الاختراعات السورية عالقة بين نقص التمويل وعوائق الروتين!

أوضح الدكتور عبد الرحمن محمد، أستاذ المصارف والتمويل في كلية الاقتصاد بجامعة حماة، في حديثه لجريدة «الوطن» أن الاستثمار في الاختراعات السورية لا يزال دون المستوى المطلوب مقارنة بدول أخرى. ورغم وجود اختراعات نجحت في الاستثمار، مثل الزجاج الفينيقي، إلا أن معظم الابتكارات المحلية لم تُستثمر بعد، مما يحرم البلاد من فوائدها في وقت تحتاج فيه سوريا بشدة لهذه الابتكارات.
وأكد الدكتور محمد أن أبرز التحديات التي تواجه المخترعين السوريين هو نقص التمويل، إذ تعاني البلاد من غياب الدعم المالي الكافي للأبحاث والاختراعات، ما يؤدي إلى تكدس الابتكارات دون استغلالها، بل أحيانًا انتهاء فترة الحماية القانونية دون الاستثمار فيها. كما أضاف أن تسويق الاختراعات لا يزال محدودًا، مع وجود عدد قليل من الجهات المتخصصة مثل معرض الباسل للإبداع ومكتبة البراءات، بينما تتبنى دول العالم مؤسسات عديدة لدعم براءات الاختراع مثل المكتب الأوروبي والمنظمة الإفريقية للملكية الفكرية. وأشار إلى أن غياب مؤسسات وطنية متخصصة بتسويق الاختراعات يشكل عائقًا أساسياً في الاستفادة منها داخل سوريا.
وفي ضوء مساهمة جامعة دمشق، ذكر محمد أنه خلال عامي 2022 و2023 تم تسجيل 58 براءة اختراع في المجال الطبي، و23 في الهندسة، و6 في العلوم، و9 في الزراعة. لكنه أشار إلى أن الحرب والظروف الاستثنائية في البلاد، إلى جانب غياب تشريعات تحفيزية والتكاليف الباهظة لتسجيل البراءات، تشكل تحديات كبيرة أمام المبتكرين. وأضاف أن الإجراءات الحكومية تبدو على الورق مشجعة، لكنها مليئة بالروتين الذي يعيق استفادة المخترعين منها. كما أكد أن البيئة التشريعية الحالية ليست محفزة بشكل كافٍ للابتكار.
دعا الدكتور محمد إلى إنشاء هيئة مستقلة متخصصة في الابتكار والتطوير، تكون مسؤولة عن دعم الاختراعات الوطنية بالتنسيق مع وزارتي التربية والتعليم العالي. وأوضح أن قانون البراءات السوري رقم 18 لعام 2012 يوفر حماية لمدة 15 عامًا، مما يتيح للمخترع استثمار اختراعه خلال هذه المدة. كما أشار إلى أن الاعتداء على حقوق براءات الاختراع جريمة يُعاقب عليها القانون في سوريا.
في ختام حديثه، أكد محمد أن براءات الاختراع السورية تتميز دائمًا بمطابقتها للمواصفات العالمية. ولفت إلى أن الحماية الفعّالة للاختراعات يمكن أن تحل العديد من المشكلات الاقتصادية والتنموية، من خلال تقديم حلول تقنية تسهم إيجابيًا في التجارة والتنمية.