الثلاثاء, 26 أغسطس 2025 06:47 PM

أزمة رواتب وتثبيت تهدد مستقبل 18 ألف معلم وأسرهم في شمال سوريا

أزمة رواتب وتثبيت تهدد مستقبل 18 ألف معلم وأسرهم في شمال سوريا

يُعرب المدرس عيسى المحمد، وهو مدرس رياضيات في مديرية التربية والتعليم في أخترين التابعة لمدينة أعزاز، عن قلقه العميق إزاء مصير آلاف المعلمين الذين يواجهون منذ أشهر حالة من عدم الاستقرار الوظيفي، على الرغم من الوعود المتكررة التي لم تتحقق حتى الآن.

من التدريس تحت القصف إلى التهميش:

يقول عيسى المحمد في شهادته: "منذ تحرير المنطقة من داعش، تم تشكيل مجمعات تربوية بإشراف تركي، وكنا نتلقى الدعم مباشرة من الدولة التركية، بما في ذلك الدورات الصيفية والرواتب. ولكن بعد انسحاب الجانب التركي من ملف التعليم، دخلنا في حالة فراغ إداري، واليوم نعاني من تهميش كامل."

ويضيف: "نحن معلمون، بيننا حملة شهادات جامعية، وبعضنا على مستوى البكالوريا أو سنوات جامعية، وخضعنا لدورات صيفية تدريبية بإشراف الحكومة والتربية التركية سابقًا، مع مدرسين وآخرين مفصولين سابقًا من النظام لأسباب أمنية. جميعنا واصل التدريس حتى في ظروف القصف والخيم، برواتب لا تكفي مصروف الطريق، لكننا اليوم مهددون بالإقصاء."

ويؤكد عيسى أن المعلمين خضعوا لدورات تربوية بالمناهج وإدارة الصف والنظم التعليمية، بإشراف مدرسين أتراك ومتخصصين سوريين، وحصلوا على شهادات بهذه الدورات.

إجراءات لم تكتمل ووعود مؤجلة:

مع بدء العمل بنظام "التربية في حلب"، طُلب من المعلمين تجهيز أوراقهم الثبوتية، من صور عن الهوية إلى آخر شهادة جامعية، وبيانات دوام مفصلة منذ تاريخ التعيين، إضافة إلى حساب "شام كاش" لتسليم الرواتب. ولكن النتيجة –بحسب شهادة المدرس– أن "لا أحد من المعلمين حصل على راتب من الحكومة الجديدة حتى الآن، فقط منحة عيد بقيمة 500 ألف ليرة وصلت منذ أقل من شهر."

ويشير إلى أن اجتماعات عديدة عُقدت مع مدير التربية أنس قاسم، وحتى مع معاون وزير التربية، لكن جميعها بقيت في إطار الوعود. "قالوا لنا إن الأولوية بالتثبيت للمعلمين القدامى الذين درسوا في زمن النظام، بينما نحن الذين واصلنا التعليم في أحلك الظروف، لم يُعترف بنا بعد."

لقاءات مع الوزارة والنقابة:

مؤخرًا، التقى وفد من المعلمين وزارة التربية ونقابة المعلمين، وتم بحث عدة نقاط أساسية. وحسب ما نُقل عن الاجتماع، كانت أبرز النتائج: تثبيت جميع معلمي "المحرر" مع بداية العام الدراسي الجديد. صرف الرواتب المتأخرة لشهري تموز وآب مع بداية أيلول. الإعلان عن التنقلات قبل افتتاح المدارس بأسبوع. إعادة المفصولين إلى وظائفهم، ومعالجة الحالات الخاصة. إبقاء تدريس اللغة التركية ضمن المرحلتين الإعدادية والثانوية. منح فرصة ثانية للطلاب لتقديم امتحانات التاسع والبكالوريا بالنظام القديم المؤتمت في العام القادم.

لكن عيسى المحمد ومعلمين آخرين يرون أن هذه النتائج تبقى "وعودًا على الورق، لا مؤشرات على تنفيذها حتى الآن."

18 ألف معلم مهددون:

تشير أرقام المعلمين إلى أن نحو 18 ألف معلم في مناطق أعزاز، صوران، عفرين، الباب، جرابلس، أخترين، مارع وغيرها، تأثروا مباشرة بانقطاع الرواتب والتهميش الوظيفي، ما يعني أن 18 ألف أسرة تواجه أزمة معيشية خانقة، خصوصًا أن 90% من المعلمين يعتمدون على رواتبهم كمصدر دخل وحيد.

ويؤكد المدرس أن المفارقة تكمن في أن "المعلمين القدامى الذين تركوا التعليم في المحرر في ذروة الحاجة للكوادر، أصبحوا اليوم معززين مكرّمين برواتب نظامية، بينما المعلمون الذين صمدوا تحت القصف وفي المخيمات يُقصون اليوم من التثبيت والاعتراف."

مطالب واضحة:

في ختام حديثه، شدد المدرس عيسى المحمد على أن مطالب المعلمين تتلخص في نقطتين أساسيتين: صرف الرواتب المتأخرة مجتمعة، بما في ذلك شهرا تموز وآب. إصدار بيان رسمي يحدد وضعية المعلمين بوضوح: هل سيتم تثبيتهم، أم الاستمرار في تهميشهم وإقصائهم؟

ويختم بالقول: "نحن لسنا هواة وعود، نحن معلمون نعمل منذ سنوات ونستحق الاعتراف والتثبيت، لأن البلد بحاجة إلينا قبل أن نكون نحن بحاجة إلى الراتب."

مشاركة المقال: