روسيا تتوسط بين إسرائيل وسوريا: تراجع التفاؤل بشأن اتفاق أمني ودور تركي متقلص محتمل


هذا الخبر بعنوان "روسيا وسيطاً بين إسرائيل وسوريا… فهل يتقلص الدور التركي؟" نشر أولاً على موقع aksalser.com وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٨ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
مع صعود رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى طائرة "جناح صهيون" صباح اليوم الأحد، متجهاً في زيارته السادسة للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تراجع التفاؤل الإسرائيلي بإمكانية تحقيق تقدم في مختلف الملفات، لا سيما الملف السوري. ففي الوقت الذي يواصل فيه ممثلون من إسرائيل وسوريا مفاوضاتهم في باكو عاصمة أذربيجان بإشراف موسكو وموافقة واشنطن، كان الأمل معقوداً على إعلان تقدم في اتفاق أمني مع إسرائيل خلال لقاء فلوريدا. ورغم الحديث عن رغبة أو إمكانية حصول لقاء بين نتنياهو والرئيس السوري أحمد الشرع، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن أي تقدم بات أقرب إلى الفشل.
الملف السوري هو أحد الملفات الإقليمية التي سيناقشها الرئيسان، إلى جانب المرحلة الثانية لاتفاق غزة، والمخاوف الإسرائيلية من جهود إيران لإعادة بناء وتطوير منظومتها الصاروخية، والتوترات على الجبهتين اللبنانية والسورية. ومن المتوقع أن يلتقي نتنياهو لاحقاً خلال الأسبوع مسؤولين كباراً آخرين في الإدارة الأميركية، بمن فيهم نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الحرب وممثلون عن الجالية اليهودية، لمناقشة الملفات ذات الصلة بالمنطقة. وقد أعرب مقربون من نتنياهو عن استيائهم من توقيت اللقاء المتأخر، الذي تتوقع إسرائيل أن يتم "خلال وقت متأخر من ليل (غدٍ) الإثنين، بتوقيت القدس".
صباح اليوم، وبعد تطورات على مختلف الجبهات، تحدث الإسرائيليون عن صعوبة توقع أجواء اللقاء، وإن كانوا لا يستبعدون أن تكون مثمرة، وفق مسؤول مطلع على سير التطورات بين تل أبيب وواشنطن. ويسعى الرئيس ترمب لتحقيق إنجازات في جبهات متعددة، فإلى جانب ضمان عدم فشل خطته لوقف الحرب في غزة، بادر إلى تحريك ملف سوريا. وبموافقته، انطلقت روسيا للتفاوض بين تل أبيب ودمشق لإحراز تقدم. وقد أشارت جهات إسرائيلية مطلعة إلى أن الرئيس يطمح لإغلاق هذه الجبهة، ليس فقط بالتوصل إلى تفاهمات أولية حول اتفاق أمني، بل بلقاء يجمع نتنياهو والشرع. إلا أن هذا التفاؤل تراجع صباح اليوم بعد فشل تحقيق اختراق في المحادثات الجارية في أذربيجان. ورغم أن التوقعات بالتوصل إلى اتفاق أمني باتت ضئيلة والمحادثات لم تنجح، وفق المتخصص العسكري رون بن يشاي نقلاً عن مشارك في المحادثات، إلا أن الجهود الروسية لم تتوقف، وهناك ضغوط كبيرة لدفع الملف ومساعٍ لتجنب فشل هذه الجهود. ونُقل عن مسؤول إسرائيلي اعتقاد تل أبيب بقدرة الطرفين على تحقيق تقدم ملموس في الملف السوري خلال الساعات الأخيرة.
كشفت مصادر استخباراتية إسرائيلية ضالعة بالتفاصيل أن روسيا عملت سراً بموافقة الولايات المتحدة لجسر الخلافات بين تل أبيب ودمشق. بل إن إسرائيل بادرت بتوجيه طلب لموسكو لنشر قواتها داخل سوريا، لتعزز روسيا من جديد وجودها وعلاقتها مع سوريا. ومن الخطوات التي قامت بها روسيا نقل جنود ومعدات عسكرية إلى منطقة اللاذقية الساحلية، بعدما قلصت وجودها عقب سقوط نظام بشار الأسد. ووفق تقرير إسرائيلي، تسعى روسيا إلى إعادة نشر قواتها جنوب سوريا قرب الحدود الإسرائيلية، كما كان الوضع قبل الانقلاب. وفي المقابل، تفضل إسرائيل السماح بوجود روسي داخل المنطقة، بدلاً من تعزيز النفوذ التركي في الجنوب السوري. ووفق مصادر إسرائيلية، تريد دمشق إحداث توازن بين موسكو وأنقرة وإعادة توثيق العلاقة مع إسرائيل من خلال مفاوضات أذربيجان، وهي مطمئنة، بحسب مسؤولين إسرائيليين، لنشر قوات روسية جنوب سوريا وقرب هضبة الجولان، ربما تكون تلك وسيلة أيضاً لتعزيز المفاوضات مع إسرائيل وتليين موقفها الرافض لأي انسحاب للجيش الإسرائيلي من المناطق السورية التي تنتشر فيها.
وأكد خبير الشؤون العسكرية إيتي بلومنطال أن "روسيا تعمل منذ فترة خلف الكواليس للوساطة بين الطرفين، وكما أكد لنا مسؤول مطلع على التطورات فإن السوريين يرحبون بدور روسي، كذلك إسرائيل تفضل وجوداً روسياً". وبحسب المسؤول ذاته، "الفجوات بين الوفود المفاوضة كبيرة لكن هناك تقدماً إلى حد ما". وأضافت قناة i24 نقلاً عن مسؤول أمني أن "إسرائيل كانت اقترحت على الأميركيين دفع إمكانية وجود روسي داخل سوريا مقابل الأتراك، ومنذ ذلك الوقت ألحقت إسرائيل ضرراً بمطاري التيفور وحمص، ورأينا عودة جزء من القوات الروسية إلى قاعدة سلاح الجو في حماة، كذلك اقترحت إسرائيل على الروس الدفع بقوات إلى أراضيها. والواضح من كل هذا أن روسيا هي من ستفوز على الجميع وبفارق كبير".
نقل تقرير إسرائيلي آخر عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن الشرع يخطط للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن إسرائيل تخشى هذا التقارب خوفاً من أن يوقع الاثنان صفقة يخرج منها الطرفان رابحين، خصوصاً إذا لم يُتقدم، حقاً، خلال الساعات الأخيرة نحو اتفاق أمني. وبحسب التقديرات في إسرائيل، سيسمح الشرع للروس بنشر قوات في المنطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا، وزيادة وجودهم داخل القواعد الواقعة على سواحل البلاد، كما كانت الحال خلال فترة نظام الأسد. وفي المقابل، سيطلب من الروس وسائل قتالية ومعدات عسكرية، وقد تكون هذه وسائل قتالية ذات وزن استراتيجي. ويرى دبلوماسيون غربيون أن هذه الخطوة قد تعرض، من وجهة نظر الشرع، علاقاته الآخذة بالتشكل مع إدارة ترمب للخطر. فضلاً عن ذلك، أضاف التقرير "يستضيف بوتين هذا الأسبوع وزيري الخارجية والدفاع السوريين، ويعيد تأكيد دعمه لسيادة سوريا ووحدة أراضيها وهي رسالة واضحة لإسرائيل".
أعدت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية توصيات حملها نتنياهو معه إلى فلوريدا. وخلافاً لما كان يطمح به نتنياهو داخل سوريا، أوصت الأجهزة الأمنية بأن تواصل إسرائيل انتشارها الحالي جنوب سوريا إلى أن تتضح الطبيعة الحقيقية للنظام الجديد في دمشق. وأضافت الأجهزة الأمنية أن "التخوف المركزي هو من هجمات مفاجئة تقوم بها جهات متطرفة على الحدود في الجولان. لهذا الغرض يحتفظ بوجود عسكري إسرائيلي في نقاط متقدمة عدة داخل المنطقة الفاعلة بما فيها منطقة جبل الشيخ". وضمن ملف لبنان، توصي الأجهزة الأمنية بضرورة الاتفاق على تفكيك القدرات القتالية الثقيلة وبعيدة المدى لدى "حزب الله" بما في ذلك الصواريخ الباليستية وصواريخ شاطئ – بحر ومسيرات وحوامات وقدرات بحرية هجومية. وذكر تقرير إسرائيلي استعرض هذه التوصيات أن اليوم "ومع نهاية الإنذار الأميركي لـ(حزب الله) هذا الأسبوع، نشأ وضع جديد ومن المتوقع أن يبلغ نتنياهو ترمب ما يخطط له من جولة قتالية جديدة تحقق الأهداف المرجوة. الجيش كان أعلن عن خطط عملياتية لمثل هذا السيناريو. وترمب يتحكم بإمكانات التمويل لإعادة الإعمار الذي يتوق إليه لبنان، وعليه فإن نفوذه على حكومة لبنان ومؤيديها حاسم". وطالبت الأجهزة الأمنية بنجاعة عمل آلية دولية برئاسة جنرال أميركي كي تتمكن من التأكد من تنفيذ إزالة البنى التحتية لـ"حزب الله" في المنطقة، وأوصت نتنياهو بالمطالبة بضمان حرية العمل الكاملة في المكان الذي لا يعمل فيه الجيش اللبناني.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة