الثلاثاء, 19 أغسطس 2025 07:49 PM

وزير التعليم العالي يوضح تفاصيل نظام مفاضلة الدكتوراه الجديد ويثير جدلاً حول معايير القبول

وزير التعليم العالي يوضح تفاصيل نظام مفاضلة الدكتوراه الجديد ويثير جدلاً حول معايير القبول

تلقت جريدة عنب بلدي العديد من المطالبات والقوائم الاسمية الموقعة من باحثين وطلاب دراسات عليا من مختلف الجامعات الحكومية، معترضين على تطبيق نظام المفاضلة للتسجيل في مرحلة الدكتوراه في الجامعات السورية. وطالب الباحثون الوزارة بالإبقاء على نظام التسجيل المباشر، استنادًا إلى "مبدأ تكافؤ الفرص"، على حد قولهم.

وتساءل الباحثون، موجهين كلامهم إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عن كيفية تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، وكيف يُسمح لطلاب سابقين بالتسجيل المباشر في الدكتوراه، بينما يُفرض عليهم الخضوع لنظام المفاضلة، معتبرين أن "من العدل أن يعامل الجميع بنفس الآلية".

واعتبر باحثون أن شروط معدل الماجستير، بالإضافة إلى المدة الزمنية لإنجاز الرسالة، تُعد معايير "غير منطقية"، في ظل "تحفظات" يعلمها الجميع، كون المعدل لم يكن يومًا مقياسًا للجودة في الجامعات السورية إلا ما ندر، على حد ذكرهم. وأضافوا أن الظروف المعيشية والأمنية خلال سنوات الحرب الطويلة لعبت دورًا كبيرًا في تأخر كثيرين عن مدة إنجاز رسالتهم، قائلين إنه من العدل تأجيل تطبيق هذه المعايير إلى أن نتأكد جميعًا من أن البيئة التعليمية في مؤسساتنا باتت سليمة و"أقل تجاوزات".

ورأى المعترضون أن النشر العلمي لمناقشة الدكتوراه، على صعوبته، شرط كافٍ اليوم لرفع السوية العلمية والأكاديمية للجامعات السورية، مؤكدين أن الجميع في الوزارة ومجلس التعليم العالي والبحث العلمي يعلمون المعاناة التي يعانيها الباحث السوري بهذا الصدد، "إن استطاع إليه سبيلًا".

واستفسر المعترضون عن الآلية التي ستضمن من خلالها الوزارة بأن الأعداد المطلوبة للتسجيل بالدكتوراه ستكون وفق الاحتياج الفعلي للأقسام، وألا تفصل وتوزع على أهواء رؤساء الأقسام بالكليات وبعض الكوادر، كما كان يحصل سابقًا عند الإعلان عن احتياجات مسابقات أعضاء الهيئة التدريسية والفنية بالجامعات.

كما تساءلوا عن انعكاسات تطبيق نظام المفاضلة لمرحلة الدكتوراه على أعداد الخريجين في البلاد مستقبلًا، وهل لحظت الوزارة تأثيرات هذا القرار على احتياجات سوق العمل كدراسة وافية، تجنبًا لأي نقص قد يحصل، خاصة في مرحلة إعادة الإعمار وفي ظل استمرار الظروف التي قد تساعد على هجرة العقول إلى الخارج.

ورد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الأستاذ الدكتور مروان الحلبي، على هذه الاعتراضات، موضحًا أن مقترح تحويل التسجيل على الدكتوراه من تسجيل مباشر إلى تسجيل من خلال مفاضلة، جاء للأسباب التالية:

  • في التسجيل المباشر، لم يتم العثور على أي معيار أكاديمي يتم اختيار الطلاب على أساسه، الأمر الذي فتح المجال أمام المحسوبيات والمعارف (الفساد) لتسجيل طلاب في بعض الاختصاصات ليسوا مؤهلين للحصول على درجة الدكتوراه.
  • في التسجيل المباشر، أوقفت بعض الكليات تسجيل الطلاب بدون أي مبرر منطقي أو أكاديمي.
  • بشكل عام، يحدد عدد طلاب الدكتوراه في الأقسام من خلال القدرة الاستيعابية وعدد المشرفين القادرين على الإشراف، لكن في التسجيل المباشر لا يتم ضبط عدد الشواغر لدرجة الدكتوراه من قبل الوزارة، بل يحدد من خلال رغبة القسم فقط.
  • عند وجود شواغر لدرجة الدكتوراه أقل من عدد المتقدمين للتسجيل في القسم، ليس هنالك حاليًا أي معيار أكاديمي لتحديد من الأكفأ للتسجيل.
  • التسجيل على درجة الماجستير يتم من خلال مفاضلة، فمن باب أولى أن يتم التسجيل على الدكتوراه أيضًا من خلال مفاضلة للأسباب السابقة، ولتحقيق العدالة ومنح الدرجة للأكفأ علميًا.

وفي رده على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، أجاب الوزير بأنه لا يمكن تطوير العمل إذا كنا نعود للماضي، ونقارن الإجراءات مع ما كان موجود سابقًا، ونتساءل هل من الحكمة والمنطق طلب تطبيق نظام تسجيل غير مضبوط وفيه المجال مفتوح للفساد بحجة تحقيق العدالة؟، معتبراً أنه إذا كان هذا فعلاً مطلب للطلاب فالموضوع بحاجة إلى وقفة أخلاقية طويلة.

وأشار الوزير الحلبي إلى أن معدل درجة الماجستير سيمثل أقل من 0.1 من الوزن الكلي لعلامة المفاضلة فقط، لذات المبررات التي ذكرت بأن معدل الرسالة لم يكن يومًا مقياسًا للجودة في الجامعات إلا ما ندر.

وطمأن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الباحثين بأن مدة إنجاز الرسالة ليست ضمن المعايير التي تدرسها الوزارة في معايير مفاضلة الدكتوراه، لذات المبررات المذكورة، وهي الظروف المعيشية والأمنية للطلاب خلال سنوات الحرب الطويلة التي مرت بها البلاد. وأوضح الوزير أن نشر الأبحاث هو أحد المعايير التي تدرسها "التعليم العالي والبحث العلمي" للمفاضلة وليس شرطًا للتسجيل على الدكتوراه، باعتبار أن إمكانية النشر تتفاوت بين الاختصاصات وتحتاج بالتأكيد لبيئة تمكينية بحثية.

وحول آلية ضبط أعداد الاحتياجات الفعلية للأقسام من طلبة الدكتوراه، جدد الوزير تأكيده أن لدى الوزارة جميع البيانات المتعلقة بأعداد الكادر التدريسي واختصاصاته الدقيقة وأعداد الطلاب الذي يشرفون عليهم من ماجستير ودكتوراه، ولديها الآلية المناسبة والصلاحية لضبط هذه العملية بما يضمن العدالة.

وعن أسس وضع الاحتياجات الفعلية من التخصصات تبعًا لطبيعة وما تتطلبه المرحلة التي تمر فيها البلاد، وتقليص عدد خريجي بعض التخصصات الأخرى محدودة الاحتياج المؤسساتي في الوقت نفسه، قال الوزير إن من مهام واختصاص الوزارة إدارة هذا الموضوع بالتنسيق مع باقي الوزارات والهيئات ذات الصلة.

وفيما إذا كانت الوزارة قد بحثت انعكاسات تطبيق نظام مفاضلة الدكتوراه على عدد الخريجين مستقبلًا، بالتالي على احتياجات سوق العمل، وذلك تلافيًا لأي نقص في ظل استمرار بعض الظروف التي قد تساعد على هجرة العقول، ذكر الوزير أنه بالرغم من أن سوريا بأمس الحاجة للكفاءات العلمية حاليًا من حملة شهادات الدكتوراه، لكن الموضوع مرتبط بالجودة وليس بالعدد.

وأضاف الدكتور الحلبي أن الوزارة تعمل على تهيئة النظام البيئي المتكامل لاستثمار حملة الدكتوراه محليًا، والحد من النزيف المستمر للعقول في الخارج، مع التأكيد أن هذا الموضوع هدف وطني لا يتعلق بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي فقط، إذ أن الوزارة هي منتج للكفاءات لكن ليست وحدها المسؤولة عن سوق العلم والفرص.

وأكد الوزير أنه يجب ألا ننسى أن هنالك حريات شخصية للباحثين، منهم من يود السفر والعمل في الخارج، ولا تستطيع الوزارة منعهم من هذا الحق، إنما تهيئة مكان العمل الأكاديمي المناسب، لتشجيعهم للعمل معها ضمن المسارات الأكاديمية والبحثية.

وكان مجلس التعليم العالي والبحث العلمي أعلن، الاثنين 18 من آب، قرارًا يقضي بإجراء مفاضلة مركزية رقمية موحدة للقبول في برامج الدكتوراه في جميع الجامعات والمعاهد العليا، اعتمادًا على معايير الكفاءة والعدالة والنجاح الأكاديمي، وفق ما نشرته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عبر حساباتها الرسمية.

ومن قرارات مجلس التعليم العالي والبحث العلمي أيضًا، إلغاء نظام القبول بالمفاضلة الخاص بـ"السوري غير المقيم"، إذ يتم قبوله في المفاضلة العامة دون حسم 10% والإعفاء من أي رسوم إضافية تحت اسم "سوري حاصل على شهادة غير سورية".

كما استحدث المجلس كليات وبرامج أكاديمية جديدة في بعض الجامعات العامة، مثل: كلية الشريعة بجامعة اللاذقية، قسم الجيولوجيا في كلية العلوم بجامعة طرطوس، وشعبة الأشعة التداخلية في قسم الأشعة التشخيصية والتصوير الطبي في كلية الطب البشري بجامعة إدلب.

مشاركة المقال: