبح قوية عندما يلتف الناس حولها، مستشهداً بألمانيا التي شكّل إطلاق المارك بعد الحرب نقطة انطلاق لنهضة اقتصادية، وبفرنسا حيث كان الفرنك الفرنسي الجديد الرمز المالي للجمهورية الخامسة.
في المقابل، انتقد مراقبون مشروع طباعة واستبدال العملة في سوريا، مشككين في آلياته وبرامجه ومدة تنفيذه، فضلاً عن جدواه الاقتصادية.
وعلّق الإعلامي السوري المختص في الشأن الاقتصادي، معمر عواد، على صفحته في "فيسبوك" قائلاً: "السرعة التي نُفذ من خلالها مشروع تصميم وطباعة واستبدال العملة في سوريا، يشي أننا على مشارف مغامرة وفوضى نقدية في سوريا، بفعل غياب واضح لآليات وبرامج ومدة التنفيذ لسحب الكتلة النقدية القديمة وإحلال الجديدة مكانها". وحذر عواد من أن هذا يزيد المخاوف عند أهل الاختصاص من التبعات التضخمية والاستقرار النقدي.
وأضاف عواد: "ندرك أن استبدال العملة القديمة ضرورة للتخلص من إرث الأسد و"الأكياس السوداء"، واستعادة الورقة النقدية هيبتها وعودتها إلى جزدان المواطن". لكنه عقّب بأن "الأمر ليس بتلك البساطة التي يسوقها صناع السياسات النقدية في سوريا، فالموضوع أكثر تعقيداً في ظل وضع اقتصادي متردٍ ومتهالك، وبطء شديد في دوران عجلة التنمية، ونظام نقدي هش يعاني اختلالات وتقلبات شديدة، وسطوة لئيمة من المضاربين".
وأشار إلى أن هذا الوضع يجعل عملية ضخ كميات كبيرة من النقود في السوق عرضة لظهور ضغوط تضخمية، بفعل ضعف الطلب على العملة المحلية، خاصة وأن 90% من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر، ووقوع أراضي ومساحات جغرافية خارج سيطرة حكومة دمشق، في ظل تقديرات لا تشير إلى استقرار سياسي قريب. وختم عواد بالتحذير من أن "الخوف أن يتحول مشروع استبدال العملة في سوريا وسيلة لتمويل عجز الموازنة في إطار سياسات توسعية والتي سيدفع ثمنها المواطنون من قدرتهم الشرائية".
من جهته، علّق الأكاديمي والباحث السوري، رضوان زيادة، بالقول: "ليست هناك أية جدوى اقتصادية من العملة الجديدة في سورية، اللهم إلا التخلص من صورة الأسدين الذين يحملان معهما عار سورية وقصة دمارها".
وكان انتقاد زيادة من زاوية مختلفة ذات طابع سياسي، إذ قال: "أضاعت الحكومة الانتقالية فرصة مميزة للنقاش الوطني حول صور ورموز سورية الجديدة التي يجب أن تنعكس في العملة الجديدة، فالعملة هي بمثابة الهوية الوطنية وتكريسها عبر النقاش والحوار كانت فرصة لا تفوت لولادة سورية الثورة من جديد".
وفي منشور سابق له على "فيسبوك"، أكد وزير المالية أن "السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التي تنتهجها السلطات السورية، ستعزز بعون الله من استقرار العملة الوطنية، لتكون ركناً مهماً من أركان دعم التنمية والنمو الاقتصادي في سورية".
وعاد وزير المالية ليؤكد أن "تحديات كبيرة رافقت التحضير وتحديات سترافق الاستبدال، مصرف سورية المركزي وضع السياسات والإجراءات اللازمة لنجاح عملية الاستبدال، لنكن على مستوى الوعي المطلوب".
كما عقّب حاكم المركزي قائلاً: "نحن في المصرف المركزي سنقوم بدورنا الذي نفهمه جيداً، مدركين حجم التحديات والفرص، وملتزمين بالمسؤولية والشفافية وحماية النقد الوطني. ويبقى الأساس في تكاتف الناس وثقتهم، لأن العملة القوية تبدأ بإيمان أهلها بها". واختتم دعوته بالقول: "فلنجعل من هذه المناسبة حالة وطنية راقية، نُعبّر فيها عن وعينا، وثقتنا، وتمسّكنا بالليرة كرمز سيادتنا وخيارنا الوطني".
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد