الأحد, 23 نوفمبر 2025 08:11 AM

الزراعة العضوية: نظام مستدام يحافظ على البيئة وصحة الإنسان

الزراعة العضوية: نظام مستدام يحافظ على البيئة وصحة الإنسان

تعتبر الزراعة العضوية من الاتجاهات الحديثة البارزة في مجال الإنتاج الزراعي، لما تتضمنه من فوائد صحية وبيئية، واستثمار للموارد الطبيعية المتجددة داخل المزرعة، بعيداً عن الأسمدة والمبيدات الكيميائية، مما يجعلها خياراً استراتيجياً في مواجهة التحديات الزراعية المعاصرة.

أوضحت المهندسة ريم حسن، رئيس دائرة الزراعة العضوية في البحوث العلمية الزراعية بطرطوس، لصحيفة الثورة، أن الزراعة العضوية هي نظام زراعي إنتاجي آمن بيئياً، يعتمد على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية الزراعية، من خلال استخدام الموارد الداخلية للمزرعة، مثل المخلفات النباتية والحيوانية، كبديل عن الأسمدة والمبيدات الكيميائية المصنعة والمواد المعدلة وراثياً ومنظِّمات النمو والإضافات العلفية المركزة.

وأشارت إلى أن الزراعة العضوية تعتمد على استخدام الدورات الزراعية والأسمدة العضوية، بالإضافة إلى المكافحة الوقائية والحيوية، وتعتبر من أفضل الأساليب الزراعية للحفاظ على سلامة المحصول الزراعي، وبالتالي صحة الإنسان. تهدف هذه الزراعة بشكل أساسي إلى إنتاج غذاء صحي خالٍ من بقايا الأسمدة والمبيدات الكيميائية، والمحافظة على التوازن البيئي والتنوع الحيوي، وتطوير أساليب إنتاج صديقة للبيئة والتقليل من التلوث، فضلاً عن تحسين خصوبة التربة والحفاظ عليها.

وبينت المهندسة ريم حسن وجود بدائل للأسمدة الكيميائية، حيث يسمح باستخدام العديد من الأسمدة العضوية، كالأسمدة الحيوانية مثل مخلفات الأبقار والطيور والدواجن، والمخلفات النباتية وبقايا المحاصيل، كمخلفات الشعير والحمص والعدس والذرة وغيرها. كما يمكن استخدام الأسمدة الخضراء الغنية بالعقد الآزوتية، كالنباتات البقولية التي تُقلب في التربة عندما تصل لحجم معين، مثل الفول والبرسيم. وأيضاً تحضير أسمدة من مخلفات المزرعة والبقايا النباتية وروث الحيوانات وتخميرها ضمن شروط معينة للحصول على الكمبوست، الذي يُعتبر سماداً جيداً وخالياً من الملوثات. كما يمكن استخدام السائل الحيوي الناتج عن وحدة إنتاج الغاز الحيوي، والسماد الدودي (الفيرمي كمبوست)، إضافة إلى المستخلصات النباتية الطبيعية وغيرها.

وأشارت إلى أن البحوث العلمية الزراعية تدعم الزراعة العضوية، ففي طرطوس تم إنشاء موقع للزراعة العضوية، وهو "موقع زاهد للزراعة العضوية"، ويشمل وحدة إنتاج الغاز الحيوي لإنتاج السائل الحيوي الذي يستخدم بالتسميد، وحقول الحمضيات العضوية، ومجمعاً للنباتات الطبية والعطرية، إضافة إلى بعض الخضار في الزراعات المحمية.

ولفتت حسن إلى أنه تم تنفيذ العديد من الأبحاث ضمن خطة عمل الهيئة، شملت استخدام بعض المخصّبات العضوية والأسمدة الخضراء على الزيتون، وتأثير الكمبوست والفيرمي كمبوست في نمو وإنتاجية بعض النباتات، وتأثير بعض المستخلصات الطبيعية في نمو وإنتاجية الليمون الماير، وتأثير السائل الحيوي الناتج عن المخمر في نمو وإنتاجية خضار الزراعات المحمية، وغيرها العديد من الأبحاث. ولا تزال الأبحاث مستمرة في مجال الزراعة العضوية، وسيتم العمل على بعض المستخلصات النباتية ودراسة تأثيرها في نمو وإنتاجية النبات، إضافة لدورها في الحد من بعض الأمراض لخضار البيوت المحمية.

تتمثل أهم المشكلات التي تعاني منها الزراعة العضوية -حسب حسن- في مكافحة الأمراض والآفات، حيث يُعمل على دراسة أثر بعض المواد الطبيعية ودورها في المكافحة. كما أن هناك صعوبة في إقناع المزارعين بالتوجه نحو الزراعة العضوية، فالتوجه العام لمزارعينا هو الإنتاج الوفير والسريع، ما يدفعهم إلى الإكثار من استخدام الأسمدة الكيميائية والمغذيات والمبيدات، في حين أن الزراعة العضوية تحتاج إلى مراحل للوصول إلى إنتاج عضوي. إضافة إلى ذلك، هناك قلة في وعي المستهلك بأهمية المنتج العضوي وضرورة تناول المنتجات الصحية في ظل انتشار الأمراض.

وختمت حسن بالتأكيد على أن الزراعة العضوية أصبحت ضرورة ملحة، في ظل الانتشار الكبير للأمراض الناتجة عن الاستخدام المفرط للأسمدة والمبيدات الكيميائية والمواد الحافظة، وما لذلك من آثار سلبية على البيئة والتربة، منوهة بضرورة العمل على دعم وتطوير الزراعة العضوية، وتكثيف البرامج الإرشادية للتعريف بأهميتها ودورها في الحفاظ على صحة الإنسان والبيئة، وتحسين خصوبة التربة والتقليل من التلوث من أجلنا ومن أجل الأجيال القادمة، إضافة إلى ضرورة نشر الوعي لدى المستهلك عن أهمية المنتج العضوي ودوره في الحفاظ على صحة الإنسان. (أخبار سوريا الوطن2-الثورة) فادية مجد

مشاركة المقال: