الإثنين, 24 نوفمبر 2025 05:30 PM

الإمارات تتربع على عرش الشحن العالمي متفوقة على بريطانيا وأمريكا: قصة صعود في عالم البحار

الإمارات تتربع على عرش الشحن العالمي متفوقة على بريطانيا وأمريكا: قصة صعود في عالم البحار

عززت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها ضمن قائمة أكبر الأساطيل البحرية في العالم من حيث الأوزان والحمولات لعام 2025، وفقًا لتقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" في سبتمبر 2025.

وباتت الإمارات ضمن الدول العشر الكبرى المسيطرة على حركة الشحن العالمية، محققةً المركز التاسع عالميًا في عام 2025، بعد أن كانت في المركز الثاني عشر عام 2024. فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا التقدم، وما هو مستقبل الإمارات في قطاع الشحن البحري، ومن هم أبرز منافسيها العرب؟

وتفوقت الإمارات على دول كبرى مثل بريطانيا، التي احتلت المرتبة العاشرة بنسبة 2.4% من إجمالي القدرة الاستيعابية للشحن العالمي، والولايات المتحدة التي جاءت في المركز الخامس عشر بنسبة 1.9%، وفرنسا التي حلت في المركز الحادي والعشرين بنسبة 1% من الطاقة الاستيعابية للشحن عالميًا.

وعلى الصعيد العربي، تصدرت الإمارات دولًا مثل السعودية، التي احتلت المركز الخامس والعشرين عالميًا بنصيب 0.8% من الشحن العالمي، وقطر التي جاءت في المركز الثالث والثلاثين بنصيب 0.3% من القدرة الاستيعابية، وسلطنة عُمان التي حلت في المركز الرابع والثلاثين بنسبة 0.3% من إجمالي القدرة الاستيعابية للشحن البحري عالميًا.

كيف تفوقت الإمارات في النقل البحري؟

أوضح خبير النقل البحري واللوجستيات الدكتور أحمد سلطان لـ"النهار" أن هناك خمسة أسباب رئيسية وراء تفوق الإمارات وتقدمها بين أكبر الدول المسيطرة على حركة الشحن عالميًا. أولاً، رؤية القيادة الإماراتية في استشراف المستقبل والتخطيط لتحويل الإمارات إلى مركز لوجستي عالمي، خاصة وأن أكثر من 80% من حجم التجارة العالمية يتم شحنها بحرًا.

وأضاف أن الإمارات نجحت في التحول إلى مركز لوجستي من خلال تطوير الموانئ والبنية التحتية للنقل البحري والاتصالات، وهو ما دفعها خلال العقد الماضي إلى الاستثمار بكثافة في تطوير الأسطول البحري والموانئ مثل ميناء أبوظبي وموانئ دبي، التي تعتبر من بين الأفضل عالميًا حاليًا.

وبفضل رؤية القيادة الإماراتية، تدير الدولة حاليًا 106 موانئ في 78 دولة، وتتجاوز مناولتها السنوية 21 مليون حاوية، مع مساهمة تتجاوز 135 مليار درهم (36.7 مليار دولار) في الناتج المحلي، وفقًا لوزارة الطاقة والبنية التحتية.

والسبب الثاني، بحسب سلطان، هو موقع الإمارات الجغرافي الاستراتيجي في قلب طرق التجارة العالمية، حيث تقع عند تقاطع خطوط الشحن البحري بين الخليج والهند وآسيا وأوروبا، مما يمنحها ميزة كمركز عبور وتوزيع يجعلها مركزًا لوجستيًا محوريًا يربط أسواق الشرق بالغرب.

والسبب الثالث هو اهتمام الإمارات بالمناطق الحرة، وأبرزها ميناء جبل علي، الذي أصبح محورًا رئيسيًا للشحن في المنطقة بفضل استثماراته المستمرة في تعزيز البنية التحتية وما يقدمه من خدمات نوعية.

وخلال عام 2024، تعامل ميناء جبل علي مع 15.5 مليون حاوية نمطية، وهو أعلى معدل منذ عام 2015، ويمثل 18% من إجمالي حجم المناولة البالغ 88.3 مليون حاوية لدى موانئ دبي العالمية – دي بي ورلد المسؤولة عن تشغيل الميناء.

والسبب الرابع لتفوق الإمارات عالميًا وعربيًا في الشحن البحري هو تحسين الإطار التشريعي البيئي والبحري، وتشجيع ملكية السفن والإدارة البحرية عبر شركات وطنية، مما ساعد في زيادة الحمولة المملوكة لديها.

وخامسًا، تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في قطاع النقل البحري والخدمات المرافقة له، مثل الشراكات مع مشغلي موانئ دوليين، ودخول الاستثمارات الأجنبية، وتوسع شركات الإمارات البحرية دوليًا، مما ساعد على زيادة أسطول السفن المعنية التي تعد ضمن ملكية/تحكم الإمارات.

الإمارات إلى أين؟

أكد خبير النقل البحري واللوجستي أن الإمارات نجحت في تحقيق الريادة في تشغيل الموانئ عالميًا وتعزيز أسطولها البالغ حاليًا 1598 سفينة قادرة على استيعاب حمولة سعة 57.4 مليون طن، وتوقع أن تواصل الإمارات تقدمها في مجال النقل البحري والموانئ، خاصة وأن أبوظبي لديها القدرة على ضخ استثمارات بأكثر من 130 مليار درهم (35.4 مليار دولار) في القطاع حتى عام 2030.

وتوقع أن تواصل الإمارات تفوقها العالمي والعربي، خاصة وأنها لا تستثمر في تعزيز الأسطول البحري وتطوير الموانئ واللوجستيات فحسب، بل تشمل الاستثمارات أيضًا المناطق الحرة البحرية، وسلاسل الإمداد، وممرات لوجستية تربط الخليج بالهند وشرق إفريقيا، وحلول الشحن الأخضر والسفن المخفضة الانبعاثات.

وعن أبرز المنافسين للإمارات، أوضح مستشار وزير النقل المصري السابق أن السعودية هي أبرز منافس للإمارات الآن، حيث لديها خطة استثمارية بالتعاون بين القطاعين العام والخاص بنحو 64 مليار دولار لتطوير الموانئ والمطارات والبنى التحتية، تليها قطر وسلطنة عُمان، وذلك بسبب حرص دول الخليج على سرعة التحول للاقتصاد غير النفطي وتنويع مصادر الدخل.

أين مصر من المنافسة؟

وفيما يتعلق بمصر، أكد سلطان أنها ليست خارج المنافسة، لكنها تركز على أن تصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا للنقل والشحن البحري من خلال تطوير موانئها وعلى رأسها قناة السويس الجديدة، مشيرًا إلى امتلاك مصر أسطولاً بحريًا كبيرًا، لكن غالبية السفن ترفع أعلام دول أخرى، والسبب في ذلك هو البيروقراطية وصعوبة تسجيل السفن وحركة البيع والشراء، داعيًا الحكومة المصرية إلى تذليل هذه العقبات حتى تستطيع مصر العودة للمنافسة عربيًا وعالميًا.

صناعة النقل البحري عالميًا

أظهر تقرير "الأونكتاد" أن 10 دول فقط تسيطر على أكثر من ثلثي القدرة الاستيعابية للأسطول العالمي بما يعادل 67.3%، بينها 3 دول هي الصين واليونان واليابان تستحوذ على أكثر من 40% من إجمالي القدرة الاستيعابية لأسطول الشحن العالمي خلال 2025.

ويقدر حجم سوق النقل البحري للشحن العالمي بنحو 600 مليار دولار عام 2025، وسط توقعات بالنمو إلى نحو 783.94 مليار دولار بحلول 2030، وفقًا لتقرير موردور إنتليجنس (Mordor Intelligence) الهندية لأبحاث السوق.

مشاركة المقال: