الأربعاء, 8 أكتوبر 2025 12:41 AM

الانتخابات والمراحل الانتقالية في سوريا: هل هي فرصة أم تحدٍّ؟

الانتخابات والمراحل الانتقالية في سوريا: هل هي فرصة أم تحدٍّ؟

بقلم وزير الإعلام حمزة المصطفى، تتناول هذه المقالة دور الانتخابات في المراحل الانتقالية، حيث يرى الكثيرون أنها حاسمة في تحديد طبيعة النظام السياسي. يعتبر البعض الانتخابات مؤشراً هاماً في قياس الانتقال الديمقراطي، مستندين إلى فكرة أن الديمقراطية تترسخ بعد إجراء دورتين انتخابيتين نزيهتين وعادلتين.

غالباً ما تُطرح الانتخابات كحل سحري لمعالجة الإشكالات الانتقالية، خاصةً قضية الشرعية والتمثيل. لكن السؤال هو: هل هذا النموذج مناسب لجميع الدول، بما فيها سوريا بعد نظام الأسد؟ ستحاول هذه المقالة الإجابة على هذا السؤال بالاعتماد على دراسات الانتقال السياسي والدمقرطة، مع التركيز على الجانب الأكاديمي.

تشير الدراسات إلى أن تأثير الانتخابات على مسار الانتقال يعتمد على طبيعة هذا المسار. تميز الأدبيات بين ثلاثة أنماط رئيسية للانتقال: الانتقال من أعلى، التوافقات الميثاقية، والتغيير من أسفل.

  1. الانتقال من أعلى: يحدث عندما يقتنع النظام السياسي أو جزء منه بضرورة تغيير الحكم لتجنب الانهيار أو الصراع.
  2. التوافقات الميثاقية: تجري عندما يتوافق النظام والمعارضة على مبادئ وإجراءات تؤسس لانتقال سياسي.
  3. التغيير من أسفل: يحدث عندما ترفض النظام القائم أي معالجة سياسية لأزمة عميقة، ما يدفع المعارضة إلى إسقاط النظام.

ترى الدراسات أن الانتخابات خيار مفضل في المسارين الأول والثاني، حيث تكون الخلافات السياسية قابلة للإدارة. أما في المسار الثالث، فغالباً ما تبرز انقسامات حادة، خاصة في البلدان ذات التركيبة الإثنية والدينية المعقدة. في هذين المسارين، تحدد الانتخابات حجم القوى المتصارعة دون المساس بتماسك الدولة. أما في السيناريو الثالث، فغالباً ما تكون الدولة ضعيفة، وتغيب الهوية الوطنية الجامعة.

لذلك، يُحذّر دارسو مسارات الانتقال من اللجوء إلى الانتخابات في المراحل الأولى بعد التغيير من أسفل، لأنها قد تؤدي إلى عودة النظام القديم أو بروز قوى تقليدية. تشير الإحصائيات إلى أن الدول التي أجرت انتخابات مباشرة عقب تغيير من أسفل شهدت نتائج انتقالية سلبية.

إذاً، ما البديل عن الانتخابات؟ لا تعطي دراسات الانتقال أهمية قصوى للشرعية الانتخابية في أعقاب الثورات، إذ إن الشرعية الجديدة تُكتَسب من خلال "شرعية الإنجاز". غير أن ذلك لا يُعفي السلطات الجديدة من ضرورة معالجة "المشروعية القانونية". تلجأ كثير من التجارب الناشئة إلى ابتكار آليات تمثيل مؤقتة تسمح باندماج قوى جديدة في صنع القرار، دون المخاطرة بعودة النظام القديم أو بانقسام المجتمع. وقد شهدت سوريا مثل هذه التجارب عبر "الهيئات الناخبة".

تشترط الأدبيات جملة من الشروط لنجاح الانتقال، من أهمها: الإجماع على الدولة، التوافق على أسس الانتقال، ترميم الانقسامات المجتمعية، إدارة التوقعات الشعبية، طرح برامج تحديث اقتصادي، الانفتاح وتبني حوار شامل، ووضع خريطة انتقال واضحة.

عند إسقاط هذه الاعتبارات على الحالة السورية، نجد أن الحكومة الحالية دعت إلى ترجمة هذه المبادئ من خلال تغليب الحوار والتوافق لتجاوز المرحلة الانتقالية الحرجة. وهكذا تبدو الانتخابات فرصة لتعزيز المسار السياسي وتفعيل مؤسسات الدولة، لكن نجاح ذلك مرهون بإجماع وطني على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وبوضع المبادئ التي تهيئ لانتقال كامل إلى نظام سياسي ديمقراطي مستقر. (أخبار سوريا الوطن 2-صحيفة الثورة)

مشاركة المقال: