الأربعاء, 7 مايو 2025 01:16 AM

ازدهار تجارة السجائر في رأس العين وتل أبيض: مصدر رزق أم خطر صحي؟

ازدهار تجارة السجائر في رأس العين وتل أبيض: مصدر رزق أم خطر صحي؟

تشهد مدينتا تل أبيض ورأس العين انتشارًا واسعًا لتجارة السجائر، سواء المحلية أو المهربة، وسط ضعف الرقابة وغياب قوانين تنظيم السوق، ما جعل من هذه التجارة مصدر دخل رئيسًا لكثير من التجار والباعة.

تتنوع أنواع السجائر المنتشرة في الأسواق بين ماركات محلية الصنع قادمة من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وأنواع أجنبية مُهرّبة تُنقل عبر طرق “التهريب” من تركيا وبالعكس، وغالبًا ما تكون أسعارها أقل من تلك المتوفرة في الأسواق.

في المحال و"البسطات"

لا يكاد يخلو شارع رئيس من وجود محل أو “بسطة” مخصصة لبيع السجائر، إذ تجاوز عدد هذه المحال في المدينتين دون حساب الريف نحو 75 محلًا، وفق رصد مراسل عنب بلدي.

على “بسطة” صغيرة وسط سوق تل أبيض، يعرض عز الدين العزو (35 عامًا) علب السجائر لتأمين حاجيات أسرته المكونة من ستة أفراد. ورغم أنه يحمل شهادة في الهندسة الميكانيكية، لم يحالفه الحظ في الحصول على وظيفة ضمن اختصاصه بسبب قلة فرص التوظيف في المدينة.

بدأ عز الدين عمله في بيع السجائر عام 2020 بشكل تجريبي، ومع مرور الوقت تعرّف إلى أنواع السجائر وأسعارها، ما ساعده على الاستمرار في هذه المهنة حتى تتاح له فرصة أفضل. وذكر أنه يأمل بتحسن الأوضاع الاقتصادية، والحصول على فرصة عمل في مجاله التخصصي، ليتمكن من استثمار جهده وتعليمه الجامعي بما يليق، وألا يذهب كل ذلك سدى.

أما طارق الزين (30 عامًا) من مدينة رأس العين، فدفعته الظروف الاقتصادية المتردية إلى ترك مهنته في النجارة، والتوجه للعمل في “بسطة” لبيع السجائر، بحثًا عن مصدر دخل يعينه على تأمين احتياجات أسرته. وجاء هذا التغيير بعد تراجع الطلب على أعمال النجارة، وإغلاق معظم الورشات التي كان يتعامل معها طارق في السابق.

وأوضح أن العمل في مجال بيع السجائر ليس سيئًا، إذ إنه يجلب دخلًا مرتفعًا نسبيًا مقارنة بالأعمال اليومية، حيث يصل الربح اليومي إلى نحو 150 ألف ليرة سورية. وأشار إلى أنه ليس الوحيد من ورشته الذي غيّر مهنته، فثلاثة من زملائه أيضًا انتقلوا للعمل في “بسطات” أو محال متخصصة ببيع السجائر بالجملة.

ويبلغ سعر علبة السجائر (20 سيجارة) من نوع “كرنفال” 5000 ليرة سورية، و”جلواز” 10000 ليرة سورية، و”جراند أبيض” 5500 ليرة، و”اختمار” 4000 ليرة.

230 فرصة عمل

توفر “بسطات” السجائر في رأس العين وتل أبيض أكثر من 230 فرصة عمل، وفق رصد مراسل عنب بلدي، ما يسهم في تأمين مصدر دخل لعدد كبير من العاملين في هذا القطاع.

مورد التبغ والسجائر في مدينة تل أبيض، عدنان إسماعيل، قال لعنب بلدي، إن تجارة المواد التبغية شهدت ازدهارًا ملحوظًا في المدينة منذ عام 2020. وأوضح أن أحد أبرز أسباب تنامي هذه التجارة هو تهريب التبغ إلى الداخل التركي وبيعه هناك بأسعار مرتفعة، ما يحقق أرباحًا مضاعفة للتجار.

وذكر أن ارتفاع نسبة المدخنين، ولا سيما بين المراهقين، ساهمت أيضًا في توسّع السوق المحلي، في ظل غياب الرقابة على المحال التي تبيع هذه المواد. ولفت إلى أن عددًا من الشبان يقصدون محله يوميًا لشراء مستلزمات كاملة، بهدف افتتاح “بسطات” أو محال صغيرة لبيع السجائر داخل المدينة.

تنظيم لا إغلاق

المتحدث باسم المجلس المحلي في رأس العين، زياد ملكي، قال لعنب بلدي، إن المجلس بدأ بتنظيم عمل بائعي التبغ والسجائر منذ بداية عام 2020. وأوضح أن المجلس أصدر أكثر من 35 ترخيصًا للمحال التجارية التي تعمل في هذا المجال.

وأضاف أنه في ظل الظروف الحالية، لن يقوم المجلس بإغلاق “البسطات” التي تعمل عليها العديد من العائلات المحتاجة، والتي تعتمد عليها كمصدر دخل رئيس. وأشار إلى أن العمل الحالي والمستقبلي سيتركز على تنظيم هذه التجارة وضبطها ضمن قوانين تحمي حقوق الأشخاص ولا تحرمهم من مصادر دخلهم الرئيسة.

وتعتمد تل أبيض ورأس العين بشكل رئيس على قطاع واحد هو الزراعة، ما يضيق مجالات العمل ويحد من توفر وظائف متنوعة للسكان، كما أثر ضعف البنية التحتية والخدمات مع ضيق المساحة في قدرة المنطقة على استقطاب الاستثمارات، وأسهم كل ما سبق في ضعف القدرة الشرائية للسكان.

ووفق منظمة “الصحة العالمية“، فإن النيكوتين الموجود في التبغ مسبب للإدمان بشدة، ويعد تعاطيه عامل خطر رئيسًا لأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، وأكثر من 20 نوعًا أو نوعًا فرعيًا من السرطان، والعديد من الحالات الصحية المُنهكة الأخرى.

ويموت أكثر من 8 ملايين شخص سنويًا بسبب تعاطي التبغ، وتحدث معظم الوفيات المرتبطة بالتبغ في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، والتي غالبًا ما تكون هدفًا لتدخلات وتسويق مكثف من قِبل صناعة التبغ.

وقد يكون التبغ قاتلًا لغير المدخنين، كما أن للتعرض للتدخين السلبي آثارًا صحية، إذ يتسبب في 1.2 مليون حالة وفاة سنويًا.

مشاركة المقال: