الجمعة, 21 نوفمبر 2025 12:13 PM

إيران تنسحب من اتفاق القاهرة ردًا على قرار الوكالة الذرية بشأن برنامجها النووي

إيران تنسحب من اتفاق القاهرة ردًا على قرار الوكالة الذرية بشأن برنامجها النووي

يشهد الملف النووي الإيراني تصعيدًا للضغوط الغربية، في ظل غياب أي مؤشرات على إمكانية استئناف المفاوضات. يأتي ذلك بعد خمسة أشهر من حرب الـ 12 يومًا الأميركية – الإسرائيلية، وشهر على إعادة فرض العقوبات الأممية ضد الجمهورية الإسلامية بمبادرة من بريطانيا وألمانيا وفرنسا. وقد صادق مجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، أمس، على مشروع قرار تقدمت به دول الترويكا الأوروبية، إضافةً إلى الولايات المتحدة، يلزم إيران بإبلاغ الوكالة «دون تأخير» عن حالة مخزونها من اليورانيوم المخصب، وعن وضع منشآتها النووية التي تعرضت للقصف خلال عدوان حزيران.

تم تمرير القرار بتأييد 19 صوتًا، مقابل 3 أصوات معارضة، و12 امتناعًا عن التصويت. روسيا والصين والنيجر صوتت ضد القرار، معتبرةً إياه «ذا طابع سياسي» و«يتعارض مع مبادئ الحياد الفني» للوكالة.

وتهدف «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» من خلال هذا القرار، حسب وكالة «رويترز» للأنباء، إلى تمديد وتنظيم مهمتها في إعداد تقارير حول جوانب البرنامج النووي الإيراني، والتأكد من ضرورة أن تقدم طهران الردود المطلوبة سريعًا، وتمكين الوكالة من الوصول إلى المواقع ذات الصلة. وينص القرار على أن «على إيران أن تزود الوكالة، دون تأخير، بمعلومات دقيقة في شأن تقييم المواد والمنشآت النووية لديها، وأن تتيح لها كل سبل الوصول اللازمة للتحقق من صحة تلك المعلومات».

في المقابل، أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن ما بات يُطلق عليه «اتفاق القاهرة» بين إيران والوكالة الدولية، «يُعتبر الآن منتهيًا رسميّاً»، في ضوء صدور قرار مجلس المحافظين. وكانت إيران والوكالة قد وقعتا، بداية أيلول الماضي، اتفاقًا رعته مصر لاستئناف التعاون الثنائي، بعد تعليق طهران لهذا التعاون إثر حرب حزيران، ومرة أخرى في أعقاب إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي عليها بفعل قرار الترويكا الأوروبية تفعيل «آلية الزناد». واعتبر عراقجي أن الدول التي دفعت نحو تمرير القرار، وتجاهلت مسار التفاهم وحُسن نيّة إيران، قوّضت مصداقية الوكالة واستقلالها، وأحدثت اضطراباً في مسار التعاون القائم بينها وبين طهران. وأضاف أن تفاهم القاهرة فقد عمليّاً أساسه في العلاقات بين إيران والوكالة بمجرّد قيام الدول الأوروبية الثلاث باتّخاذ إجراء غير قانوني في مجلس الأمن لإعادة فرض قراراته السابقة المُلغاة، وأن طهران أبلغت المدير العام للوكالة، في رسالة رسمية، بأن هذا التفاهم بات غير صالحٍ ومُنتهي المفعول.

ووصف ممثل إيران الدائم لدى الوكالة، رضا نجفي، القرار الأخير بأنه «إجراء غير قانوني»، مؤكدًا أنه لن يُحدث أي تغيير في الوضع الحالي لتنفيذ «اتفاق الضمانات» في إيران، وإنْ أقرّ بأن «للقرار عواقبه الخاصة». وأشار نجفي إلى أن الوضع الراهن هو نتيجة «للعدوان الإجرامي الذي شنّته الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ضدّ إيران، ولتواطؤ الدول الأوروبية الثلاث وصمْتها» إزاء تلك الاعتداءات. وكان مساعد وزير الخارجية الإيراني، كاظم غريب آبادي، أعلن أن بلاده «ستجري بالتأكيد مراجعة أساسية في سياساتها إذا تمّ اعتماد القرار».

وتعرّضت مُنشآت «فوردو» و»نطنز» و»أصفهان» النوویة لـ»التدمير» خلال الحرب التي استمرّت 12 يوماً في حزيران الماضي، وفق ما أعلنه مراراً الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. ومنذ ذلك الحين، وجّهت إيران انتقادات حادّة إلى الوكالة، متّهمةً إياها بأنها مهّدت الطريق أمام العدوان، ومانعةً دخول مفتّشيها إلى المواقع المتضرّرة. أيضاً، لم تقدّم طهران أيّ معلومات حول مصير مخزونها من اليورانيوم المُخصّب بنسبة 60%، والذي يُقدّر حالياً بنحو 441 كيلوغراماً. ووفقاً لمعايير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، فإن هذه الكمية تكفي، في حال رفع درجة التخصيب أكثر، لإنتاج ما يصل إلى عشر قنابل نووية. وفي تقريرها الأخير، الذي قُدِّم الأسبوع الماضي إلى مجلس المحافظين، أفادت الوكالة بأن إيران لا تزال ترفض السماح للمفتّشين بالدخول إلى منشآتها النووية التي تعرّضت للقصف، مشيرةً إلى أن مراجعة مخزون اليورانيوم المُخصّب في البلاد «قد تأخّر كثيراً».

وتعليقاً على ما ورد في التقرير، قال عراقجي إن بلاده لا تقوم حالياً بأيّ عمليات تخصيب لليورانيوم، لافتاً أن «منشآت التخصيب نفسها كانت هدفاً للهجمات الأميركية»، وبالتالي فإن النشاط النووي توقّف فيها مؤقّتاً نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية.

وأُقِرّ قرار مجلس المحافظين، أمس، في ظلّ غياب أيّ مؤشرات إلى مسار تفاوضي جديد بين إيران والدول الغربية لتسوية الخلافات العالقة في شأن البرنامج النووي الإيراني. ففي حين تؤكد طهران أنها مستعدّة لإجراء محادثات مع واشنطن حصراً في المجال النووي، بشرط احترام حقوقها النووية كاملةً، بما في ذلك حقّها في تخصيب اليورانيوم، غير أن المسؤولين الأميركيين جدّدوا مراراً موقفهم القائل إن إيران ينبغي ألّا تمتلك برنامج تخصيب على الإطلاق. وفي الموازاة، تَطرح الولايات المتحدة مطالب إضافية تشمل تقليص برنامج إيران الصاروخي وتغيير مقاربتها حيال الكيان الإسرائيلي، وهو ما ترفضه طهران.

مشاركة المقال: