الخميس, 6 نوفمبر 2025 06:51 PM

إهمال طبي في جراحة العيون في سوريا: فقدان البصر دون محاسبة يهدد المرضى

إهمال طبي في جراحة العيون في سوريا: فقدان البصر دون محاسبة يهدد المرضى

تمثل الأخطاء الطبية في شتى المجالات تحديًا جسيمًا يواجهه النظام الصحي في سوريا. تتسبب هذه الأخطاء في عواقب وخيمة، قد تصل إلى فقدان السمع أو النطق أو حتى الحياة. هذا الأمر يجعل المساءلة والمحاسبة الطبية في غاية الأهمية. الأخطاء الطبية في جراحة العيون تحديدًا تكون مؤلمة ومحبطة بشكل خاص، لأن المريض يفقد بصره، الذي هو أغلى ما يملك.

في أحد الأيام، توجهت أم معتز، وهي ربة منزل، لإجراء عملية الساد في مركز طبي متخصص في جراحة العيون. خلال العملية، التي تعتمد على التخدير الموضعي، شعرت بألم مبرح. الطبيب المدعو أ-س، الذي أجرى العملية، نهرها عندما صرخت من الألم. بعد العملية، تلقت معاملة سيئة من الكادر التمريضي. بعد أيام قليلة، اكتشفت أن العملية لم تنجح وأن الطبيب ارتكب خطأ طبيًا كاد يفقدها الرؤية في عينها تمامًا.

لم تجد المريضة حلاً سوى زيارة عيادات أخرى، حيث اكتشفت الأخطاء الجسيمة التي رافقت العملية الأولى، والتي زادت من معاناتها. عندما اشتكت لمدير المركز ا-ج، تجاهل الأمر ببرود وقال لها "لك الله".

يجيب الدكتور سامي موسى، اختصاصي جراحة العيون، عن سؤال حول الأخطاء المحتملة في جراحة العيون، موضحًا أن جراحة العيون من التخصصات الدقيقة والحساسة التي تتطلب مهارة فائقة ودقة متناهية. أي خطأ، مهما كان بسيطًا، قد يؤدي إلى نتائج كارثية. تشمل هذه الأخطاء أخطاء في تشخيص أمراض العين أو أثناء العمليات الجراحية مثل عملية الساد (الماء الأبيض) أو عملية انفصال الشبكية. قد يكمن الخطأ أيضًا في وصف أدوية أو جرعات غير مناسبة أو نتيجة عدم التزام الطبيب ببروتوكولات التعقيم ومكافحة العدوى.

أشار موسى إلى أنه في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها سوريا، ازدادت نسبة الأخطاء الطبية في زمن النظام البائد نتيجة لغياب المحاسبة وضعف الرقابة على الممارسات الطبية، بالإضافة إلى نزوح عدد كبير من الكفاءات الطبية المتخصصة وتدهور البنية التحتية للمستشفيات والمراكز الطبية ونقص المستلزمات والأدوات الطبية ذات الجودة العالية.

الإطار القانوني للمساءلة الطبية

فيما يتعلق بالإجراءات القانونية في حال وقوع خطأ، أوضح موسى أن تحديد المسؤولية الطبية في القانون السوري يخضع لأحكام قانون العقوبات وقانون الممارسات الطبية، لكن التطبيق العملي يواجه تحديات كبيرة، منها صعوبة إثبات الخطأ الطبي في كثير من الحالات، وطول إجراءات التقاضي، إضافة إلى غياب نظام تأمين ضد الأخطاء الطبية وضعف دور النقابات الطبية في الرقابة والمحاسبة.

لضمان حقوق المرضى وتحسين جودة الخدمات الطبية، أكد موسى على ضرورة تعزيز الرقابة على الممارسات الطبية من خلال هيئات رقابية مستقلة وإنشاء سجل وطني للأخطاء الطبية يساعد في تحليل الأسباب ووضع الحلول، إضافة إلى تفعيل دور الطب الشرعي في التحقيق في الأخطاء الطبية والتأكيد على ضرورة الحصول على الموافقة المستنيرة من المريض قبل أي إجراء طبي وتشجيع نظام التأمين ضد الأخطاء الطبية لحماية الطبيب والمريض معًا والاستثمار في التدريب المستمر للأطباء وتحديث المعدات الطبية.

من جانبه، أشار المحامي مروان محمد إلى أهمية تسليط الضوء على القضايا القانونية التي تواجه المرضى الذين يتعرضون لأخطاء طبية. من الضروري التعامل مع حالات المسؤولية الطبية بشكل جدي ومهني، حيث يجب أن يكون القانون داعمًا للمرضى ويحمي حقوقهم. يجب على الأطباء والمؤسسات الطبية الالتزام بأعلى معايير الجودة والسلامة لتجنب وقوع مثل هذه الحوادث.

وأضاف أن قضية المسؤولية الطبية تعكس تحديات كبيرة تواجهها المؤسسات الطبية والأطباء في العمل اليومي. من المهم أن نفهم أن الأخطاء الطبية يمكن أن تحدث في أي وقت، ولكن الأمر المهم هو كيفية التعامل معها بشكل صحيح. يجب على الأطباء أن يكونوا مستعدين للاعتراف بالأخطاء عندما تحدث وأن يتعلموا منها لتجنب تكرارها في المستقبل. على المؤسسات الطبية أن تقدم دعمًا كافيًا للمرضى المتضررين وتعمل على تقديم تعويض عادل إذا كانت الأخطاء نتيجة للإهمال أو عدم الالتزام بالمعايير الطبية.

الهدف النهائي هو تحقيق العدالة وتقديم أفضل الخدمات الصحية للمرضى، منوهًا بأن محاسبة الطبيب في حال وقوع خطأ طبي في جراحة العين ليست مسألة عقابية فحسب، بل هي جزء أساسي من نظام صحي سليم يضمن حقوق المرضى ويحسن جودة الخدمات الطبية.

وفي سورية، أصبح من الضروري العمل على تطوير إطار قانوني ومهني واضح وعادل للمساءلة الطبية، مع التركيز على الوقاية من الأخطاء من خلال التدريب والرقابة والتقييم المستمر، ما يسهم في استعادة الثقة بين الطبيب والمريض، ويحسن من جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: