الأربعاء, 26 نوفمبر 2025 06:27 AM

استنزاف الطاقة الاجتماعية: كيف تتعرف على علاماته وتستعيد نشاطك؟

استنزاف الطاقة الاجتماعية: كيف تتعرف على علاماته وتستعيد نشاطك؟

"لم أجرّب صوتي اليوم"… عبارة مألوفة، تعكس تلك اللحظات التي نختار فيها الصمت و نميل إلى العزلة لتوفير طاقتنا. وسط صخب الحياة الاجتماعية، قد ينفد مخزون طاقتنا فجأة، وكل ما نريده هو العودة إلى المنزل والانغماس في متابعة "الريلز" على "إنستاغرام".

قد تختلف سعة الطاقة الاجتماعية من شخص لآخر، لكن المؤكد أن الجميع يمتلك "بطارية اجتماعية" تحتاج للشحن باستمرار. فما هي الطاقة الاجتماعية؟ هي القدرة الداخلية على الإصغاء والتفاعل والحضور الذهني والبقاء متاحاً للآخرين دون الشعور بالاستنزاف. وتتأثر الطاقة الاجتماعية بحالتنا النفسية والبيئة المحيطة والأشخاص الذين نتعامل معهم.

تقول رانيا (34 عاماً): "أحياناً أستمتع بالتواصل وأستمد طاقة من الحوار الصادق والعميق، خصوصاً حين يكون بعيداً عن المجاملات. لكن في أوقات أخرى تستنزفني بعض المواقف بسرعة، مثل الاجتماعات الطويلة غير واضحة الهدف، أو التعامل مع أشخاص يصرون على الشكوى المستمرة، أو الدخول في نقاشات سطحية لا تقود إلى أي نتيجة".

توضح دلال الجناعي، أخصائية التدريب على الحياة، أن البعض يستعيد قدرته على التفاعل بسرعة من العزلة الهادئة، بينما يستمد آخرون طاقتهم من التفاعل مع الأشخاص الذين يشعرون معهم بالأمان. وتؤكد أن التصنيفات التقليدية مثل الانطوائي أو الانبساطي لا تعكس الصورة الكاملة. "السؤال المهم ليس هل أنا انطوائي أم منفتح، بل مع من أرتاح، مع من أشعر بالتقلص، وأين تتسع قدرتي على التفاعل وأين تنخفض".

العوامل المؤثرة على الطاقة الاجتماعية:

  • الحالة الداخلية: التوتر، القلق، الاكتئاب، والتجارب غير المعالجة تقلل من القدرة على التفاعل.
  • المسؤوليات والعمر والضغط اليومي: مع ازدياد المسؤوليات، تصبح قدرة الجهاز العصبي على التحمل أقل.
  • البيئة والأشخاص: البيئة الهادئة تساعد على الاستقرار، بينما البيئات الصاخبة تستنزف الطاقة بسرعة. والشخص الذي نجلس معه هو العامل الأكثر تأثيراً.

علامات نفاد الطاقة الاجتماعية:

  • علامات الاستنزاف المبكر: الشرود الذهني، صعوبة الاستماع بتركيز، اختصار الجمل أو اختيار الصمت، حضور جسدي وغياب ذهني.
  • علامات الاستنزاف الكامل: شعور بالتعب أو الحزن، الحاجة إلى مساحة، سرعة الانفعال، انخفاض نبرة الصوت، تراجع التواصل البصري.

تلفت الجناعي الانتباه إلى أن هذه العلامات غالباً ما يساء فهمها في العلاقات. فالشخص المستنزف ليس غير مهتم، بل غير قادر على التفاعل.

وتسلط الضوء على أن "القادة الناجحين يعرفون كيفية التعامل مع اختلاف الطاقة الاجتماعية لدى الأفراد. وحين يدرك المدير أن الموظفين يختلفون في مستوى التفاعل، يصبح توزيع المهام أفضل والتواصل أوضح والخلافات أقل، ويقل الاحتراق الوظيفي".

وتضيف الجناعي أن "الكثير من الأشخاص لا يفتحون وسائل التواصل بدافع الملل، بل بدافع الهروب من الضغط أو شعور بالوحدة. والجهاز العصبي يُخدع في هذه العملية؛ فهو يتوقع الراحة أو الارتباط ويحصل بدلاً من ذلك على ضجيج بصري ومحتوى متلاحق يرفع التوتر".

استراتيجيات إعادة شحن الطاقة الاجتماعية:

  • الاستراتيجيات اليومية: فواصل قصيرة بين التفاعلات، لحظات صمت قبل الرد، تقليل الضوضاء الرقمية، الخروج إلى الهواء الطلق، التحدث مع شخص يشعر الفرد بالأمان معه.
  • إعادة الشحن العميقة: يوم أو عطلة بدون أي التزامات اجتماعية، ديتوكس من وسائل التواصل الاجتماعي، جلسة تدريب على الحياة، الجلوس في الطبيعة، بيئة هادئة وحوار صادق، حركة جسدية مثل المشي أو اليوغا.

مثلما يحتاج هاتفك للشحن، يحتاج الإنسان إلى إعادة شحن طاقته الاجتماعية. الاعتراف بنفاد الطاقة أمر طبيعي، ومن حقنا الانعزال موقتاً لإعادة التوازن.

فاطمة عباني - أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: