الأربعاء, 8 أكتوبر 2025 09:40 PM

اشتباكات حلب تعيق النشاط الصناعي في منطقة الليرمون وتثير مخاوف السكان

اشتباكات حلب تعيق النشاط الصناعي في منطقة الليرمون وتثير مخاوف السكان

أدت الاشتباكات التي اندلعت في مدينة حلب في السادس من تشرين الأول بين قوات الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) إلى شلل شبه كامل في منطقة "البلليرمون" (الليرمون) الصناعية شمالي المدينة. منذ صباح الأربعاء، الثامن من تشرين الأول، تجمع مئات العمال عند مداخل المنطقة بانتظار السماح لهم بدخول معاملهم، بينما ظلت معظم الورش مغلقة نتيجة للإجراءات الأمنية.

أفاد العديد من العمال بأنهم لم يتلقوا أي توضيح رسمي، واكتفوا بانتظار "إشارة الدخول" التي لم تصدر حتى الآن. العامل أحمد طه (22 عامًا)، الذي يعمل في إحدى ورش الخياطة، ذكر أن يوم العمل الضائع يعني خسارة مباشرة في رزقه اليومي. وأوضح أن معظم العاملين في المنطقة يعتمدون على أجورهم اليومية، وأن أي توقف في العمل يعجزهم عن تأمين احتياجاتهم الأساسية. وأضاف أن المنطقة الصناعية عادت أخيرًا إلى الحركة بعد فترة ركود طويلة، لكن الاشتباكات الأخيرة أوقفت كل شيء فجأة، مشيرًا إلى أن أصوات إطلاق النار التي سمعت مساء الاثنين أثارت مخاوف العمال من اقتراب المواجهات من المنطقة.

من جانبه، أوضح الصناعي معين بودقة، صاحب معمل للنسيج، أن توقف الإنتاج ليوم واحد فقط كفيل بإلحاق خسائر فادحة بالمصانع الصغيرة، خاصة تلك التي تعتمد على مواد تحتاج إلى مراقبة دقيقة أثناء التصنيع. وأشار إلى أن العديد من الصناعيين اضطروا إلى وقف تشغيل المعدات للحفاظ على سلامة العمال والآلات في حال تفاقم الوضع الأمني. وأكد أن الليرمون كانت دائمًا تعاني من الإهمال ونقص الخدمات، ومع ذلك حاول الصناعيون إعادة تشغيل المصانع رغم الظروف، لكن لا يمكن لأي قطاع أن يتعافى في ظل انعدام الاستقرار. ولفت إلى أن المعامل بدأت بالكاد باستقطاب عمال جدد خلال الأسابيع الماضية، ما يظهر هشاشة التعافي الاقتصادي في المدينة. كما أعرب عن خشيته من أن يؤدي استمرار التوتر إلى نزوح المزيد من العمال نحو مناطق أكثر أمانًا أو إلى توقف الاستثمارات الصغيرة التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد المحلي.

ذكر العامل محمد بلال، الذي يعمل في ورشة للخياطة، أن الجهات الأمنية منعت العمال من الدخول "لإجراء تدابير احترازية ولضمان السلامة". وأضاف أن العديد من العمال يتفهمون هذه الإجراءات، لكنهم يأملون أن تستأنف الأعمال قريبًا حتى لا تتفاقم معاناتهم المعيشية.

في المقابل، شهد حيّا الشيخ مقصود والأشرفية حركة نزوح متزايدة منذ صباح الثلاثاء، إذ غادرت عشرات العائلات منازلها باتجاه أحياء أكثر هدوءًا مثل السريان الجديدة والجميلية. محمد جمعة، أحد سكان حي الأشرفية، خرج من منزله برفقة أسرته صباح الثلاثاء 7 من تشرين الأول، موضحًا أن أصوات الاشتباكات والانفجارات أجبرت الأهالي على ترك منازلهم بشكل عاجل. وأشار إلى أن معظم العائلات لجأت إلى بيوت أقاربها، بينما بقي البعض في الأقبية خوفًا من تدهور الأوضاع.

على الرغم من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وقسد، لا تزال حالة القلق تسيطر على السكان في الأحياء الشمالية من مدينة حلب، ويشهد حيّا الشيخ مقصود والأشرفية حركة نزوح مستمرة للأهالي نحو مناطق أكثر هدوءًا، ويعزو السكان هذه الخطوة إلى غياب الثقة بمدى التزام الأطراف بالاتفاق، وإلى المخاوف من تجدد المواجهات في أي لحظة.

يعبّر توقف حركة المنطقة الصناعية مع حركة النزوح عن تأثير مباشر للتوترات الأمنية على الواقع المعيشي في حلب. كما أن استمرار الوضع الحالي سيقوض ما تبقى من النشاط الصناعي في منطقة الليرمون، ويعيدها إلى مرحلة الجمود التي عاشتها خلال السنوات الماضية، في وقتٍ لا تزال فيه حلب تحاول التعافي من آثار الحرب والانقسام الأمني الممتد منذ أكثر من عقد. وتعد منطقة الليرمون الصناعية واحدة من أهم المراكز الاقتصادية في حلب، إذ تضم عشرات المعامل والورش في قطاعات مختلفة أبرزها النسيج، غير أنها تعاني منذ سنوات من ضعف البنية التحتية وتكرار انقطاع الكهرباء وصعوبة تأمين المواد الأولية.

تقع المنطقة الصناعية في الجهة الشمالية الغربية من مدينة حلب، وتعد قريبة من حي الشيخ مقصود من الجهة الشرقية، ومن حي الشقيف من الجهة الشمالية، بينما تحدها من الجنوب منطقة الخالدية، ومن الغرب طريق الكاستيلو الذي يشكل أحد الفواصل الأساسية بين مناطق سيطرة الحكومة السورية ومناطق سيطرة "قسد".

مشاركة المقال: