الأحد, 29 يونيو 2025 12:53 PM

أمراض القلب القاتلة: كيف تحمي قلبك وتحافظ على صحتك؟ نصائح من أطباء وخبراء

أمراض القلب القاتلة: كيف تحمي قلبك وتحافظ على صحتك؟ نصائح من أطباء وخبراء

القلب السليم هو حجر الزاوية في صحة الجسم وكفاءته، فهو المسؤول عن ضخ الدم وتوزيع الأكسجين والمغذيات الأساسية إلى جميع أنحاء الجسم. ومع ذلك، تُعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم، حيث تودي بحياة ما يقرب من 18 مليون شخص سنويًا، وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية. وتشير الإحصائيات إلى أن أربعًا من كل خمس وفيات ناجمة عن أمراض القلب تعزى إلى النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.

يؤكد أطباء القلب على أن الحفاظ على صحة القلب أمر ممكن من خلال اتباع ممارسات يومية بسيطة. وبالنسبة للبالغين، يُعتبر معدل النبض الطبيعي أثناء الراحة والذي يتراوح بين 60 و100 نبضة في الدقيقة مؤشرًا جيدًا على صحة القلب. ويوضح الدكتور إيفان ليفين، طبيب القلب من الولايات المتحدة، أن بالإمكان الحد من الأضرار التي تلحق بالقلب في مراحل مبكرة من العمر من خلال تبني نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة بانتظام، والامتناع عن التدخين.

ولكن، هل الأمر بهذه السهولة؟ وهل يعني القلب السليم بالضرورة تجنب خطر الإصابة بنوبة قلبية؟ لفهم ذلك، يجب أولاً معرفة ما هي النوبة القلبية؟ تحدث النوبة القلبية عندما ينقطع تدفق الدم إلى القلب فجأة، مما قد يؤدي إلى تلف عضلة القلب أو موتها بسبب نقص الأكسجين. وإذا لم يتم العلاج الفوري، فقد تتعرض عضلة القلب لأضرار دائمة. وفي الحالات الشديدة، قد يتوقف القلب عن النبض، مما يؤدي إلى السكتة القلبية والوفاة.

تجدر الإشارة إلى أن نصف الوفيات الناجمة عن النوبات القلبية تحدث خلال الساعات الثلاث إلى الأربع الأولى بعد ظهور الأعراض، مما يستدعي التعامل مع أعراض النوبة القلبية كحالة طارئة تتطلب علاجًا فوريًا. ويعتبر مرض الشريان التاجي السبب الأكثر شيوعًا للنوبات القلبية، حيث تتراكم اللويحات الدهنية على جدران الشرايين، مما يؤدي إلى تضييقها وإعاقة تدفق الدم.

تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 805 آلاف شخص في الولايات المتحدة يصابون بنوبة قلبية كل عام، منهم 605 آلاف لأول مرة، و200 ألف شخص سبق وأن أصيبوا بها. وهذا يعني أن شخصًا واحدًا يعاني من نوبة قلبية كل 40 ثانية تقريبًا، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.

كيف تعرف أنك تعاني من نوبة قلبية؟ قد تحدث النوبة القلبية مصحوبة بمجموعة من الأعراض، أبرزها ألم في الصدر، غالبًا ما يكون مصحوبًا بضغط شديد وضيق، وليس مجرد ألم حاد. وقد تشعر بعض النساء بآلام في الصدر، بالإضافة إلى ألم في الرقبة والذراعين. وتشير الدكتورة أيلين بارسيغيان، طبيبة القلب من كاليفورنيا، إلى أن النوبة القلبية قد تُشخّص في البداية على أنها عسر هضم. ولكن، على عكس عسر الهضم، غالبًا ما تسبب النوبة القلبية ألمًا في أجزاء أخرى من الجسم، مثل الذراع الأيسر والفك والظهر والمعدة. ومن الأعراض الأخرى الدوخة أو اختلال التوازن، والتعرق المفرط، وضيق التنفس، وصوت صفير عند التنفس.

على الرغم من أن بعض النوبات القلبية تحدث فجأة، إلا أنه قد تظهر أحيانًا علامات تحذيرية قبل ساعات أو حتى أيام من حدوثها. وقد يكون ألم الصدر الذي لا يزول مع الراحة بمثابة إنذار. وتنصح الدكتورة أيلين بارسيغيان بمضغ قرص أسبرين حتى وصول المسعفين، مشيرة إلى أنه بعد ثلاث ساعات، قد تبدأ عضلة القلب المتضررة بالموت إذا لم يُستعاد تدفق الدم.

يؤكد أطباء القلب على ضرورة الحصول على العلاج فورًا إذا كنت تشك في إصابتك بنوبة قلبية. ويقول طبيب القلب الأمريكي الدكتور إيفان ليفين: “يجب أن تعرف من أنت وعوامل الخطر لديك؛ العمر، والوزن، وعادات التدخين وتناول المشروبات الكحولية، بالإضافة إلى تاريخ عائلتك. إذا كانت كل هذه العوامل تؤثر عليك وتشعر بضغط في الصدر، فاطلب المساعدة الطبية الطارئة”.

هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تقليل خطر الإصابة بنوبة قلبية، وأبرزها خفض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول من خلال اتّباع النظام الغذائي وممارسة الرياضة. والكوليسترول مادة موجودة في الدم ضرورية لبناء خلايا صحية. ومع ذلك، فإن ارتفاع مستويات بعض أنواعه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

يؤكد أطباء القلب على أهمية الحفاظ على نمط حياة صحي كإجراء يومي لحماية القلب. واتّباع نظام غذائي متوازن يتضمن خفض الدهون وزيادة الألياف، مع تقنين الملح إلى أقل من 6 غرامات يوميًا، يُعد خطوة مهمة للحفاظ على ضغط دم طبيعي. ويُوصى بتقليل استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة وتلك التي تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة، لما لها من تأثير سلبي في رفع الكوليسترول الضار، وتشمل هذه الأطعمة: فطائر اللحم، المخبوزات السكرية، منتجات المعجنات، اللحوم المصنعة، الزبدة، والمنتجات التي تحتوي على زيت النخيل. في المقابل، من المهم أن يحتوي النظام الغذائي على الدهون غير المشبعة، فهي ترفع الكوليسترول الجيد وتساعد في تنظيف الشرايين من التراكمات. وتوجد هذه الدهون المفيدة في: الأسماك الدهنية، والأفوكادو، والمكسرات، والزيوت النباتية.

وتقول الدكتورة أيلين بارسيغيان، إن “حمية البحر الأبيض المتوسط ممتازة، وقد ثبت علميًا أنها تقلل من أمراض القلب والأوعية الدموية”. ويُعتبر الجمع بين نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام من أكثر الطرق فعالية للحفاظ على صحة القلب. كما أن الحفاظ على وزن صحي يقلل من فرص الإصابة بارتفاع ضغط الدم. وينصح طبيب القلب الدكتور إيفان ليفين بممارسة الرياضة لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يوميًا، خمسة أيام في الأسبوع. لكن نصيحته الأهم لنمط حياة صحي هي: “لا تدخن أبدًا، ولا تستخدم السجائر الإلكترونية”.

ووجدت دراسة أُجريت على 24,927 شخصًا أن الأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية والسجائر التقليدية معًا يواجهون نفس مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنةً بمن يدخنون السجائر التقليدية فقط، وفقًا لجمعية القلب الأمريكية. في حين أن من يستخدمون السجائر الإلكترونية فقط، كانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة تتراوح بين 30 في المئة إلى 60 في المئة. وتشير جمعية القلب الأمريكية إلى أن واحدًا من كل خمسة مرضى أُصيبوا سابقًا بنوبة قلبية، قد يُعاد إدخاله إلى المستشفى نتيجة نوبة قلبية أخرى خلال فترة خمس سنوات. لكن وصف أدوية مثل “الستاتين” و”الإيزيتيميب” بعد النوبة القلبية الأولى، اللذان يعملان على خفض الكوليسترول في الدم، يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بنوبة ثانية، وفقًا لدراسات من كلية إمبريال لندن وجامعة لوند في السويد.

وتوضح الدكتورة بارسيغيان في ختام حديثها، أن هناك أدلة متراكمة منذ سنوات تؤكد العلاقة المطردة بين انخفاض مستوى الكوليسترول الضار وانخفاض فرصة الإصابة بمشاكل في القلب والأوعية الدموية.

ارتفاع النوبات القلبية بين الشباب: رغم أن خطر الإصابة بنوبة قلبية يزداد عادةً مع التقدم في العمر، إلّا أن بيانات المركز الوطني للإحصاءات الصحية في الولايات المتحدة تُظهر تزايدًا في الحالات بين الشباب الأصغر سناً. ففي عام 2019، تعرض نحو 0.3 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و44 عامًا لنوبة قلبية، بينما ارتفعت النسبة إلى 0.5 في المئة بحلول عام 2023. ويُفسّر الدكتور إيفان ليفين هذا الارتفاع إلى تغيّرات في أنماط الحياة، أبرزها الإفراط في تناول الأطعمة المصنعة وقلّة ممارسة النشاط البدني لدى هذه الفئة العمرية. ويقول: “نحن جميعًا بحاجة إلى التحرك أكثر. ليس بالضرورة الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، ولكن على الأقل ممارسة أي نوع من النشاط. ما يقلقني هو أن أنماط الحياة الخاملة والسلبية أصبحت أكثر شيوعًا منذ وباء كورونا، خاصة بين من يعملون من المنزل”.

ورغم أن التدخين معروف بدوره في الإصابة بتصلب الشرايين (تراكم الدهون داخل الشرايين)، إلا أن أطباء القلب، ومنهم الدكتور ليفين، يعبّرون عن قلقهم المتزايد من التأثيرات غير المعروفة للسجائر الإلكترونية على صحة الشباب. وتضيف الدكتورة أيلين بارسيغيان: “العوامل الوراثية، مثل فرط كوليسترول الدم العائلي، تسهم أيضًا في زيادة احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية المبكرة. كما أن العوامل البيئية مثل التوتر المزمن وقلة النوم تُعد اليوم من الأسباب المتزايدة التي لا ينبغي تجاهلها”. (BBC)

مشاركة المقال: