الأحد, 14 سبتمبر 2025 04:28 PM

الإعلام السوري يطلق مدونة السلوك المهني: خطوة نحو تنظيم المسؤولية الإعلامية

الإعلام السوري يطلق مدونة السلوك المهني: خطوة نحو تنظيم المسؤولية الإعلامية

في خطوة مهمة نحو تنظيم العمل الإعلامي، يبدأ الوسط الإعلامي السوري اليوم، 14 من أيلول 2025، نشاطًا مكثفًا لكتابة مدونة السلوك المهني، وذلك في ظل تحديات سياسية وأمنية واقتصادية معقدة تشهدها البلاد.

تُعد هذه المبادرة، التي يقودها صحفيون مستقلون، الأولى من نوعها في سوريا، على الرغم من وجود نحو 400 مدونة سلوك مهني وأخلاقي على المستوى الوطني حول العالم. يثير هذا الجهد تساؤلات جوهرية حول النموذج الذي يطمح إليه السوريون للصحافة والإعلام في بلادهم.

تعتبر حرية الصحافة معيارًا أساسيًا في المجتمعات المتقدمة، إلا أنها تتطلب تشريعات تنظم الإطار القانوني والأخلاقي لممارستها. ففي الدول الغربية، كما في فرنسا، يظل السؤال المطروح: "أريد حريتي، ولكن عليّ أن أعرف ماذا سأفعل بها؟"، مما يستدعي وجود ضوابط تمنع تجاوز الحقوق والمصالح العامة والخاصة.

تتميز المدونة التي يجري العمل عليها في سوريا بمشاركة واسعة من الصحفيين والإعلاميين والمؤسسات وأصحاب المصلحة من القطاعين الرسمي والخاص. وفي ظل انتشار المعلومات المضللة وتنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي، سيتم التطرق إلى دور "المؤثرين" على هذه المنصات ومدى التزامهم بالمعايير المهنية، خاصة في ظل الفراغ التشريعي الذي يُفترض أن يتم ملؤه بعد الانتخابات التشريعية المرتقبة في 15 من أيلول 2025.

من المتوقع أن يشارك في ورشات العمل المئات من العاملين في قطاع الإعلام، بهدف الوصول إلى نقاش شامل ووطني يتجاوز الهويات الفرعية. فالإعلام، بطبيعته، يتخطى الجغرافيا والألوان والأيديولوجيا والسياسة، ولكنه يمثل أيضًا نقطة التقاء هذه الجوانب، ومساحة للحوار المتوازن الذي تحكمه المعايير المهنية والأخلاقية.

يشارك في صياغة المدونة نحو 500 صحفي وصاحب مصلحة، مع إتاحة الفرصة لبقية الإعلاميين والمؤثرين للمشاركة وإبداء الرأي عبر الإنترنت. وتؤكد وزارة الإعلام على أنها تلعب دورًا تسهيليًا فقط، دون التدخل في التفاصيل، بهدف بناء بيئة إعلامية متطورة ومواكبة.

يعيش الإعلام السوري اليوم مرحلة مهمة تتطلب بناء إعلام مسؤول، وهو ما يرتبط بفهم مخاطر انتشار خطاب إعلامي منفلت يهدد الأمن والسلم المجتمعي ويعرقل مساعي العدالة الانتقالية. فسوريا تحتاج إلى تشريعات ناظمة للعمل الإعلامي، تتجاوز مجرد كتابة "مدونة قواعد سلوك" مهنية، لمنع الانتهاكات دون تقييد الحريات أو استخدامها أداة للإخضاع والسيطرة.

تهدف المدونة إلى عدم تقليم أجنحة الصحفيين أو ترويض الصحافة، وفي الوقت نفسه، عدم تركها "على عواهنها". وتستحضر مقولة الروائي البيروفي ماريو فارغاس يوسا: "الصحافة المدفوعة بالبحث عن الفضائح هي الطفل اللقيط لثقافة الحرية. ولا يمكن قمعها من دون توجيه ضربة قاتلة لحرية التعبير".

يبقى السؤال: هل سينجح هذا المسعى في تحقيق المواءمة المطلوبة؟

مشاركة المقال: