الخميس, 27 نوفمبر 2025 01:18 PM

السودان يشترط تنفيذ اتفاق جدة قبل وقف إطلاق النار مع الدعم السريع وأمريكا تدعو إلى هدنة غير مشروطة

السودان يشترط تنفيذ اتفاق جدة قبل وقف إطلاق النار مع الدعم السريع وأمريكا تدعو إلى هدنة غير مشروطة

أكد وزير الخارجية السوداني، محي الدين سالم، يوم الأربعاء، على أهمية تنفيذ بنود "اتفاق جدة" قبل الموافقة على أي وقف لإطلاق النار مع "قوات الدعم السريع".

في أعقاب اندلاع الصراع بين الجيش و"قوات الدعم السريع" في أبريل 2023، توصل الطرفان إلى اتفاق هدنة في مدينة جدة السعودية في 11 مايو من العام نفسه، برعاية الرياض وواشنطن. تضمن الاتفاق بنودًا مثل الالتزام بحماية المدنيين وانسحاب "الدعم السريع" من المنشآت المدنية، وهو ما لم تلتزم به الأخيرة.

وفي مؤتمر صحفي في مدينة بورتسودان، صرح سالم: "موقفنا واضح، يجب أن يسبق تنفيذ اتفاق منبر جدة أي اتفاقيات لوقف إطلاق النار، وذلك لإثبات الجدية".

كما اشترط ضرورة انسحاب قوات الدعم السريع من المدن ورفع الحصار عنها.

من بين 18 ولاية في البلاد، تسيطر "الدعم السريع" على ولايات إقليم دارفور الخمس في الغرب، باستثناء بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور التي يسيطر عليها الجيش. ويسيطر الجيش على معظم مناطق الولايات الـ 13 المتبقية، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.

منذ أكثر من عام، تفرض "الدعم السريع" حصارًا خانقًا على ثلاث مدن هي بابنوسة والدلنج وكادوقلي في ولايتي جنوب كردفان وغرب كردفان جنوبي البلاد، حيث يعاني السكان من أوضاع إنسانية صعبة ونقص في الغذاء والدواء.

وأضاف وزير الخارجية: "على المجتمع الدولي أولاً: تصنيف المليشيا (قوات الدعم السريع) كمجموعة إرهابية، وثانيًا أن يتعامل وفقًا للقانون الدولي مع المرتزقة من عدة دول (لم يحددها) داخل المليشيا".

وتابع: "بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023، ذهبنا إلى مدينة جدة السعودية وجلسنا للتفاوض وتوصلنا إلى مخرجات، لكن مليشيا الدعم السريع لم تطبق هذه المخرجات، ولم يقم أحد من المحيط الإقليمي أو الدولي بإجبارها على تطبيقها".

وأردف: "لن نقبل أن تلقى مخرجات منبر جدة في سلة المهملات، ولن نقبل أن تطرح أوراق أخرى علينا أو أن يخرج من يتحدث دون مشاوراتنا (دون تسمية جهة)".

وشدد على إعلان الحكومة السودانية مرارًا استعدادها "للجلوس من أجل حل سلمي مستدام يحفظ سيادة السودان وسلامة أراضيه"، مضيفًا: "لا نريد أن نذهب إلى سلام ناقص يفتح المجال لحرب أخرى".

في سبتمبر 2025، طرحت الرباعية الدولية (الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات) خطة تدعو إلى هدنة إنسانية في السودان لمدة 3 أشهر، تمهيدًا لوقف دائم للحرب، ثم عملية انتقالية جامعة خلال 9 أشهر، تقود نحو حكومة مدنية مستقلة.

على الرغم من استمرار "قوات الدعم السريع" في ارتكاب جرائم بحق المدنيين وتوسيع رقعة سيطرتها في ولايات دارفور وكردفان، أعلن قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" موافقته على هدنة من طرف واحد لمدة 3 أشهر.

بينما تحفظ رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان على خطة الرباعية التي قدمها مسعد بولس مستشار الرئيس الأمريكي، لأنها "تلغي وجود الجيش، وتحل الأجهزة الأمنية، وتبقي المليشيا المتمردة في مناطقها" التي احتلتها.

لكن الحكومة السودانية تؤكد في الوقت ذاته أنها ترحب بالتفاوض وفقًا لخريطة طريق قدمتها الخرطوم للأمم المتحدة، وتشترط في هذا الإطار انسحاب "قوات الدعم السريع" من المدن والمنشآت المدنية كافة، حتى يعود عشرات آلاف النازحين إلى مناطقهم.

وأشار وزير الخارجية السوداني كذلك إلى أن حكومته "قدمت رؤيتها الإنسانية قبل كارثة (مدينة) الفاشر في أكتوبر الماضي، ومجلس الأمن الدولي أصدر قرارًا بشأن الفاشر (13 يونيو 2024)، ولكن لم يفعل المجتمع الدولي شيئًا".

ولفت إلى أن "المجتمع الدولي لم يتداع لوقف انتهاكات الدعم السريع من قتل وتعذيب".

وفي 26 أكتوبر الماضي، استولت "الدعم السريع" على الفاشر التي كانت تحاصرها منذ مايو 2024، لكن مأساة المدينة تعمقت مع تدهور الأوضاع الأمنية ونزوح عشرات الآلاف خوفًا من انتهاكات جسيمة اتُهمت هذه القوات بارتكابها.

وأوضح سالم أن "الحوار هو السبيل الوحيد لحل النزاعات وأن يكون سودانيًا خالصًا برعاية إقليمية دولية دون التدخل في الشأن الداخلي".

وزاد: "المفاوضات على الطاولة، وليس من حق أحد أن يفرض علينا حلاً لا نؤمن به أو لا يستجيب لتطلعاتنا".

وأوضح أن الحكومة السودانية "قدمت رؤيتها الإنسانية إلى الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية".

وفي مارس الماضي، قدمت الحكومة السودانية للأمم المتحدة خارطة طريق للسلام تتضمن خطوات تهدف إلى وقف النزاع، وإعادة النازحين، واستئناف الحياة العامة، وترتيبات المرحلة الانتقالية لما بعد الحرب.

وتتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان جراء الحرب التي أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.

إلى ذلك، دعا مستشار الرئيس الأمريكي للشئون الإفريقية والعربية مسعد بولس، الأربعاء، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للالتزام بهدنة إنسانية دون شروط مسبقة.

وكتب بولس: "أقدّر فرصة اللقاء بكلٍّ من نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، ومستشار الأمن الوطني طحنون بن زايد آل نهيان، والمستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة أنور قرقاش، بينما نعمل معا ومع شركائنا في مجموعة الرباعية، للدفع بشكل عاجل نحو السلام وتقديم المساعدات الإنسانية في السودان".

وأضاف بولس: "نتوقع من قوات الدعم السريع والجيش السوداني الالتزام بوقفٍ إنساني لإطلاق النار دون شروط مسبقة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق".

وشدد على أن "الهدنة ضرورية لإنقاذ الأرواح وتمثل خطوة حاسمة نحو حوار مستدام، وانتقال إلى الحكم المدني، وسلام دائم لشعب السودان".

مشاركة المقال: