الأحد, 15 يونيو 2025 01:35 AM

إيران تحت المجهر: ضربة إسرائيلية تكشف هشاشة الدفاعات وتثير تساؤلات حول مستقبل النظام

إيران تحت المجهر: ضربة إسرائيلية تكشف هشاشة الدفاعات وتثير تساؤلات حول مستقبل النظام

م. مشتاق هاشم العلوي.

لسنا بحاجة إلى كل هذا الضجيج كي نكتشف ضعف إيران، التي أوهمتنا بصلابتها، في صوتها المرتفع. نحن نعلم الحقيقة، وليس لدينا شك، من أن الأنظمة التي تجوع شعوبها لتراكم هياكل الصواريخ، لن تبني دولًا بل أوهامًا. لكننا – برغم كل شيء – بقينا نمنح إيران الفرصة تلو الأخرى كي تثبت أن مشروعها، في جوهره، أكثر من مجرد صدى لغضب لا يملك شجاعة الفعل.

الضربة الإسرائيلية القاتلة على إيران، لم تكن مفاجئة، وأيضاً لم تفعل ما كانت إسرائيل تهدد به فقط، ولكنها فعلته بطريقة تعيد صياغة ميزان القوة في المنطقة من جديد.

أولاً: دخلت إسرائيل الأجواء الإيرانية من كل اتجاه، بمائتي طائرة مقاتلة، ولم يطلق في وجهها صاروخ دفاع جوي واحد…! نعم. هذه هي الجمهورية الإسلامية التي أنفقت عشرات المليارات على منظومات دفاعها الجـوي، لكنها قررت فجـأة أن تغمض عينيـها وتـدع العـاصفة تمّـر بهدوء.

ثانيـاً: لم تكن الضربة الإسرائيلية جوية فقط، بل كانت اختبارًا شاملًا لسردية دولة بنيت على الاستعراض، حيث استطاعت إسرائيل وبكل سهولة قصف المنشآت النووية، ومراكز القيادة، وقواعد الصواريخ، واستهدفت قيادات الصف الأول والثاني، من العسكريين و العلماء، والوصول إلى تدمير أماكن كانت تعرض في التقارير التلفزيونية الإيرانية كمواقع محصنة تحت الأرض..! وهل يعقل أن كل ذلك جرى في ليلة واحدة، دون أن تفقد إسرائيل طائرة واحدة، أو تواجه مقاومة تنتصر لكرامة طهران المهدرة..؟!

ليس هذا الضعف والوهن هو الكارثة، بل الأكثر كارثية هو ما تكشف عنه في الأرض من شبكات تجسس، وعملاء من الداخل. وقد تم إستخدام هؤلاء العملاء لنفيذ اغتيالات دقيقة طالت وجوهًا كبيرة، ومراكز حساسة تم اختراقها من داخلها، لا من خارجها. ليبدو هذه المرة جهاز الموساد بغير حاجة إلى قوة نارية هائلة بقدر ما كان يحتاج إلى صمت النظـام، وصمته كان أوفى حليف له..! وأما حين وصلت الأخبـار إلى الشارع الإيراني، لم يسأل أحد عن العدو، بل عن الدولة: أين أنتم؟ ومن أنتم؟ وكيف تُدار هذه البلاد؟

النظام الإيراني – بطبيعة الحال – لم يجد ما يقوله للشعب، ولجأ إلى بياناته الأثيرة: “القانون الدولي، العدوان الخارجي، الرد في الوقت المناسب”. أعاد تدوير نفس الخطابات التي قالها بعد اغتيال فخري زاده، وبعد قصف دمشق، وبعد استهداف قادة الحرس الثوري في العراق وسوريا واليمن. وكأن كل الهزائم التي لا ترد عليها طهران تتحول إلى رصيد وطني، وكل خيبة تصبح مبررًا لتجديد الشعارات…! لكن العالم لم يعد يشتري هذه اللغة، والداخل الإيراني لم يعد يصغي. والسقف الذي كان يظلل المشروع الإيراني في المنطقة، سقط على رؤوس أصحابه. والوقت الذي كانت فيه طهران قادرة على الصراخ في وجه العالم، قد انتهى. واليوم تحاصر طهران بأسئلتها، قبل صواريخ خصومها، والرد الذي وعدت به، لم يعد ممكنًا. فدولة لم تقدر على حماية عاصمتها، لن تجرؤ على اقتحام عواصم الآخرين.

هل كان هذا الهجوم مجرد ضربة عسكرية؟ او إعلان موت لهيبة استُهلكت أكثر مما بنيت؟ لم تسقط إيران كدولة، بل سقطت صورتها التي ظل النظام يلمعها أمام جماهير أنهكها الجوع وأخافها الأمن. وفي لحظة واحدة، انكشفت الحقيقة لتقول: أنظمة الاستبداد لا تصنع القوة، بل توهم بها. وكل من بنى هيبته على الخوف، سيسقط حين ينهار الخوف. والآن، تقف إيران في مفترق الطرق. لا لتقرر الرد، بل لتبحث عن مخرج، عن رواية جديدة تُقنع بها شعبها أن ما حدث كان جزءًا من المعركة، عن ذريعة تحفظ بها ما تبقى من ماء وجه إن بقي. لكن كل الطرق_مغلقة. وكل الأوهام التي راكمتها أصبحت عبئًا عليها. وكل صاروخ لم تطلقه، أصبح شاهدًا على لحظة سقطت فيها الحقيقة، وانهار معها الحلم.

مشاركة المقال: