الأربعاء, 24 سبتمبر 2025 06:45 PM

التحويلات المالية: شريان حياة للاقتصاد السوري أم مؤشر على هشاشته؟

التحويلات المالية: شريان حياة للاقتصاد السوري أم مؤشر على هشاشته؟

تعتبر التحويلات المالية الخارجية بمثابة شريان الحياة للأسر السورية ومصدر هام للاقتصاد الوطني، خاصة في ظل تراجع الإنتاج وضعف الاستثمار. ورغم مساهمتها في تخفيف حدة الفقر، إلا أنها تعكس في الوقت نفسه هشاشة البنية الإنتاجية وتحول الاقتصاد إلى اقتصاد استهلاكي غير منتج.

إن التحول من الاستهلاك إلى الإنتاج يمثل تحدياً كبيراً، ولكنه ممكن في ظل التوجه نحو سياسات اقتصادية أكثر مرونة وتوقعات بتخفيف العقوبات الخارجية. هذه التطورات قد تمثل بداية لعودة الإنتاج في مختلف القطاعات، وعندها ستصبح الحوالات رافداً للاقتصاد الأسري والوطني على حد سواء.

العرق: الاقتصاد السوري يعتمد بشكل مفرط على التحويلات

عدم الاستقرار

أدت سنوات عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، بالإضافة إلى تداعيات الحرب وتدمير البنية التحتية، إلى تدهور الأوضاع المعيشية في سوريا. كما ساهم الفساد في إدارة الملف الاقتصادي في تفاقم الأزمة.

تستغل التحويلات الخارجية بشكل أساسي في الإنفاق الاستهلاكي. وقد صرح حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر حصرية بأن التحويلات من المغتربين، وخاصة من الإمارات التي تتراوح بين 700 و800 مليون دولار سنوياً، تشكل دعامة أساسية لاستراتيجية المصرف المركزي.

العرق: التحويلات الخارجية ليست أساساً صحياً لبناء اقتصاد طويل الأمد

شريان حياة

أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمود أحمد العرق في حديث لـ "الحرية" أن تصريحات الحاكم حصرية تعكس الواقع، حيث أصبحت التحويلات شريان حياة للاقتصاد السوري في ظل تراجع الصادرات وضعف الاستثمار والعقوبات. وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن التحويلات تشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي السوري (بين 15-20% تقريباً). ومع ذلك، يرى العرق أن الاعتماد المفرط على التحويلات يعكس هشاشة البنية الإنتاجية ويجعل الاقتصاد تابعاً لدخل خارجي غير منتج داخلياً، حيث لا تتحول هذه الموارد إلى استثمارات إنتاجية بل إلى إنفاق استهلاكي مباشر.

العرق: الاعتماد المستمر على الحوالات دون إصلاحات هيكلية في الإنتاج يبقي الاقتصاد هشاً وتابعاً

إنقاذ مؤقت

أكد العرق أن التحويلات تعتبر مصدراً هاماً للقطع الأجنبي، لكنها ليست أساساً صحياً لبناء اقتصاد مستدام. فالتحويلات تنقذ الاقتصاد مؤقتاً، ولكنها لا تبنيه. والاعتماد المستمر عليها دون إصلاحات هيكلية في الإنتاج المحلي سيبقي الاقتصاد في حالة هشاشة وتبعية.

يرى العرق أن المشكلة تكمن في غياب البدائل الإنتاجية وتراجع الزراعة والصناعة، بالإضافة إلى مركزية التحويلات وتأثرها بتغيرات سياسات دول الخليج أو أوضاع المغتربين. كما أن غالبية هذه التحويلات تذهب للأمور المعيشية، مع ضعف دور الحكومة في توجيهها للبناء الاقتصادي والاجتماعي.

تشير إحصائية سابقة إلى أن قيمة الحوالات تتراوح ما بين 5 إلى 7 ملايين دولار في الأيام العادية، وترتفع إلى أكثر من 10 ملايين دولار في المواسم والأعياد. وبعد تحرير سوريا في أواخر العام الفائت، زادت نسبة القطع الأجنبي بسبب الحوالات أو زيادة عدد المغتربين القادمين إلى سوريا.

في ظل التحديات الناجمة عن ضعف الإنتاج، يجب على الحكومة البحث عن مصادر دخل مستدامة، وإدارة الموارد الطبيعية، وفرض الضرائب، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، واعتماد قوانين مالية جديدة وحوكمة حقيقية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: