الجمعة, 28 نوفمبر 2025 05:46 PM

اكتشاف ثوري: تقنية ليزرية لرصد شحن الجسيمات وفهم آلية انطلاق البرق

اكتشاف ثوري: تقنية ليزرية لرصد شحن الجسيمات وفهم آلية انطلاق البرق

فيينا-سانا: طوّر فريق بحثي من معهد العلوم والتكنولوجيا في النمسا تقنية تجريبية متقدمة تعتمد على أشعة الليزر كـ "ملقط ضوئي" للإمساك بالجسيمات الدقيقة العالقة في الهواء. تهدف هذه التقنية إلى دراسة كيفية اكتساب الجسيمات للشحنة الكهربائية وفقدانها بمرور الوقت.

التجربة، التي نُشرت في مجلة فيزيكال ريفيو ليترز الصادرة عن الجمعية الأمريكية للفيزياء (American Physical Society – APS)، تفتح آفاقاً جديدة لفهم كيفية تشكل الشحنات داخل السحب وآلية انطلاق الشرارة الأولى للبرق.

اعتمدت التجربة على توجيه شعاعين ليزريين إلى حجرة صغيرة تمر عبرها جسيمات شفافة من السيليكا، تُستخدم كنموذج لبلورات الجليد. عند التقاء الشعاعين، تتشكل "مصيدة ضوئية" تعمل كملقط بصري يثبت جسماً واحداً في الهواء باستخدام الضوء فقط.

أوضحت الباحثة المشرفة على الدراسة، أندريا ستولنر، وهي طالبة دكتوراه في المعهد: "عندما التقطنا أول جسيم قبل عامين، لم نتمكن من تثبيته لأكثر من ثلاث دقائق. أما اليوم، فأصبح بإمكاننا إبقاؤه ثابتاً لأسابيع كاملة".

كان الهدف الأولي للتجربة هو قياس شحنة الجسيم ودراسة تأثير الرطوبة عليها. لكن الفريق لاحظ ظاهرة غير متوقعة، وهي أن شعاع الليزر نفسه كان يعيد شحن الجسيم كهربائياً. وأظهرت التجارب أن امتصاص الجسيم لفوتونين في اللحظة ذاتها يؤدي إلى تحرير إلكترون منه، مما يجعله أكثر إيجابية مع استمرار تعريضه للضوء.

مع ازدياد شحنة الجسيم، تبدأ بالظهور تفريغات كهربائية صغيرة على شكل ومضات مفاجئة، في محاولة من الجسيم للتخلص من جزء من شحنته الزائدة. وتشبه هذه الظاهرة على نطاقها المتناهي ما يحدث داخل السحب عندما تتراكم الشحنات الكهربائية إلى أن تنطلق شرارة البرق.

على الرغم من أن التفسير التقليدي يعزو شحن السحب لتصادم بلورات الثلج، فإن قياس الحقول الكهربائية داخل السحب أظهر في مرات كثيرة أنها أضعف من المستوى اللازم نظرياً لبدء تفريغ كهربائي كبير، مما فتح الباب أمام فرضيات أخرى حول دور الأشعة الكونية في توليد الشرارة الأولى.

تُظهر الدراسة أن "الملقط الضوئي" الجديد يتيح للباحثين لأول مرة التقاط جسيم واحد والتحكم بشحنته بدقة ومراقبة التفريغات الكهربائية الصغيرة الصادرة عنه في ظروف بيئية مضبوطة، تمهيداً لمقارنة هذه الظواهر بما يحدث فعلياً داخل السحب.

يأمل الفريق العلمي أن يتمكن في المراحل المقبلة من إجراء هذه القياسات تحت ظروف أكثر قرباً من الأجواء الفعلية للسحب لفهم أفضل للحظة التي يضيء فيها البرق السماء.

يذكر أنه رغم بساطة النموذج المخبري مقارنةً بالسحب الحقيقية، فإن قياس "النبض الكهربائي" على مستوى جسيم واحد قد يقدم نموذجاً مهماً لفهم كيف يمكن لتفريغات صغيرة عديدة أن تتجمع في السحب لتنتج في النهاية البرق.

مشاركة المقال: