الخميس, 20 نوفمبر 2025 02:14 PM

الانتخابات المحلية تنعش آمال الديمقراطيين وتضعهم في حالة استعداد مبكر لانتخابات التجديد النصفي

الانتخابات المحلية تنعش آمال الديمقراطيين وتضعهم في حالة استعداد مبكر لانتخابات التجديد النصفي

أظهر المشهد السياسي الأميركي مؤشرات جديدة على الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين. فبالإضافة إلى التوافق بين الحزبين لإنهاء أزمة الإغلاق الحكومي، حملت الانتخابات المحلية الأخيرة في الولايات والمدن، وخاصة في مدينة نيويورك، دلالات متعددة. تجلّى ذلك في تحدي الصورة النمطية عن الإسلام بانتخاب أول عمدة مسلم للمدينة، وتمكن سياسي يحمل شعارات «الاشتراكية» ويتبنى «السردية الفلسطينية» حول حرب غزة، من منافسة «بارونات النيوليبرالية» في «عاصمة الرأسمالية» العالمية.

التحول الأهم يكمن في الجدل حول انتعاش الحظوظ السياسية للحزب الديمقراطي في مواجهة عهد الرئيس دونالد ترامب، في ظل هيمنة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب، ومحاولتهم تدارك تبعات أزمة الإغلاق الحكومي التي أقر ترامب بخطورتها.

في ظل التعامل مع نتائج الانتخابات كمؤشر على «الامتعاض الشعبي العام» من البيت الأبيض بسبب نهجه في ملف الهجرة وسياساته المتعلقة بمكافحة الجريمة، برزت عوامل «الانتصار الديمقراطي الساحق» من عاملين رئيسيين: الأول، يتعلق بـ«الدرس المشترك» الذي استقاه المرشحون الديمقراطيون الفائزون، مثل الحاكمة الجديدة لولاية فرجينيا أبيغيل سبانبرغر، والحاكمة الجديدة لولاية نيوجيرسي ميكي شيريل، وعمدة نيويورك زهران ممداني، وتمثل في «النأي بأنفسهم عن سياسة التيار التقليدي وبعض المواقف التقدمية غير الحكيمة، والمفتقرة إلى الشعبية»، سواء في شأن الجريمة أو العدالة الاجتماعية.

أشارت صحيفة «فايننشال تايمز» إلى أن «انتصارات الديمقراطيين جاءت مدفوعة بمستويات عالية من حماسة التيار الليبرالي» في أوساط القاعدة الناخبة، و«استجابة ملحوظة من الناخبين المستقلين حيال التحذيرات من تهديد ترامب للديمقراطية الأميركية، وقلق الجمهوريين المناهضين لترامب من ارتفاع تكاليف المعيشة». يؤكد المحلل السياسي تشارلي كوك أن «هناك عدداً كبيراً من الناخبين منزعجون من ترامب».

أما العامل الثاني، فيتعلق بكون «جميع هؤلاء المرشحين الديمقراطيين أخذوا الملف الاقتصادي على محمل الجد»، كجزء من مساعيهم للتقرب من أبناء الطبقة العاملة الذين أداروا ظهورهم للحزب في انتخابات عام 2024. وقد نجح هذا التوجه في ظل تركيز الناخبين على الأزمتين الاقتصادية والمعيشية، وهو السلاح الذي جاء بترامب إلى السلطة، مع إلقاء معظم الناخبين باللوم على الرئيس والمشرعين الجمهوريين في أزمة الإغلاق الحكومي.

فيما رأى محللون أن الديمقراطيين معذورون في اعتبار نجاحاتهم الانتخابية «نذير نهاية ترامب»، حذر آخرون من مغبة الوقوع في مغالطة تقييم ما جرى، خصوصاً في ضوء ما يعانيه الحزب. ويعزو أصحاب الرأي الأخير تحذيراتهم إلى أن انتخابات حكام الولايات تحظى بنسبة إقبال أقل مقارنة بانتخابات التجديد النصفي أو الانتخابات الرئاسية، وأن الولايات الصغيرة ذات الطابع الريفي والمحافظ تمثل قاعدة نفوذ لليمين الجمهوري.

في هذه الأثناء، تتسارع التحولات داخل الحزب الديمقراطي، ففي ظل تراجع حضور قيادات الحزب التقليدية وصعود جيل شاب جديد، تحولت القاعدة الناخبة للديمقراطيين لتغدو أكثر تركيزاً بالنساء، وأبناء المناطق الحضرية، والشرائح الاجتماعية الأكثر تعليماً وليبرالية، فضلاً عن شمولها قطاعاً أوسع من طبقة اليمين البيض والأثرياء.

ومع انتهاء أزمة الإغلاق الحكومي، ظهر الرئيس حريصاً على استعادة زمام المبادرة في الملف الاقتصادي، ويبدو الديمقراطيون معنيين بالعمل على إبقاء حزب الرئيس في «خانة اليك» اقتصادياً، ومحاولة بلورة استراتيجية تحدد الأولويات بين الجناحين الوسطي والتقدمي قبيل انطلاق السباق الانتخابي المقبل عام 2026.

مشاركة المقال: