الثلاثاء, 23 سبتمبر 2025 04:02 PM

السعودية تقنن الذكاء الاصطناعي: غرامات على انتهاك حقوق الملكية الفكرية

السعودية تقنن الذكاء الاصطناعي: غرامات على انتهاك حقوق الملكية الفكرية

في تطور لافت، فرضت الهيئة السعودية للملكية الفكرية في أيلول/ سبتمبر 2025 غرامة على شخص قام بنشر صورة معدلة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي دون الحصول على إذن من صاحبها. تعكس هذه الخطوة وعيًا تشريعيًا متقدمًا بأهمية مواكبة التحولات الرقمية وحماية الحقوق في ظل التطورات التقنية المتسارعة.

المحامي والمستشار القانوني عيسى المعاني، المتخصص في القانون التجاري وتنظيم البيانات والذكاء الاصطناعي، أوضح لـ"النهار" أن أهمية هذا الحكم تتجاوز قيمته المالية (9,000 ريال سعودي، أي حوالي 2,400 دولار أمريكي). فهو يمثل سابقة في المنطقة لتطبيق قوانين حماية المؤلف التقليدية على المحتوى المعدل باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وأضاف المعاني أن "الهيئة اعتمدت على نصوص قانون حماية المؤلف (المرسوم الملكي رقم M/41)، مما يدل على مرونة القوانين السعودية وقدرتها على استيعاب التحديات الحديثة دون الحاجة إلى انتظار تشريعات جديدة".

ويرى المعاني أن المرسوم الملكي الرقم M/41 أثبت كفايته في ردع الانتهاكات المباشرة، مثل نشر صورة معدلة دون إذن. ومع ذلك، توجد قضايا أكثر تعقيدًا لا يغطيها القانون بشكل كامل، مثل استخدام المصنفات المحمية كبيانات تدريب للنماذج، ووضع معايير للإفصاح عن مجموعات التدريب، وتحديد المسؤوليات بين مطوري الخوارزميات ومزودي النماذج والمنصات الناقلة للمحتوى.

للمقارنة، أشار المعاني إلى أن الاتحاد الأوروبي اعتمد إطارًا شاملاً عبر قانون الذكاء الاصطناعي (EU AI Act)، بينما فضلت الولايات المتحدة، من خلال لجنة التجارة الفيدرالية (FTC)، التركيز على إنفاذ قوانين حماية المستهلك ضد الادعاءات المضللة، دون وجود إطار فيدرالي موحد حتى الآن.

ويرى المعاني أن التجربة السعودية تقدم نموذجًا يمكن أن تستفيد منه الدول العربية الأخرى، حيث تثبت أن تفعيل القوانين الحالية، مع تطوير آليات حفظ الأدلة الرقمية وتلقي الشكاوى الإلكترونية، يمكن أن يحمي الحقوق بفعالية.

واقترح المعاني اعتماد نهج مختلط يجمع بين التطبيق الفوري للنصوص القائمة ووضع تشريعات مرحلية تغطي خصوصية المحتوى المولّد آليًا. ومن بين الإجراءات العملية الممكنة إلزام المنصات المحلية بطلب تراخيص مسبقة عند استخدام صور المستخدمين في التدريب، وفرض عقوبات إدارية سريعة على حالات النشر التجاري غير المصرح به.

وقدم المعاني مجموعة من التوصيات العملية للمشرعين والمنصات والشركات وحاملي الحقوق والمحامين، تشمل إدخال تعديلات عاجلة لتعريف "المحتوى المولّد آليًا"، ووضع قواعد لحفظ الأدلة الرقمية، وتمكين الإفصاح القضائي المحدود عن بيانات التدريب، وتحديث شروط الاستخدام، وتوفير آليات واضحة للإبلاغ عن الانتهاكات، وتطوير استراتيجيات إثبات تقنية، وتعزيز سلاسل الأدلة الرقمية، وخوض دعاوى نموذجية تحدد المسؤوليات القانونية بوضوح.

وأكد المعاني أن هذه السابقة تؤكد ريادة السعودية في العالم العربي في مواكبة التطورات التشريعية. فالسعودية لم تكتف بردع الانتهاك القائم، بل فتحت نقاشًا أوسع حول كيفية تنظيم الذكاء الاصطناعي وحماية الحقوق في المستقبل. واختتم حديثه لـ"النهار" بالإشارة إلى أن "التجربة السعودية دليل على أن القوانين التقليدية يمكن أن تتفاعل مع التقنيات الجديدة بفاعلية، وأن التحدي المقبل هو صياغة أطر تنظيمية أكثر تفصيلاً تجمع بين حماية الحقوق وتشجيع الابتكار في العالم العربي".

المصدر: النهار

مشاركة المقال: